هشام الجباري لـ"العرب": الدراما المغربية التاريخية تحتاج كاتبا مثقفا وإنتاجا ضخما

يعرض المخرج المغربي هشام الجباري عملين دراميين ضمن السباق الرمضاني الحالي، أحدهما يصنف ضمن الدراما التاريخية التي يرى المخرج في حوار له مع "العرب" أنها تحتاج إنتاجا ضخما وكتابة تلم بكل الجوانب والحقائق التاريخية، وهو ما يؤكد أنه غير متوفر في الدراما المغربية.
الرباط - تدور أحداث المسلسل القصير “مسك الليل” للمخرج المغربي هشام الجباري حول قصة اليزيد وريث عائلة بمدينة سلا، يقع في حب فتاة تدعى غالية فيتقدم لخطبتها، لكن عمه وعمته يقفان ضد هذه الزيجة في محاولة للحفاظ على سيطرتهما عليه، ويتطور الصراع عندما يخططان لطرد غالية وعائلتها من سلا.
المسلسل من سيناريو مريم الدريسي، وبطولة كل من حنان الخضر، سعد موفق، المهدي فولان، أيوب أبوالنصر، فاتي جمالي، وغيثة بن حيون.
ويعرض المسلسل حاليا ضمن برمجة السباق الرمضاني للدراما المغربية، وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” حوار مع المخرج هشام الجباري حول كواليس هذا العمل.
تحدث المخرج المغربي لـ”العرب” عن التحديات التي تواجه الأعمال التاريخية مقارنة بغيرها من الأعمال الدرامية، فقال “أواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع الأعمال التاريخية المستوحاة من قصص حقيقية، وذلك لأنني مضطر إلى الالتزام بالتوثيق الدقيق وعدم تحريف الوقائع، لأن المسلسل التاريخي يشمل ضرورة ترجمة الأحداث الخيالية إلى صور واقعية تعكس بدقة المرحلة الزمنية، كما أن قلة الميزانيات المخصصة لهذه الأعمال تجعلنا ننفذها في حلقات معدودة مثلما حدث مع مسلسل مسك الليل.”
ويرى الجباري أن المسلسلات التاريخية تتطلب عنصرين “الأول هو ضرورة ملائمة العمل للأحداث الواقعية عندما يتعلق الأمر بقصص حقيقية، وذلك لتوثيق الوقائع وعدم تحريفها، أما العنصر الثاني فهو عندما نعمل على قصة تاريخية تخيلية، لا يكون التوثيق موجها للقصة نفسها، بل للمراحل الزمنية؛ على سبيل المثال، إذا كنا نروي قصة من القرن السابع عشر، يجب علينا أن نعكس تلك الفترة بكل دقة من خلال الديكورات والأزياء والإكسسوارات. والعائق الأكبر الذي يحول دون إنتاج مسلسلات مغربية تاريخية هو التمويل، فالميزانيات المخصصة للأعمال الدرامية في المغرب لا تقارن بتلك المتوفرة في الأعمال العربية، والعمل التاريخي يتطلب إمكانيات مادية ضخمة، سواء من حيث الموارد أو مدة التحضير أو الزمن المخصص للإنتاج، وهو ما يجعل تنفيذ مثل هذه الأعمال أمرا معقدا للغاية.”
ويشير المخرج إلى أن “بسبب الميزانيات المحدودة نضطر إلى إنتاج المسلسلات التاريخية في حدود أربع حلقات فقط، وتكون ميزانيتها مشابهة للأعمال الدرامية العادية، وهذا يشكل تحديا كبيرا أمام المنتج والمخرج وكاتب السيناريو، إذ يتعين عليهم التوفيق بين القصة والميزانية المحدودة، وهذا حقيقة يجعل من الصعب العمل على هذا النوع من المسلسلات كما يجب وكما نريد.”
ومسلسل “مسك الليل” مصنف على أنه عمل تاريخي تراثي تخيلي، حيث تدور أحداثه في القرن السابع عشر في مدينة سلا، خلال فترة ظهور القراصنة في المغرب، الذين كانوا يقطنون في سلا، وكانت المدينة تحكم من قبل أهل سلا، وتتمحور قصة العمل حول شخصية مولاي حمان وأبنائه الذين يواجهون صراعا كبيرا في علاقاتهم بسبب الحب والمكائد.
وعن هذا العمل يقول الجباري لـ”العرب”، “تم تصوير معظم مشاهد المسلسل في مدينة سلا، لكننا صورنا بعض المشاهد الأخرى في ديكورات بمدينة الرباط وتمارة، فمدينة سلا كانت المكان الرئيسي الذي دارت فيه أحداث المسلسل، وكان من المفترض أن نبدأ التصوير قبل رمضان الماضي لكننا قررنا تأجيله لأسباب تنظيمية، إذ كان بعض الممثلين والشركة المنتجة مرتبطين بأعمال أخرى في ذلك الوقت، كما كانت لدينا رغبة في الحفاظ على الكاستينغ (فريق الممثلين) الأصلي، ففضلنا منح المشروع وقتا إضافيا للتحضير والتصوير، خاصة أن العمل يحتاج إلى وقت كبير في المونتاج والمؤثرات البصرية، حتى يظهر بأفضل مستوى في رمضان المقبل.”
ويوضح أنه يعمل حاليا على عدة مشاريع مختلفة، بعيدة عن الأعمال التاريخية، “أحد هذه المشاريع هو مسلسل بعنوان ‘على غفلة’ لصالح القناة المغربية الأولى، لا نعلم هل سيبرمج في رمضان 2025 أم لا، كما أنني مشغول أيضا ببعض الأعمال السينمائية في الوقت الحالي، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في مرحلة الكتابة.”
وتدور أحداث مسلسل “على غفلة” حول قصة فرح التي تتخلى عن مسارها الأكاديمي من أجل دعم عائلتها في مواجهة أزمة صعبة. يتبع العمل تفاصيل حياتها الجديدة وتحدياتها اليومية، حيث تجد نفسها في مواجهة صراع بين حياتها الشخصية ومسؤولياتها العائلية. العمل من سيناريو أمينة الرايسي وجواد لحلو، وبطولة كل من مريم الزعيمي، كمال كاظمي، سلوى زرهان، أسامة البسطاوي، مونية لمكيمل ومراد الزاوي.
وهشام الجباري مخرج ومنتج أفلام وكاتب سيناريو مغربي، ويعد من الأسماء البارزة في الساحة الفنية المغربية، بدأ مشواره في مجال الإخراج والإنتاج السينمائي والتلفزيوني ليصبح واحدا من المبدعين الذين أثرت أعمالهم في السينما والدراما المغربية، ويتميز بأسلوبه الخاص الذي يمزج بين الدراما والتشويق في تقديم مواضيع اجتماعية وإنسانية.
وقدم الجباري العديد من الأفلام الناجحة التي لاقت إعجاب الجمهور المغربي، من أبرز أفلامه التي أخرجها “الزبير وجلول” و”ظلال الموت” و”الذئاب لا تنام”، بالإضافة إلى “دموع إبليس” الذي كان له دور كبير في تحقيق شهرة واسعة له في الوسط السينمائي، وقد برع في تقديم أفلام ذات طابع درامي مشوق جعلته يحصد جوائز مهمة، مثل جائزة الشاشة الذهبية في مهرجان الشاشات السوداء في بياوندي بالكاميرون.
أما في مجال الدراما التلفزيونية، فقد قدم هشام الجباري عددا كبيرا من المسلسلات التي نالت إعجاب الجمهور المغربي، مثل “دار الورثة” بجزأيه، و”عش البنات”، و”البخيل والمسراف”، وكذلك “سلمات أبو البنات” الذي حظي بشعبية كبيرة. وتبرز أعماله التلفزيونية اهتمامه بالأعمال الاجتماعية التي تستعرض قضايا المجتمع المغربي من خلال قصص متجددة وشخصيات معبرة.
وإلى جانب أعماله السينمائية والتلفزيونية، كان له دور كبير في المسرح المغربي من خلال مجموعة من المسرحيات، مثل “الدق والسكات” و”درهم الحلال” و”ميعادنا العشا”، ما يعكس تنوع مواهبه وقدرته على التعبير عن القضايا الاجتماعية من خلال مختلف أشكال الفن، ونال العديد من الجوائز تقديرا لإنتاجاته الفنية، إذ فاز بأفضل إخراج وأفضل فيلم درامي في مهرجان مكناس عن فيلمه “الذئاب لا تنام”، كما حصل على جائزة أفضل فيلم درامي في مهرجان القاهرة عن الفيلم نفسه، وبفضل هذه الجوائز أصبح الجباري من أبرز المخرجين الذين ساهموا في تطوير السينما والدراما في المغرب.