الإعلام العبري يتناول بخجل فيلما إسرائيليا فاز بالأوسكار

القدس – تجنبت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى حد كبير تناول فيلم “لا أرض أخرى”، الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل الاثنين، ويوثق تدمير إسرائيل للمنازل الفلسطينية في الضفة الغربية، إذ اقتصر الحديث عنه على بعض التغطيات المتفرقة في وسائل الإعلام اليسارية في إسرائيل.
ويعد هذا تحولا صارخا عمّا كانت تناله أفلام إسرائيلية أخرى مرشحة لجائزة الأوسكار، والتي عادة ما كانت تحظى بإشادات كبيرة قبيل حفل توزيع جوائز الأوسكار.
وتسلّم الجائزة في مسرح دولبي في هوليوود الفلسطيني باسل عدرا، المولود عام 1996، والصحافي يوفال أبراهام، المولود في إسرائيل عام 1995.
ويتتبع فيلم “لا أرض أخرى”، الناشط الفلسطيني باسل عدرا وهو يخاطر بالاعتقال لتوثيق تدمير مسقط رأسه في الطرف الجنوبي للضفة الغربية، التي يقوم الجنود الإسرائيليون بهدمها لاستخدامها كمنطقة تدريب عسكرية. وتصطدم توسلات عدرا بصمت حتى يصبح صديقاً لصحافي إسرائيلي يهودي يساعده في نشر قصته.
فيلم يتتبع الناشط الفلسطيني باسل عدرا وهو يخاطر بالاعتقال لتوثيق تدمير مسقط رأسه في الطرف الجنوبي للضفة الغربية
وينظر إلى تجاهل الإعلام الإسرائيلي للفيلم بأنه نتيجة لتداعيات هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ولا يزال العديد من الرهائن في الأسر، ومن الحرب المدمرة التي هي أطول قتال مكثف في تاريخ إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وألفي إسرائيلي.
وتقول رايا موراج، أستاذة في جامعة القدس العبرية متخصصة في السينما والصدمات النفسية، إن التوقيت حساس للغاية. وأضافت “الجميع في حالة حداد أو صدمة، ومن الصعب سماع أيّ صوت آخر حول أيّ موضوع آخر.”
وأشارت موراج، التي تشارك في حركة السلام اليسارية، إلى أنها تعتقد أن هذا الفيلم، الذي أعده تجمع فلسطيني – إسرائيلي، سيجد مكانا في النقاش الوطني في المستقبل، لكن فقط بعد أن يعود الرهائن، ويعاد بناء المنازل المدمرة، وتجرى انتخابات جديدة لاستبدال الحكومة اليمينية الحالية، وتخضع البلد “لعملية حداد جماعي.”
وأوضحت أنه في عام 2012، أصبح الفيلم الوثائقي “خمسة كاميرات مكسورة” الذي وثق الحياة في قرية فلسطينية على طول السياج الأمني الإسرائيلي جزءا من الحوار الوطني لأنه صدر خلال فترة سلمية نسبيا.
ينظر إلى تجاهل الإعلام الإسرائيلي للفيلم بأنه نتيجة لتداعيات هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ولا يزال العديد من الرهائن في الأسر
كما واجه فيلم “لا أرض أخرى” الكثير من العراقيل في الولايات المتحدة، وذلك لأنه لم يعثر على أيّ موزع على الرغم من الإشادات العديدة التي حصل عليها.
وعُرض الفيلم للمرة الأولى ضمن فعاليات مهرجان برلين في دورته الـ74 وفاز بجائزتي “أفضل فيلم وثائقي”، بالإضافة إلى “جائزة الجمهور” في برنامج “البانوراما” لأفضل فيلم وثائقي.
وتعليقا على فوز الفيلم، قال عدرا الاثنين “يعكس فيلم (لا أرض أخرى) أو (نو أذر لاند) الواقع القاسي الذي نعاني منه منذ عقود وما زلنا نقاومه، وندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جدية لوقف الظلم ووقف التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.”
وقال أبراهام إنهم صنعوا الفيلم لأن صوتيهما معاً أقوى. وأضاف “نرى بعضنا بعضاً، والدمار الوحشي لغزة وشعبها والذي يجب أن ينتهي، والرهائن الإسرائيليين الذين اختُطفوا بوحشية في جريمة السابع من أكتوبر ويجب إطلاق سراحهم.”
وتابع أبراهام “عندما أنظر إلى باسل، أرى أخي، لكننا غير متساويين. نعيش في نظام حاكم حيث أنا حر بموجب القانون المدني وباسل يخضع للقانون العسكري الذي يدمّر حياته ولا يستطيع السيطرة عليها.” وأردف “هناك طريق مختلف. حل سياسي… ولا بد أن أقول في أثناء وجودي هنا إن السياسة الخارجية في هذا البلد تسهم في قطع هذا الطريق.”
وأظهر الفيلم خلال الأحداث، توفر عوامل الأمان ومقومات الحياة للمستوطنات الموجودة في المنطقة في مقابل هدم المنازل الفلسطينية بالجرّافات وقطع مواسير المياه وخطوط الكهرباء التي تغذي المساكن الفلسطينية المتواضعة في المنطقة.