حرائق غامضة في غرب ليبيا تتحول إلى أداة للمزايدة بين سلطات طرابلس وبنغازي

باتت الحرائق الغامضة في مدينة الأصابعة في ليبيا، قضية تشغل الرأي العام في البلاد، وتحولت إلى ملف مزايدات واضحة، وسط مساعي مختلف الأطراف في الشرق والغرب إلى توظيفها في الصراعات السياسية.
لا يزال لغز الحرائق الغامضة للمساكن المأهولة في مدينة الأصابعة يثير جدلا واسعا في الأوساط الليبية، فيما أصدر النائب العام الصديق الصور قرارا بتكليف أمانة استشارية من اختصاصيي الهيئة الليبية للبحث العلمي لمساندة عمل هيئة التحقيق في المجالات المتصلة بعلم الحرائق.
وأعلن الجمعة، أن وكيل النائب العام وفريقا من المستشارين زاروا المدينة المنكوبة في محاولة لفهم ما يدور هناك، في وقت يرجح فيه البعض أن يكون سبب الحرائق تسرب غاز الميثان من باطن الأرض، أو أن تكون هناك عصابات متخصصة تحاول المساس من الأمن والاستقرار بالمنطقة، فيما تروج إشاعات عن دور سحرة ومشعوذين في استعمال الجان لتهديد السلم الأهلي.
ويرى مراقبون أن القرار الصادر عن النائب العام يهدف إلى البحث عن أسباب منطقية يقرها العقل ويسندها العلم لحرائق التي ضربت أكثر من مئة مسكن في المدينة الواقعة إلى الجنوب من العاصمة طرابلس بحوالي 120 كلم.
وتحولت الحرائق الغامضة إلى قضية وطنية تشغل الرأي العام، ويسعى الفرقاء السياسيون إلى توظيفها في صراعاتهم الدعائية في ظل تفاقم الخلافات بين السلطات الحاكمة في طرابلس وبنغازي.
عبدالحميد الدبيبة، يؤكد ضرورة تعزيز جهود الفرق المختصة في حادث حرائق المنازل بالأصابعة، واستكمال التحقيقات
واعتبر مجلس النواب في بيان أن “التعامل مع مثل هذه الكوارث مسؤولية تقع على عاتق الحكومة الليبية الشرعية،” في إشارة إلى الحكومة المنبثقة عنه برئاسة أسامة حماد، داعيا إياها إلى “تكثيف جهودها العاجلة لإغاثة المتضررين، وتوفير كل الإمكانات اللازمة لحماية المواطنين، وتسخير كل الوسائل الممكنة للحد من آثار هذه الكارثة.”
وأعرب بيان المجلس عن “أسفه لعدم اتخاذ الإجراءات المطلوبة بالسرعة والكفاءة اللازمتين من الجهات التي كانت معنية في الأساس بمتابعة مثل هذه الحوادث والاستجابة لها،” في إشارة منه إلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مؤكدا الحاجة إلى مراجعة جادة لآليات التعامل مع الأزمات، وضمان أن تكون الأولوية دائماً لحماية أرواح وممتلكات المواطنين بمدينة الأصابعة بالمنطقة الغربية.”
وكان نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزير الصحة المكلف رمضان أبوجناح، أعلن الأربعاء، تشكيل غرفة طوارئ لمتابعة أوضاع مدينة الأصابعة التي شهدت حرائق غامضة الأيام الماضية، وكلف أجهزة الإمداد الطبي والإسعاف والطوارئ والطب الميداني وجمعية الهلال الأحمر الليبي بتأمين الاحتياجات الطبية العاجلة للمدينة.
واجتمع أبوجناح مع المجلس البلدي الأصابعة خلال زيارته المدينة الخميس لمتابعة تداعيات حوادث احتراق المنازل والوقوف على احتياجات الأهالي، حيث استمع إلى إحاطة حول الصعوبات التي تواجهها المدينة، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الصحية والإمدادات الطبية.
ودعا الدبيبة، إلى “ضرورة تعزيز جهود الفرق المختصة التي باشرت عملها منذ اللحظات الأولى بحادث حرائق المنازل في الأصابعة، واستكمال التحقيقات، للكشف عن أسبابها،” وأكد في رسالة وجهها إلى وزير الحكم المحلي ورئيسي هيئة السلامة الوطنية والمباحث الجنائية، على “أهمية الوقوف ميدانيا على الأوضاع، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين، والحد من الأضرار.”
من جانبه، كلف وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، جهاز المباحث الجنائية بفتح تحقيق عاجل وموسع بالتنسيق مع الجهات المختصة، لكشف ملابسات حرائق مدينة الأصابعة وتحديد أسبابها الحقيقية.
وعبرت الوزارة عن “القلق من هذه الحرائق المتكررة،” وقالت إنها وجهت “فرقًا متخصصة إلى موقع الحرائق للمساهمة في عمليات الإطفاء، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم.”
ووصل الأمر إلى حد اتخاذ جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي إجراء لدعم الأصابعة “في ظل ما تشهده من أزمة وأيام عصيبة بعدما اندلعت الحرائق في منازل بالمدينة،” حيث تولى تغيير مسار أحد خطوط المياه وفتح الصمام المغذي للمدينة “لمدّ يد العون وتوفير المياه وتعبئة صهاريج المياه من المصبات الموجودة على الخط لإخماد النيران.”
وأكدت تقارير محلية أن بلدية الأصابعة وهيئة السلامة الوطنية وجهاز الإسعاف والدفاع المدني تقوم بالتنسيق في ما بينها لإنقاذ المصابين وتطويق الحرائق ومنعها من الانتشار على نطاق واسع.
في شرق البلاد أصدر القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر أوامره إلى صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بحصر البيوت المتضررة جراء الحرائق
وأعلن مركز الدعم والإسناد التابع لهيئة السلامة الوطنية “جاهزيته التامة بكامل قوته، والتوجه لمدينة الأصابعة من أجل مساندة قسم السلامة الوطنية في حماية الأرواح والممتلكات،” إثر حرائق غامضة نشبت في منازل مواطنين بالمدينة خلال اليومين الماضيين.
ودعت رئاسة الهيئة سكان المدينة إلى تجنب التجمهر أو التواجد في مواقع الحرائق أثناء عمليات الإطفاء والإنقاذ، ونادت بضرورة إفساح المجال لفرق الإطفاء للقيام بمهامها بكفاءة وسرعة، دون أي عوائق قد تعرقل عملها أو تعرض حياة السكان المحليين للخطر، كما شددت على أهمية الالتزام بتعليمات فرق الإطفاء، والابتعاد عن أماكن الحرائق حتى يتم السيطرة عليها بشكل كامل.
وأكد عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، بأن أسباب نشوب الحرائق “غير معروفة وغريبة جدا،” وأنه تم التواصل مع الجهات المختصة بما فيها هيئة السلامة الوطنية في طرابلس ومكاتبها في البلديات المجاورة وكذلك رئاسة الوزراء لطلب الدعم لفرق الإطفاء بالمدينة، بالإضافة إلى طلب المساعدة من هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وفي شرق البلاد، أصدر القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر أوامره إلى صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بحصر البيوت المتضررة جراء الحرائق في الأصابعة تمهيدا لصيانتها وإرسال شاحنة مطافئ للمدينة.
وبحسب مراقبين، فإن حرائق الأصابعة تحولت إلى نقطة تجاذب بين سلطات طرابلس وبنغازي، لاسيما أن المدينة الواقعة بمنطقة الجبل الغربي توجد في مناطق نفوذ حكومة الوحدة الوطنية لكن نسبة مهمة من متساكنيها عرفوا بتأييدهم للجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر.
ويرى المراقبون أن سلطات شرق البلاد، صارت كثيرا ما تزايد على سلطات طرابلس وخاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الأحداث والظواهر التي تجد في المنطقة الغربية، حيث تستغل بطء المبادرة من قبل حكومة الدبيبة.