المعارضة المغربية تستنكر دعاية تلفزيونية وظفت رموزا وطنية لأغراض انتخابية

تفاعل المعارضة السريع مع مقطع ترويجي يعبر عن محاولات أحزابها لتعزيز مواقعها وتوسيع قاعدتها الانتخابية.
الثلاثاء 2025/03/25
سجال سياسي مستمر بين المعارضة والأغلبية

وجهت المعارضة البرلمانية بمجلس النواب المغربي، سؤالا كتابيا لوزير الشباب والثقافة والتواصل حول “حيثيات الاستغلال السياسي لإمكانيات عمومية في إنتاج وبث مقطع يروّج للمونديال (كأس العالم) والحكومة لأغراض دعائية وانتخابية.”

وترى أطراف المعارضة أن ذلك المقطع يتضمن إحالاتٍ توظيفية على رموز ودلالات للمشترك الوطني الذي لا يقبلُ الاستغلال السياسوي بطعم الدعاية الانتخابية المغلَّفَة، كما أنه ينطوي على دعوة مُبَطَّنَة إلى الجمهور لتمرير فكرة الاستمرار في الحكومة، أي الفوز في الانتخابات المقبلة، تحت غطاء الطموح نحو قيادة حكومة مونديال 2030، وبالتالي فإنه مادة تُوظف عناصر وثوابت تنتمي إلى حقل المشترك الوطني والشعور الجمْعي للمغاربة، لكن بخلفيات الاستمالة الانتخابية التي لا تخفى طبيعتها السياسية والفئوية الحزبية.”

وأكد النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن المقطع يخلطٌ بشكل ملتبس وإرادي مع الحصيلة الحكومية التي لها إطارُها الخاص لتقديمها ومناقشتها والترافع السياسي عليها وفق قواعد التنافس الشريف والنزيه والمتكافئ، لاسيما وأنه يروِّجُ لما سُمّيَ بـ“منجزات حكومية” تحتمل في الواقع تبايُنَ واختلاف التقدير السياسي، بشأن مدى تحقُّقها وتقييم نجاعة تفعيلها، بين المعارضة والأغلبية، إذ نراها من موقعنا “منجزات حكومية وهمية” بالنظر إلى ما ينطوي عليه تفعيلُها من إخلالات كبيرة، بشهادة مؤسسات وطنية رسمية مستقلة (إصلاح التعليم؛ دعم السكن؛ برنامج فرصة؛ الدعم الاجتماعي المباشر؛ التأمين الإجباري عن المرض).

وتبث القناة الثانية المغربية وعلى شبكة الإنترنت، مقطعا مدته نحو دقيقتين و20 ثانية، تحت عنوان “إنجازات حكومية كبيرة تمَّ إنجازها من أجل الوصول للمغرب للي بغيناه سنة 2030 ومازال طموحنا أكبر،” إذ تبدأ هذه المادة السمعية البصرية، بالإشارة إلى منجز المنتخب الوطني لكرة القدم في مونديال 2022، وتنتهي بصورة ثابتة ترمز لشعار المملكة المغربية.

وشدد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، على أن المعارضة لم تكتف بانتقاد الحصيلة الحكومية التي اعتبرتها غير كافية، وتطمح من خلال هذه الخطوة إلى محاولة كبح جماح الأغلبية الحكومية التي انخرطت مبكرا في السباق الانتخابي، والذي يعكس تنافسًا مبكرًا على المواقع القيادية والانتخابية، ويأتي في سياق السعي لتحقيق مكاسب سياسية قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

رشيد لزرق: المعارضة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى كبح جماح الأغلبية
رشيد لزرق: المعارضة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى كبح جماح الأغلبية

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “تفاعل المعارضة السريع مع مقطع ترويجي، يعبر عن محاولات أحزابها لتعزيز مواقعها وتوسيع قاعدتها الانتخابية، من خلال تسليط الضوء على مكامن ضعف مكونات الأغلبية التي تعيش بدورها أزمة نتيجة تحديات بارزة، على رأسها ارتفاع تكاليف المعيشة التي ترهق كاهل الأسر والتي تعد نقطة سلبية في استقطاب الأصوات الانتخابية مستقبلا،” لافتا أن “هذا ما دفع إلى الاعتماد على محتوى ترويجي تفطنت المعارضة إلى أنه عبارة عن  حزبٍ سياسي، وأيضا مع المقتضيات التي تمنع أن يكون بث البرامج يُمجِّدُ مجموعاتٍ ذات مصالح سياسية.”

وبموازاة ذلك وجه كل من نبيل بن عبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، المعارضين، شكايتين لكل واحد منهما إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري(الهايكا) حول مقطع دعائي ترويجي للمونديال تم بثه على القناة الثانية (دوزيم)، وشبكة الإنترنت، اعتبراه يتضمن دعاية للحكومة ودعوة لاستمرارها بعد انتخابات 2026، ويخلط بشكلٍ مقصود ومُضَلِّل بين مفهوم المحتوى والفيديو المؤسساتي.

وقال محمد أوزين، إن “هذا في الواقع يخفي حملة انتخابية قبل أوانها القانونية،” مشيرا إلى أننا أمام فيلم حزبي برسائل سياسية، ولهذا نطالب بوضع حد لهذا التسيب المؤسساتي غير المسبوق والتسلط الحكومي غير المعهود في تواطؤ مع القناة الثانية الممولة من جيوب دافعي الضرائب، وإنها قمة الاستهتار بمسؤولية السهر على شؤون الدولة عندما يتم اختزال مشروع ملك وشعب في برامج قطاعية خيبت كل الآمال وأجهزت على كل التطلعات، وقرصنة مشاريع قامت بها الحكومات السابقة، بل أصبحت تنسب مشاريع ملكية لنفسها كتنظيم المغرب لمونديال 2030، وشريكتها في السطو، القناة الثانية التي أصبحت ملحقة تابعة لها.”

واستندت المعارضة على القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري، في مواده المتعلقة بالإشهار غير المعلن؛ والإشهار الممنوع ذي الطابع السياسي؛ والإشهار المتضمن لمزاعم مغلوطة من شأنها أن تُوقِعَ المستهلك في الخطأ؛ وحفاظ المنتوجات السمعية البصرية على الطابع التعددي لتيارات الرأي بمعزل عن أي ضغط سياسي أو أيديولوجي أو اقتصادي؛ وأيضا مع إلزام القطاع العمومي وكل متعهدي الاتصال السمعي البصري بأن يقدموا مواد متعددة المصادر وصادقة ونزيهة ومتوازنة ودقيقة، بحيادية وموضوعية.

وقد طالبت المعارضة بالكشف عن مصدر ومبلغ تمويل إنتاج هذا العمل الدعائي الانتخابي، الذي تشير المعطيات المتوفرة لدينا (لكم أن تؤكدوها أو تنفوها) إلى أنه تمَّ من المال العام، والأطراف التعاقدية التي تدخلت في إنتاج هذه المادة السمعية البصرية وشكلِ هذا التعاقد أو الصفقة، ومبالغ ومصادر المقابِلِ المالي لكُلفة تسويق هذا الفيديو ودعمِ ترويجه سواء في قطب الإعلام العمومي أو في مواقع الإنترنت.

4