ليبيا تستعد لانتخاب مجالس بلدياتها الكبرى ومخاوف من عرقلة الاستحقاق

من المنتظر أن تعلن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا عن الموعد الرسمي للجولة الثانية من الانتخابات البلدية، وسط منافسة قوية بين المترشحين، ومخاوف من تدخل بعض الفرقاء السياسيين لعرقلة الاستحقاق.
تتجه أنظار الليبيين نحو مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، حيث سيتم الإعلان عن الموعد النهائي للجولة الثانية من الاستحقاق البلدي الذي سيشهد منافسة حادة بين حوالي خمسة آلاف مرشح، عبر نظامي الاقتراع الفردي وبالقائمة، على عضوية 62 مجلسا بلديا من بينها البلديات الأكبر في البلاد كبنغازي وطبرق وسرت وطرابلس والزاوية ومصراتة وسبها.
وأعلنت المفوضية السبت عن إحصائيات التسجيل في انتخابات المجالس البلدية للمجموعة الثانية لعام 2025، وقالت إن عدد الناخبين المسجلين حتى الأول من مارس بلغ 147.801 ناخبًا وناخبة، حيث بلغ إجمالي عدد الرجال المسجلين 110.836 ألف ناخب، بينما بلغ عدد النساء المسجلات 36.965 ألف ناخبة.
وقال عضو مجلس إدارة مفوضية الانتخابات عبدالحكيم الشعاب “سنرى خلال شهر رمضان مستوى تسجيل الناخبين في المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية، وقد نعلن حينها تمديد العملية لو رأينا أن هناك حاجة إلى ذلك.” وأضاف “لو كان الإقبال جيدا منذ البداية، قد يتم الاكتفاء بفترة فتح تسجيل الناخبين المعلنة،” مردفا أنه “تم فتح 141 لجنة لتسجيل الناخبين يدويًا، للناخبين المقيمين في بلديات وغير مسجلين بالسجل المدني، ثم التأكد من إقامتهم في هذه البلديات."
وتابع الشعاب "أدركنا الدروس المستفادة من المرحلة الأولى للانتخابات البلدية، ووضعنا خططًا لتداركها في المرحلة الثانية، وتم أخذ كل الحسابات في الاعتبار، ولهذا بدأنا بتسجيل المترشحين قبل الناخبين،" لافتا إلى أن “هناك بلدية جديدة كانت من المرحلة الأولى ولم يكن بها أي مترشحين للقائمة، وتم ترحيلها للمرحلة الثانية، ولكن لم يترشح لها أحد أيضًا.” وأردف الشعاب أنه "سيتم التواصل مع النائب العام للتحقق مع المجلس التسييري للبلدية، بسبب عدم تسجيل أي مترشحين، وحاولنا التواصل معهم، ولكن لم يستجيبوا، وبات الأمر خارج نطاق سيطرتنا."
وكانت مفوضية الانتخابات دعت كُل من يرغب في التنافس على مقاعد وعضوية مجلسه البلدي إلى ضرورة التقيد باللوائح والإجراءات المنظمة لعملية الترشح، وفهم الآليات والنظم الانتخابية التي تتضمنها اللائحة التنفيذية، وقالت إنها ستتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة في ما يتعلق بمدى توفر بعض الشروط في المتقدمين بطلبات الترشح، خاصةً الاشتراطات الواردة في المادة 16 من اللائحة التنفيذية، والتأكد من مصداقيتها وصحة ما جاء فيها من بيانات، علماً بأن المفوضية ستتواصل مع النيابة العامة وإدارة المباحث الجنائية في ما يتعلق بمدى توفر الشرط من المادة المشار إليها أعلاه في كل من تقدم بطلب لهذا الغرض.
وفي الأثناء تتواصل عملية تسجيل الناخبين حتى 14 مارس الجاري تحت إشراف 141 لجنة موزعة على 62 بلدية تستهدف المواطنين المقيمين وغير المقيدين في السجل المدني، حيث تُعنى باستلام طلبات ونماذج التسجيل لتسهيل مشاركتهم في المجموعة الثانية من انتخابات المجالس البلدية.
◙ ثمة مخاوف جدية من محاولات تدخل بعض الفرقاء السياسيين لعرقلة الانتخابات البلدية الليبية في جولتها الثانية
وأوضحت المفوضية أن اللجان تفتح أبوابها يوميًا، باستثناء أيام العطل، لتلبية احتياجات المواطنين الراغبين في تسجيل أسمائهم في لوائح الناخبين، وأكدت أهمية هذه المرحلة في تعزيز العملية الديمقراطية وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي، مشددةً على أن التعاون مع الجهات المعنية سيسهم في تسهيل عمل اللجان وضمان الوصول إلى الفئات المستهدفة.
ودعت المفوضية العليا للانتخابات المواطنين إلى الاستفادة من هذه الفرصة للتسجيل في السجل الانتخابي والمشاركة في اختيار ممثليهم في المجالس البلدية، مؤكدةً أن هذه الخطوة تأتي في إطار الاستعدادات الجارية لضمان سير العملية الانتخابية بشفافية ونزاهة.
كما جددت المفوضية التزامها بتوفير كافة الإمكانيات اللوجستية والفنية لضمان نجاح عملية تسجيل الناخبين في البلديات المستهدفة، داعيةً جميع الأطراف المعنية إلى دعم جهودها لضمان مشاركة واسعة وفعالة في الانتخابات الحالية. ويرى مراقبون أن مفوضية الانتخابات تراهن على تحقيق أرقام قياسية في تسجيل الناخبين والإقبال على مراكز الاقتراع، لاسيما أن الانتخابات ستجرى في البلديات الأكبر في البلاد والأكثر تأثيرا اجتماعيا وسياسيا.
ويلفت المراقبون إلى وجود مخاوف جدية من محاولات تدخل بعض الفرقاء السياسيين لعرقلة الانتخابات البلدية في جولتها الثانية، ومنع الشعب من اختيار اللوائح التي يراها أكثر قدرة على التعبير عن طموحاته وتطلعاته وخياراته للمرحلة القادمة، مشيرين إلى أن السلطات الحاكمة في غرب البلاد وشرقها غير مهيئة للقبول بنتائج الاختيار الحر للشعب وما تفرزه صناديق الاقتراع خصوصا عندما لا يتلاءم ذلك مع مصالحها وحساباتها.
وأكد نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني “دعم المجلس الرئاسي للمفوضية، بما يعزز جاهزيتها، ويهيئ مناخًا ملائمًا لضمان نجاح نزاهة وشفافية الانتخابات، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في كل مناطق ليبيا،” وذلك بعد أن بحث مع رئيس المفوضية عماد السايح “سبل دعم العملية الانتخابية، ومستوى جاهزية المفوضية، لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية،” واطلع على “جاهزية تنفيذ انتخابات المجالس البلدية، والتحديات التي تواجهها عمليًا وفنيًا.”
وعبَّر الكوني خلال لقاء السايح في ديوان المفوضية عن “تقديره للجهود التي تبذلها المفوضية، لإنجاز انتخابات المجالس البلدية،” وذلك في حضور عضو مجلس المفوضية أبوبكر مردة. وفي السادس عشر من نوفمبر الماضي توجه ناخبو 58 بلدية إلى مراكز الاقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية، في تجربة كانت الضوء السياسي الوحيد لليبيين في 2024؛ ذلك أنها أحيت الآمال في إمكانية إجراء اقتراع برلماني ورئاسي. وجرت الانتخابات البلدية في مرحلتها الأولى في أجواء مريحة ومناسبة بنسبة مشاركة وصلت إلى نحو 77 في المئة.
وأشادت البعثة الأممية للدعم في ليبيا بنجاح إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات التي تتضمن مرحلتين ثانية وثالثة، وأثنت على جهود المفوضية وضمان عملية سليمة وشاملة من الناحية الفنية، مشيرة إلى “تفاني الأجهزة الأمنية المشاركة في التأمين.” وأضافت أن الانتخابات البلدية “خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية وضمان حوكمة مسؤولة ومستجيبة لتطلعات الشعب وشرعية المؤسسات الليبية.”