توافق على الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا

المتابعون للشأن الليبي متخوفون من إمكانية أن تصطدم مخرجات اللجنة الاستشارية برفض من الفاعلين السياسيين.
الخميس 2025/03/20
الانتخابات نقطة خلاف رئيسية في ليبيا

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) عن اختتام اللجنة الاستشارية اجتماعها الخامس في طرابلس بعد ثلاثة أيام من النقاشات. وقالت البعثة في بيان إن اللجنة تلقت تكليفاً بمراجعة الإطار الانتخابي الحالي واقتراح حلول لتجاوز العقبات التي تعرقل إجراء الانتخابات، مضيفة أنها واصلت بحث القضايا الخلافية المرتبطة بالإطار الانتخابي، مع التركيز على العناصر الأساسية اللازمة لضمان بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات.

وتضطلع اللجنة الاستشارية، التي أنشأتها البعثة الأممية، بمهمة تقديم مقترحات ذات جدوى فنية وسياسية، بهدف تسوية القضايا العالقة وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات. وعقدت اللجنة اجتماعات مع أعضاء لجنة “6+6” المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، ومع رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للمفوضية العامة المستقلة للانتخابات، بهدف التوصل إلى وضع قاعدة انتخابية جديدة يتم اعتمادها في تحديد معالم المسار الانتخابي المرتقب.

وبحسب أوساط مطلعة، فإن اللجنة توصلت إلى اتفاق على ضرورة أن يتم الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما يتمسك به رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة والمتحالفون معه من أمراء الحرب وتيار الإسلام السياسي ممن يدافعون عن ضرورة أن يتم انتخاب البرلمان أولا ثم انتخاب رئيس للدولة من قبل النواب وبصلاحيات ضيقة.

ووفق مراقبين، فإن هناك تيارا واسعا في غرب البلاد يعمل على فرض النظام البرلماني وعلى أن يستمر الاتفاق، على أن يكون منصب رئيس الحكومة من إقليم طرابلس ذات الكثافة السكانية الأكبر والخزان الانتخابي الأوسع وبالتالي الأقدر على فرض خياراته خلال أي استحقاق مرتقب.

ويضيف المراقبون أن أطرافا داخلية مدعومة من قوى إقليمية ودولية ترفض تنظيم الاستحقاق الرئاسي بالاعتماد على الاقتراع المباشر، وذلك خشية فوز شخصية جدلية مثل سيف الإسلام القذافي أو قائد عام الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.

◙ أطراف داخلية مدعومة من قوى إقليمية ودولية ترفض تنظيم الاستحقاق الرئاسي بالاعتماد على الاقتراع المباشر

ويخشى المتابعون للشأن الليبي أن تصطدم مخرجات اللجنة الاستشارية برفض فريق أو أكثر من الفاعلين السياسيين في البلاد، لاسيما في ظل سلسلة التجارب الفاشلة التي قابلت الجهود الأممية السنوات الماضية، وكانت مجرد مسكنات لتجاوز الأزمات الطارئة دون التأثير على الأزمة المزمنة التي تواجهها البلاد منذ عام 2011.

وأبدى أعضاء في كتلة التوافق الوطني انشغالهم بمحاولات تمرير رؤى أحادية، تتعارض جوهريا مع هدف البحث عن حل ليبي – ليبي، معبرين عن قلقهم من أداء البعثة الأممية الذي قد يسهم في تعقيد الأزمة بدلا من حلها. وبحث أعضاء الكتلة مع السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى مهراج المستجدات السياسية في ضوء ما تطرحه البعثة الأممية ومجلسا النواب والدولة من رؤى وتصورات لتجاوز حالة الانقسام والانسداد السياسي.

وأكدت الكتلة أن الحل لا يكون إلا عبر انتخابات نزيهة وشفافة يعود من خلالها حق تقرير المسار والمستقبل إلى الليبيين أنفسهم دون وصاية من أحد أو استئثار بالسلطة والثروات عن طريق فرض سياسة الأمر الواقع. كما التقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا حنّا تيتيه أول أمس مع سفير فرنسا لدى ليبيا، لمناقشة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وقالت البعثة الأممية في بيان إن الجانبين تناقشا حول نتائج لقاءات تيتيه الأخيرة مع المسؤولين الليبيين والجهات الفاعلة الدولية، وتبادلا وجهات النظر حول عمل اللجنة الاستشارية والخطوات اللاحقة في العملية السياسية.

وأكدت الممثلة الخاصة أنه بمجرد تقديم اللجنة الاستشارية توصياتها إلى البعثة ستكون هناك حاجة إلى المزيد من التأييد السياسي من الأطراف الليبية الرئيسية، فيما أكد السفير الفرنسي دعم بلاده للممثلة الخاصة والبعثة في تيسير عملية سياسية شاملة بهدف بناء السلام والاستقرار في ليبيا.

كما أجرت تيتيه مكالمة مثمرة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية جيرمي برنت، حيث ناقش الجانبان “نتائج لقاءاتها الأخيرة مع المسؤولين الليبيين والجهات الفاعلة الدولية والخطوات التالية للعملية السياسية، بما في ذلك المسار الاقتصادي كعنصر أساسي لتأمين التقدم.”

وأكدت تيتيه “على أهمية الدعم الدولي المتماسك لدفع عملية الانتقال في ليبيا إلى الأمام، مع الحفاظ على الاستقرار،” بينما جدد برنت “تأكيده لدعم الولايات المتحدة لجهود البعثة والممثلة الخاصة.” وتسعى تيتيه للتشاور مع القوى الإقليمية والدولية حول ملامح المرحلة القادمة في ليبيا على ضوء المخرجات المنتظرة للجنة العشرين الاستشارية، وخاصة في ما يتعلق بملف القاعدة الانتخابية.

وفي 4 فبراير الماضي أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تشكيل لجنة استشارية لتقديم مقترحات لحل القضايا الخلافية العالقة من أجل تمكين إجراء الانتخابات استنادا على المرجعيات والقوانين الليبية القائمة. وقالت البعثة الأممية إن تشكيل اللجنة يأتي في إطار مبادرتها السياسية متعددة المسارات التي قدمتها لمجلس الأمن في 16 ديسمبر 2024.

◙ اللجنة الاستشارية تعد جزءا لا يتجزأ من جهود الأمم المتحدة لدعم مساعي ليبيا كي تتجاوز الانسداد السياسي

وتستند مقترحات اللجنة الاستشارية إلى الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي وقوانين 6+6 الانتخابية. وتتكون اللجنة من شخصيات ليبية تمت تسميتها بناء على تقييم البعثة لخبرات تلك الشخصيات وقدراتها.

وتم اختيار أعضاء اللجنة بناء على مجموعة من المعايير التي تشمل: المهنية، الخبرة في القضايا القانونية والدستورية و/أو الانتخابات، والقدرة على تحقيق التوافق مع فهم للتحديات السياسية التي تواجه ليبيا. وقالت إنها أخذت بعين الاعتبار العوامل الثقافية والتوازن الجغرافي وتمثيل المرأة.

وأكدت البعثة أن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقى للحوار، بل ستعمل تحت سقف زمني محدد ويتوقع منها إنجاز مهامها خلال فترة قصيرة، وستقدم مخرجاتها إلى البعثة للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية، وستعمل البعثة على تيسير التواصل والتفاعل بين اللجنة والمؤسسات المعنية.

وبحسب بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، فإن اللجنة الاستشارية تعد “جزءا لا يتجزأ من جهود الأمم المتحدة لدعم مساعي ليبيا كي تتجاوز الانسداد السياسي المستعصي والتشظي،” من أجل تحقيق تقدم نحو إجراء انتخابات وطنية باعتبارها السبيل لتجديد شرعية المؤسسات الليبية، وأن الليبيين بمختلف أطيافهم عبروا خلال تواصلهم مع البعثة عن قلقهم العميق إزاء الوضع السياسي الراهن ورغبتهم في إحياء العملية السياسية، وهي تشاطرهم هذا القلق، حيث يدرك الليبيون الآثار السلبية للوضع القائم على وحدة بلادهم وسيادتها واستقرارها.

وتقوم العملية السياسية التي تيسرها البعثة على عدد من المبادئ أهمها المحافظة على الاستقرار وتجديد شرعية المؤسسات وتوحيدها. وأكدت البعثة أن الأمم المتحدة ستدافع خلال هذه العملية بحزم عن مبادئ الشفافية والتوافق والملكية الوطنية بهدف حماية سيادة ليبيا وصيانة مصالح الشعب الليبي.

 

اقرأ أيضا:

       • هل يصبح حفتر رئيسا لليبيا من داخل مجلس النواب

4