صناع المحتوى سلاح دراما رمضان لمغازلة جمهور المنصات

تأتي مشاركة صناع المحتوى والمؤثرين في المسلسلات الرمضانية كسلاح ذي حدين، الأول يضمن للمنصات وقنوات التلفزيون استهداف شريحة أوسع من الجمهور، في حين يضر حضورهم المتزايد بفرص الاهتمام بالمواهب الجادة وخريجي المعاهد الفنية، حيث يغري عدد متابعي المؤثرين على مواقع التواصل أكثر من الرهان على وجوه جديدة.
القاهرة - تزايد حضور صناع المحتوى والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الأعمال الدرامية المعروضة في موسم رمضان الحالي، ما يعبر عن حدة المنافسة مع وجود نحو 50 مسلسلا عربيا، استدعى بعضها عناصر جذب باتت تشكل جزءا رئيسيا في صناعة الأعمال المعروضة، بما جعل هناك تأثيرا إضافيا يجذب الجمهور، مع اقتناع بأن العديد من الأعمال قد تتعرض للظلم أو التهميش نتيجة عدم قدرة المشاهدين على متابعة كل هذا الكم من المسلسلات.
وتغاضى منتجو المسلسلات المصرية عن قرار اتخذه نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي بشأن توقيع غرامات تصل إلى مليون جنيه (الدولار= 51 جنيها)، لمن يستعين بصناع المحتوى في الأعمال الدرامية دون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة.
وتجاوز الأمر القرارات والقوانين المرتبطة بالنقابة بفعل ما يحققه صناع المحتوى من معدلات مشاهدة مرتفعة على منصات التواصل الاجتماعي تساهم في انتشار الأعمال على نطاق واسع، وجذب جمهور جديد من فئة المراهقين والشباب الذين ينجذبون للمحتوى الذي يقدمه بعض المؤثرين.
يشارك البلوغر محمود السيد في دور صغير جسده بمسلسل “حكيم باشا” الذي يقوم ببطولته الفنان مصطفى شعبان، ويشارك البلوغر وليد فليكس في مسلسل “ولاد شمس” بطولة محمود حميدة وأحمد مالك وطه الدسوقي، كما يشارك كل من الإسكندراني الشهير بـ”عادل شكل” وحودة شيبة في مسلسل “العتاولة 2” بطولة أحمد السقا وطارق لطفي وباسم سمرة.
واستعان مسلسل “80 باكو” بطولة هدى المفتي بالبلوغر خالد مختار المعروف باسم “سماح كوباية”، ويشارك البلوغر مؤمن الحناوي في مسلسل “شهادة معاملة أطفال” بطولة محمد هنيدي، واختار صناع مسلسل “منتهي الصلاحية” البلوغر مروان المسلماني للمشاركة في العمل وهو بطولة محمد فراج، ويشارك مغني المهرجانات الشعبية كابونجا في مسلسل “أهل الخطايا” بطولة جمال سليمان، ويظهر كل من لؤي رمضان ومحمد ياقوت في مسلسل “قهوة المحطة” بطولة أحمد غزي.
والعامل المشترك بين غالبية الأعمال التي شارك فيها مؤثرون على المنصات هو عدم مشاركتهم في أدوار كبيرة والاكتفاء بظهورهم في عدد من المشاهد القصيرة بما يبرهن على أن الهدف هو تسويق الأعمال والمساعدة في انتشارها على مواقع التواصل، ويبقى التقييم الفني لهؤلاء على صلة بمجمل ما قدموه في موسم رمضان.
وتخضع مسألة الاستعانة بالبلوغر ومشاهير “تيك توك” لرؤى مختلفة، إذ يرى البعض أنها تساهم في تقديم وجوه جديدة أسوة بما حققه بعض “الاستاند آب كوميدي” من نجاحات فنية، وأبرزهم الفنان طه الدسوقي الذي يقوم ببطولة مسلسل “أولاد شمس”، وعبدالرحمن محمد الذي يشارك في بطولة مسلسل “النص” بطولة أحمد أمين.
وتخضع القضية لأبعاد تسويقية ولا ترتبط بالموهبة الفنية كثيرا، ويمكن أن يساهم ذلك في تفويت الفرصة على اكتشاف وجوه جديدة تستحق الظهور في الأعمال التي تحظى بمعدلات مرتفعة في موسم رمضان، والأعمال التي يتم عرضها على المنصات الرقمية طوال العام لا تولي اهتماما بتقديم البلوغر أسوة بموسم رمضان الذي تكون فيه المنافسة صعبة على المستوى المحلي المصري، وفي إطار المنافسة العربية.
التعامل مع المؤثرين جزء من صناعة متكاملة تدخل فيها الدراما كعنصر رئيسي ضمن توظيف زيادة معدل المشاهدة
قال الناقد الفني محمد رفعت إن انتشار صناع المحتوى في الأعمال الدرامية هو امتداد للتأثير القوي لمواقع التواصل الاجتماعي على جميع مناحي الحياة وبعد أن أضحت بديلا مهما لوسائل الإعلام التقليدية التي تراجع حضورها، وما يحدث في الدراما يتكرر في القنوات الفضائية والسينما، وبدلا من الاستفادة الفنية من النجوم المشاهير في جذب الإعلانات هناك حاجة إلى الاستفادة من جماهيرية البلوغر لتحقيق النجاح لأعمال يقدمها هؤلاء النجوم، لأن البعض منهم يقدم محتوى جيدا يستحق المتابعة.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن جانبا من صناعة المسلسلات له علاقة بأهمية مواقع التواصل بالنسبة لنجوم العمل أنفسهم، وهؤلاء جزء من صورتهم التي يقومون برسمها في أذهان الجمهور يرتبط بحضورهم على المنصات الرقمية، ويبحثون عن الأثر الذي يمكن أن تحققه مواقع التواصل للأعمال التي يقدمونها.
وأشار إلى أن صناعة الدراما أضحت قائمة في جزء منها على التوجيه المرتبط بمواقع التواصل والتعليقات والتقييمات التي يمكن أن تساهم في صعود العمل أو تجاهل الجمهور له، بالتالي فالبحث عن ذراع تساعد على نشر العمل ومخاطبة الجمهور الذي يثق في ما يقدمه المؤثرون يعد أمرا ضروريا لأن المراهقين تحديدا يبحثون عن الشخصيات التي يجسدونها.
ووصل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي إلى لجوء المخرج مجدي الهواري إلى تحويل قصة برنامج “القصة الكاملة” الذي يقدمه البلوغر سامح سند وهو برنامج بوليسي يركز على الجرائم في المجتمع إلى مسلسل قصير من المقرر عرضه عقب انتهاء موسم رمضان، ما يبرهن على حجم التأثير الذي أضحت تشكله المحتويات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي لصناع الدراما.
ويشهد موسم رمضان الحالي ظاهرة هي الأولى من نوعها، إذ يشارك عشرة من المؤثرين على مواقع التواصل في البطولة الدرامية لإعلان إحدى شركات الأجهزة الكهربائية الخاصة في مصر، ما يشي بأن التعامل مع هؤلاء جزء من صناعة متكاملة تدخل فيها الدراما كعنصر رئيسي ضمن توظيف زيادة معدل المشاهدة في رمضان.
أكدت الناقدة الفنية فايزة الهنداوي أن زيادة حضور مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي في الأعمال الدرامية والسينمائية أصبحت أمرا طبيعيا في جميع دول العالم، وأن كبار الممثلين لديهم تخوفات من توغل هؤلاء في مهنة التمثيل، غير أنها وسيلة مهمة للترويج عبر تدوينات ينشرها هؤلاء ويتابعها الملايين من الناس وتضمن انتشارا للكثير من الأعمال، وهو أمر جيد شريطة أن يتم توظيف البلوغر في سياق العمل الدرامي.
وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن الصراع يدور على مشاهدة ما يدور على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يرتبط الأمر بجودة المسلسل، بل بالقدرة على توجيه الجمهور، وانتشار ما يسمى بـ”اللجان الإلكترونية” التي تلفت الأنظار إلى عمل بعينه وتركز على تفاصيل صغيرة تضمن جذب الجمهور، وتتطلب وجود مشاهير يساعدون على تحقيق هذا الهدف.
وشددت على أن رغبة نقابة الممثلين في مصر بأن تقتصر مشاركة الممثلين في الأعمال الدرامية على أعضائها وخريجي المعاهد الفنية، مطلب ليس منطقيا وإن كان من المهم وجود توجيه نحو تحقيق الاشتراطات القانونية الخاصة بمزاولة المهنة، وأن موهبة البلوغر تفرض نفسها، وهناك الكثير من الأسماء التي لم تحقق نجاحا ولم تشارك سوى في عمل واحد، وأن الحكم يجب أن يظل في النهاية للجمهور.
وأوقف نقيب الممثلين أشرف زكي مسلسل "غموض" بسبب استعانة صناعه بالتيك توكر محمد شاكر، وحدثت أزمات عدة بين صناع فيلم "التاروت" ونقابة المهن التمثيلية لاستعانة المخرج بأحد صناع المحتوى، ولم تنته إلا بحذف مشاهده، وهو ما سمح باستكمال التصوير.