إيران ترفع ميزانية التلفزيون مراهنة على تأثيره على الرأي العام

طهران – رفعت الحكومة الإيرانية ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون بنحو 50 في المئة مع بداية العام الفارسي الجديد، في خطوة تشير إلى توجه رسمي للإنفاق على الدعاية والرهان عليها للتأثير على الرأي العام، بعد أن وصلت ثقة الجمهور بالإعلام الرسمي إلى أدنى مستوياتها.
وتأتي هذه الزيادة في وقت تعاني فيه إيران من أزمة اقتصادية خانقة بسبب زيادة العقوبات الغربية على البلاد، والتي تسببت بزيادة فقر سكانها مع التضخم المتسارع، ما يجعل رفع ميزانية الإعلام مؤشر على حاجة إيران إلى التركيز على الدعاية والترويج لصورة السلطة التي تضررت بسبب السياسات الخاطئة.
وبحسب تقرير من مركز أبحاث البرلمان فإنَّ حصة ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من إجمالي ميزانية الحكومة ستبلغ مع بداية الربيع في 21 مارس ما يعادل 35 مليون يورو، وهذا أعلى من ميزانيات عشر وزارات مجتمعة.
12.5
في المئة فقط من سكان إيران يأخذون حاليا معلوماتهم من أخبار هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية
وتعاني هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من أزمة مستمرة بسبب انخفاض معدلات مشاهدتها في جميع المجالات. وحتى المسلسلات والأفلام المنتجة في المقام الأول من أجل فئات الشعب التقليدية باتت تفقد شعبيتها بشكل متزايد. ولم يعد سوى 11.5 في المئة من السكان يشاهدون أعمال هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
وقد أعرب آية الله خامنئي مرارا عن استيائه من أداء الهيئة باعتبارها مؤسسة كبيرة تضم جيشا من الموظفين لكنها غير قادرة على مواجهة تأثير وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية خارج إيران من شبكات المعارضة والقنوات المستقلة ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال عبدالله عبدي مؤسس ومدير شركة عبدي ميديا الإعلامية المستقلة، وقد عمل سابقا في التلفزيون الحكومي، ويعيش خارج البلاد منذ عام 2019 إنَّ هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية فقدت منذ فترة طويلة سيطرتها على الرأي العام، بالرغم من فرضها رقابة صارمة على وسائل الإعلام.
وأشار عبدي في حديث مع دويتشه فيله الألمانية إلى نتائج استطلاعات الرأي الحالية، فبحسب معهد وكالة استطلاع رأي الطلبة الإيرانيين في طهران، “فإنَّ 12.5 في المئة فقط من سكان إيران يأخذون حاليا معلوماتهم من أخبار هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. وهذا يمثل خسارة كبيرة في الثقة بالمقارنة مع عام 2017، عندما كان 51 في المئة لا يزالون يتابعون أخبارها.”
ووفقًا للدستور الإيراني تخضع وسائل الإعلام في إيران لسيطرة الدولة، التي لا تسمح بوجود وسائل إعلام خاصة. وكذلك تخضع هيئة الإذاعة والتلفزيون للزعيم الديني والسياسي آية الله علي خامنئي، الذي يتولى تعيين مديرها بشكل مباشر.
خبراء في قطاع الإعلام يؤكدون أن لاالرقابة وتوجيهات السلطة تجعلان الجمهور لا يرى الإعلام الحكومي كمصدر موثوق للمعلومة
أما الأفلام والمسلسلات، التي يتم إنتاجها بأموال خاصة على الرغم من القيود وإجراءات الرقابة العديدة، فتلعب دورًا اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا مهمًا. كما يتم بيعها في أقراص “دي.في.دي” أو “في.سي.دي” للاستخدام المنزلي أو يتم عرضها على منصات البث الرقمي، وشعبيتها أكبر بكثير من محتويات هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.
ووفق استطلاع الرأي صرح 39.4 في المئة بأنهم يقومون بتنزيل الأفلام والمسلسلات من مواقع الإنترنت، فيما يستخدم 18.7 في المئة منهم منصات العرض المنزلي، و11.6 في المئة يشاهدون المحتوى عبر المنصات الأجنبية، و10.1 في المئة يتابعون القنوات الفضائية.
وتُعدّ أزمة الثقة في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية قضية تمّت مناقشتها على مدى سنوات طويلة، حيث يُعزى هذا التراجع بشكل رئيس إلى زيادة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن مراقبين يعتبرون أن الرقابة وتوجيهات السلطة تجعلان الجمهور لا يرى الإعلام الحكومي كمصدر موثوق للمعلومة.
والدولة في إيران تموّل بالإضافة إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون وكالات أنباء أيضًا، من بينها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) ووكالة أنباء الطلاب الإيرانيين (إسنا) ووكالة أنباء مجلس الشورى الإسلامي (إيكانا). وتتولى مؤسسات حكومية أخرى في مجالات الثقافة والاستخبارات والأمن دعم روايات هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. وهذه المؤسسات تتبع وزارات الثقافة والإرشاد الإسلامي والاتصالات وأجهزة الاستخبارات وكذلك الحرس الثوري ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية.
ومع ذلك وعلى العكس من نتائج الاستطلاعات فإنَّ مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بيمان جبلي ما يزال يدعي أنَّ أكثر من 41 في المئة من الإيرانيين يشاهدون برامج التلفزيون الحكومي.