استعدادات حزبية مبكرة لانتخابات البرلمان المصري المقبلة

توسيع دائرة التحالفات السياسية لتجنب استبعاد الأحزاب الصغيرة.
الأحد 2025/03/23
سباق مختلف حول البرلمان الجديد

القاهرة - بدأت الأحزاب المصرية الاستعداد المبكر للانتخابات التشريعية المتوقع انعقادها قبل نهاية العام الجاري، مع أن القوانين المنظمة لها لم تُطرح للنقاش العام، ما يعكس تعامل بعض الأحزاب بجدية مع العملية الانتخابية المقبلة.

وقرر حزب "الجبهة الوطنية" تشكيل لجنة برئاسة ضياء رشوان نائب رئيس الحزب ورئيس مجلس أمناء الحوار الوطني أيضا، من أجل إعداد برنامج الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما يلبّي مطالب المواطنين.

واستقر الحزب على تشكيل لجنة خاصة بالاستعداد للانتخابات، مهمتها اختيار أفضل العناصر للتقدم بها في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، على أن يتم فرز الأسماء المرشحة ومراجعتها، تمهيدا لإعداد قائمة نهائية بالعناصر التي سوف يتم الدفع بها.

واتجهت أحزاب قريبة من الحكومة نحو تشكيل لجان متخصصة لإعداد وتجهيز برامج انتخابية، قالت إنها ستكون متناغمة مع تطلعات الشارع، وذهب بعضها إلى إعادة تشكيل الأمانات الفرعية، وانتقاء عناصر لها خبرة سياسية وقاعدة شعبية.

وهناك تركيز واضح على ملف الشباب للدفع بهم في الانتخابات المقبلة، ما يعبّر عن رغبة في البحث عن وجوه تساهم في تحريك المياه الراكدة في الملف السياسي، وهو توجّه تدعمه دوائر حكومية كنوع من تجديد الدماء والبحث عن كوادر واعدة.

محمد سامي: المصلحة تقتضي ألا تفرز انتخابات البرلمان المقبلة حزبا يحظى بالأغلبية المطلقة
محمد سامي: المصلحة تقتضي ألا تفرز انتخابات البرلمان المقبلة حزبا يحظى بالأغلبية المطلقة

وأعلن حزب “الوعي”، والذي يقف في منطقة رمادية بين الحكومة والمعارضة، أنه سيرشح الكوادر القادرة على العمل السياسي وفقا لمعيار الكفاءة، مع منح فرصة للشباب والفئات المهمشة والطموحين، وخلق جيل جديد يثري العمل البرلماني.

وأعلن حزب “المصريين الأحرار” إعداد قائمة بمرشحيه لانتخابات مجلسي النواب والشيوخ، تضم نخبا لديها خبرة وشعبية، بينهم شباب تم إعدادهم وتأهيلهم ببرامج للقيادة والتدريب السياسي، وينتظر الحزب الشكل النهائي لنظام الانتخابات.

وحسب نصوص الدستور المصري وقوانين مجلسي النواب والشيوخ، فإن إجراء الانتخابات البرلمانية تتم قبل نهاية الفصل التشريعي بـ60 يوما، وتقرر أن تبدأ انتخابات مجلس الشيوخ منتصف أغسطس المقبل، بينما تنطلق انتخابات مجلس النواب في الأسبوع الأول من نوفمبر العام الجاري. وتشير التحركات الحزبية إلى أن التوجه في الانتخابات التشريعية المقبلة سيدعم التحالفات، والعديد من الأحزاب المصرية تحدثت عن وضع خطط ضمن تكتلات.

ومن هؤلاء حزب “الجبهة الوطنية”، الذي أثار جدلا واسعا منذ تأسيسه بحكم الأسماء الشهيرة التي حواها، وقرر خوض الانتخابات ضمن تحالف قوي لم يُعلن عن تفاصيله بعد، وشجّع أحزابا أخرى على تكرار نفس الفكرة بعيدا عن المنافسة التي تحمل طابعا فرديا وقد تشتت الكتل التصويتية.

وترى دوائر سياسية أن النقاش المعلن حول تشكيل تحالفات انتخابية من قوى وأحزاب يعني وجود اتفاق لخوض الانتخابات بقوائم تكتلات، وهذه ستكون الركيزة الأساسية التي ستخوض بها الأحزاب انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.

وما يعزز تلك الرؤية أن ترتيبات التحالفات الانتخابية بدأت مبكرا رغم عدم تحديد النظام الذي سوف تُجرى من خلاله العملية الانتخابية، ما يشير إلى أن الاستحقاق المقبل لن يكون سهلا، فكل حزب يسعى للتواجد والتمثيل البرلماني ولو بمقاعد محدودة بعيدا عن الاستبعاد الكلي من الجهة التشريعية.

وبدأت أحزاب صغيرة ومتوسطة الشعبية تنشط في اتجاهات مختلفة، وقررت الإعداد المبكر للانتخابات البرلمانية والسعي نحو إنشاء وتفعيل أدوار القواعد الحزبية لها في الأقاليم، لأن الكيانات الحزبية الصغيرة لن تدخل البرلمان سوى عبر تحالفات.

وتجرى الانتخابات بواقع 284 مقعدا بالنظام الفردي ومثلهم بنظام القائمة المغلقة المطلقة، مع أحقية المستقلين وممثلي الأحزاب في الترشح على النظامين معا، لكن هذا القانون محل انقسام بين الأحزاب والقوى السياسية، وهناك مطالبات بتعديله.

ولم تستقر الحكومة على نظام الانتخابات، حيث رفع الحوار الوطني ثلاث توصيات مرتبطة بقانون الاستحقاقات التشريعية بعد أن ناقش الملف مع شخصيات عامة وحزبية وحقوقية، وانتهى الأمر إلى ترك السلطة تختار من التوصيات الثلاث لتضع نظاما انتخابيا مرضيا لكل الأطراف من دون إقصاء لأحد.

وتضمنت توصيات الحوار الوطني لشكل الانتخابات المقبلة ثلاثة مقترحات، الأول: الإبقاء على الوضع الحالي دون تغيير، والثاني إقرار نظام القائمة النسبية بنسبة 100 في المئة، والثالث تطبيق نظام مختلط يجمع بين القوائم المغلقة والمطلقة والنسبية والنظام الفردي، بنسب متفاوتة.

◙ النقاش المعلن حول تشكيل تحالفات انتخابية من قوى وأحزاب يعني وجود اتفاق لخوض الانتخابات بقوائم وتكتلات

وقال محمد سامي الرئيس السابق لحزب الكرامة لـ”العرب” إن المصلحة تقتضي ألا تفرز انتخابات البرلمان المقبلة حزبا يحظى بالأغلبية المطلقة، وأن يكون هناك تمثيل برلماني لمختلف الأحزاب، فالدستور نص على التعددية الحزبية وهذا ليس مطبّقا في البرلمان الحالي، ومن الخطأ استمراره.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن التحالفات الانتخابية ليست كلها معيبة، وأحيانا تكون فيها فائدة لأحزاب صغيرة لا تمتلك ملاءة مالية أو أفرعا وقواعد حزبية بالأقاليم، والعبرة في كيفية تفعيل ذلك بما لا يجعل مجموعة أحزاب تحتكر المشهد، ومن المهم أن تكون لدى الحكومة رؤية لتفعيل التعددية الحزبية لتحسين المناخ السياسي.

وتتمسك قوى المعارضة بإجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة النسبية، بحيث يتم توزيع المقاعد حسب ما يحصل عليه كل حزب من أصوات، لكن الأحزاب القريبة من الحكومة تدعم نظام القائمة المغلقة، وسط مخاوف من إعادة إنتاج برلمان يهيمن عليه صوت واحد ولا تحصل المعارضة على مقاعد.

ومن شأن توسيع فكرة التحالفات الانتخابية أن تتراجع الهيمنة على مقاعد البرلمان، وهذا توجه تدعمه دوائر داخل النظام بحيث لا يتم استبعاد أيّ حزب، لأن التحالف الانتخابي يتيح التمثيل الواسع للأحزاب على مستوى الترشح والمنافسة والفوز بمقاعد، وتضمن لكل تيار سياسي استقلالية برلمانية.

وفي مصر نحو 87 حزبا سياسيا بينها 14 فقط ممثلة في مجلسي النواب والشيوخ بالانتخاب أو التعيين، ولم تنجح الأحزاب الأخرى في الوصول إلى البرلمان، لكن دوائر حكومية فاعلة في هندسة المشهد السياسي ترفض تكرار هذا المشهد خلال الانتخابات المقبلة، وترغب في تمثيل الجميع، أو على الأقل الأغلبية.

وترفض المعارضة إعادة انتخاب برلمان من مجموعة أحزاب لديها نفس القناعات المعادية لكل ما هو مخالف للنظام ولو بالكلمة، لأن ذلك يتناقض مع تأكيد الحكومة حرصها على وجود قوى وطنية مختلفة، ما يجعل النظام الانتخابي المرتقب اختبارا حقيقيا لمستقبل علاقة النظام بالبرلمان والمعارضة معا.

4