إعادة هيكلة لأحزاب الموالاة في مصر استعدادا للانتخابات النيابية

تشهد الأحزاب القريبة من السلطة السياسية في مصر حركية لافتة في إطار إعادة ترتيب البيت الداخلي واستقطاب وجوه جديدة استعدادا للانتخابات النيابية المقرر إجراؤها قبل موفى العام الجاري.
تشهد الأحزاب القريبة من السلطة السياسية في مصر حركية لافتة في إطار إعادة ترتيب البيت الداخلي واستقطاب وجوه جديدة استعدادا للانتخابات النيابية المقرر إجراؤها قبل موفى العام الجاري.
القاهرة- اتجه عدد من الأحزاب المصرية، أغلبها قريب من السلطة، نحو إعادة تشكيل الهياكل والأمانات الفرعية، استعدادا لخوض انتخابات البرلمان المنتظرة في أكتوبر المقبل، وسيطرت كوادر شبابية على التشكيلات الجديدة، بما يشي بوجود رغبة في البحث عن وجوه تساهم في إنعاش المشهد السياسي الراكد. ومحاولة تقديم وجوه جديدة أكثر فاعلية، بدلا من تلك التي لم تحقق حضورا سياسيا الفترة الماضية، مع إتاحة الفرصة لعدد من الشباب للتواجد في مجلس النواب المقبل، وتولي بعض المناصب الحكومية المهمة.
وجاء حزب مستقبل وطن، وهو ظهير سياسي للحكومة، في مقدمة الأحزاب التي أولت اهتماما باستقطاب الشباب، وأعاد تشكيل لجنة التثقيف والتدريب واستعان بأستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة نورهان الشيخ كي تقود فريقا من الشباب، يصل عدده إلى 20 شخصا، وعقدت أول اجتماعاتها قبل أيام، بجانب استحداث أمانة سميت “صناعة المحتوى والتأثير المجتمعي”، وتسيطر عليها كوادر شبابية أيضا.
وإنشاء أمانة “القبائل العربية” التي تضم 32 كادرا من الشباب، وإعادة تشكيل أمانة الإعلام التي طغى عليها حضور عدد من القيادات الصحافية والإعلامية الشابة.
وأعلن حزب الجبهة الوطنية الذي تشكل أخيرا، وسيكون ظهيرا أيضا للحكومة، عن ضم مجموعة من القيادات الشبابية إلى صفوفه، بينهم شباب أعضاء في البرلمان الحالي، وعدد من المنتمين إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وقيادات شبابية تعمل في هيئات ووزارات حكومية لإشراكها في صناعة القرار قريبا.
وتتصدر شعارات دمج الشباب والاستعانة بهم في مواقع قيادية داخل الأحزاب وهيئات حكومية، غير أن ذلك لا ينعكس على انخراط الشباب المصري بوجه عام في الحياة السياسية، وتجد دوائر رسمية صعوبة في اقناع قطاع من الشباب بوجود مناخ إيجابي.
وتبقى الإجراءات المتعلقة بالتعامل مع المعارضين حاضرة، لأن المكون الشبابي الذي له طاقات ورؤى مغايرة عن التيار المحافظ الذي يقود غالبية الأحزاب، فيما تبقى التوجهات العامة مرتبطة بمساحات لا تتسم بالراحة المطلوبة للإعلان عن أنفسهم.
قال الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن وعضو مجلس الشيوخ عصام هلال عفيفي إن الحزب لديه تقييمات مستمرة لأداء الأمانات العامة، وحدث ذلك في العام المنقضي عقب انتخابات الرئاسة، والآن هناك متابعات أخرى استعدادا لانتخابات البرلمان، ما انعكس على إعادة هيكلة غالبية أمانات الحزب.
وأكد لـ”العرب” أن الاتجاه نحو الاستعانة على نحو أكبر بالطاقات الشبابية يتم وفقا لمعايير تضمن قدرتهم على إحداث طفرات إيجابية على مستوى أداء الحزب.
وأضاف أن الحزب يبحث عن شباب يملكون خبرات إدارية ومعلوماتية عن أدوارهم التي سوف يقومون بها خلال تعيينهم بالأمانات المختلفة، أو أن يكون هناك مسار تصعيدي عبر متابعة أداء الكوادر الموجودة في أمانات المراكز والقرى وترفيعهم على مستوى الأقاليم ثم الأمانات العامة، لأن العمود الفقري للحزب يعتمد على الشباب.
وما يقلل من قيمة تواجد الشباب في الأحزاب المصرية أن الأمر يتعلق بالتعيين وليس عبر الانتخابات الداخلية التي تغيب كثيرا عن الأحزاب، رغم أنها المحرك الرئيسي القادر على إفراز كفاءات حقيقية، بدلا من ظهور قيادات معلبة.
وأقدم حزب الوعي، وتأسس أخيرا وانبثق عن كتلة الحوار التي شكلتها مجموعة من السياسيين لديهم مواقف مواربة بين الاصطفاف المباشر خلف الحكومة أو الوقوف في صف المعارضة، على خطوات شبيهة نحو الاستعانة بكوادر شبابية في هياكله التأسيسية التي جرى الإعلان عنها تباعا الأيام الماضية، ما بعث بإشارة أن التوجه لدمج الشباب في المناصب القيادية داخل الأحزاب خطوة متوافق عليها.
أوضح النائب الأول لرئيس حزب الوعي حسام علي، إن كتلة الحوار منذ تأسيسها تزامنا مع انطلاق الحوار الوطني ركزت على ضم الشباب العازفين عن العمل السياسي واستعادة الكوادر التي كانت بعيدة عن ممارسة العمل العام نتيجة المسار الذي لم يكن مشجعا عن الانخراط في العمل الحزبي، غير أن جلسات الحوار الوطني الممتدة كانت فرصة للتعرف على قدرات وتوجهات شخصيات عدة .
وأكد علي لـ”العرب” أن الشباب ينقسمون إلى أشخاص شاركوا من قبل في العمل الحزبي أو النقابي أو لديهم خبرات عبر مشاركتهم في انتخابات الأندية وغيرها من أشكال الممارسة السياسية، وقد لا يكونوا بحاجة إلى برامج تأهيل سياسي موسعة، وآخرين انضموا للحزب وهم بحاجة للحد الأدنى المطلوب للمعرفة السياسية وأفكار الحزب، وتوجد برامج للكوادر المنضمة حديثا على كيفية التعامل مع وسائل الإعلام والمجتمع عبر أكاديمية المحليات.
وذكر أن مصر تشهد حركة سياسية نشطة، سواء أكان ذلك من أحزاب الموالاة أو تلك التي يمكن وصفها بأنها إصلاحية وأحزاب المعارضة، وهناك تعطش من جانب المواطنين لإعادة استكشاف ما تقدمه الأحزاب من أنشطة وأن صفحات الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي تتلقى يوميا مئات الاستفسارات التي تطالب بالانضمام.
وينوي حزب الوعي أن يشارك بكثافة في انتخابات البرلمان المقبل وسوف يدفع بمرشحيه الشباب على كافة المقاعد الفردية، التي لم يتحدد عددها بعد انتظارا لقانون الانتخابات المزمع تمريره داخل البرلمان خلال الفترة المقبلة، ويستهدف الحزب أن يراكم الخبرات لدى كوادره وإن لم يحقق نتائج إيجابية.
وترى المعارضة بأن المساحات المتروكة للشباب يستفيد منها من ينضمون فقط إلى أحزاب الموالاة أو الأحزاب التي ليس لها توجهات معارضة من سياسات الحكومة، وأن ذلك لا يعبر عن وجود حراك سياسي حقيقي، إذ أن المنافسة نحو القدرة على إقناع المواطنين برؤى وسياسات تنحصر على فئة من الأحزاب.
وشدد القيادي بحزب تيار الكرامة (معارض) عبدالعزيز الحسيني على أن زيادة حضور الكوادر الشبابية في أحزاب الموالاة يقابله تراجع ملحوظ في أحزاب المعارضة مع التضييق عليهم، وقد يكون هناك حضور بالاسم كأعضاء مسجلين بالأحزاب، لكنهم غير فاعلين في الواقع، وهناك قناعة بأن من يبحث عن الانضمام لأحزاب الموالاة يستهدف تحقيق مصالح شخصية ولا ينعكس ذلك على تقديم كوادر شبابية قادرة على إثراء المشهد العام.
وأوضح لـ”العرب” أن جيل ثورة يناير الذي قاد حراك الشارع قبل 15 عاما واجه صعوبات من جهة القدرة على تحقيق انخراط ملموس في العمل السياسي، ما أثر على عزوفه عن العمل العام، والأمر يستمر حتى الآن، وسياسات الحكومة في التعامل مع الأحزاب لم تتغير، وأن تصعيد كوارد جديدة يتطلب وجودهم في الشارع وهو أمر لا يتوفر بصورة كبيرة بالنسبة لأحزاب المعارضة التي تمارس أنشطتها من المقرات.