الأمن المغربي يحبط مخططا إرهابيا يستهدف استقرار المملكة

توقيف 12 عنصرا بايعوا تنظيم داعش وخططوا لتنفيذ عمليات خطيرة.
الجمعة 2025/02/21
يقظة أمنية عالية

أعلن الأمن المغربي إحباط مخطط إرهابي كان يهدد البلاد، بتكليف من قيادي بارز في تنظيم داعش الإرهابي بمنطقة الساحل الأفريقي، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشرا جديدا على يقظة الأمن المغربي ونجاحه في التصدي للمخاطر التي تهدد أمن المملكة وفي مقدمتها العمليات الإرهابية.

الرباط - أحبط الأمن المغربي الأربعاء مخططا إرهابيا خطيرا كان يستهدف مدنا مغربية مهمة بشكل متزامن، بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم داعش بمنطقة الساحل الأفريقي.

 وتؤكد هذه العملية الأمنية النوعية، مرة أخرى، تنامي التهديدات الإرهابية التي تمثلها فروع تنظيم داعش في أفريقيا، ولاسيما في منطقة الساحل، في ظل إصرار التنظيم على تصدير أنشطته الإرهابية إلى مناطق عديدة من العالم، بما فيها المغرب.

وذكر بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن ولمراقبة التراب الوطني في المغرب، أنه “بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تم تنفيذ هذه العملية الأمنية بشكل متزامن في مدن العيون، الدار البيضاء، فاس، تاونات، طنجة، أزمور، جرسيف، أولاد تايمة، وتامسنا بضواحي الرباط، وأسفرت عن توقيف 12 متطرفا تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة، بايعوا تنظيم داعش الإرهابي وانخرطوا في الإعداد والتنسيق لتنفيذ مشاريع إرهابية خطيرة”. 

وتشير المعلومات الاستخباراتية، مدعومة بالتحريات الميدانية، إلى أن أعضاء هذه الخلية الإرهابية كانوا على ارتباط بقيادي بارز في تنظيم داعش بمنطقة الساحل، يشغل منصب مسؤول في ما يسمى بـ”لجنة العمليات الخارجية”، المكلفة بتدويل الأنشطة الإرهابية خارج منطقة الساحل والصحراء. 

محمد الطيار: المغرب نجح في تطوير إستراتيجيته الأمنية المتكاملة
محمد الطيار: المغرب نجح في تطوير إستراتيجيته الأمنية المتكاملة

وأشرف هذا القيادي على عمليات التمويل المالي وتوفير الدعم اللوجستي، كما زوّد أعضاء الخلية بمحتويات رقمية تشرح كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية ميدانيا. 

وتأتي هذه العملية بعدما أجهض الأمن المغربي نهاية يناير الماضي مخططا إرهابيا وشيكا كان في مرحلة التحضير للتنفيذ المادي لعمليات تفجيرية بعد أن تم توقيف أربعة أشخاص مرتبطين بهذا التنظيم بينهم ثلاثة أشقاء. 

وأكد الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية محمد الطيار أن “اعتقال خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش في الصحراء والساحل كانت على وشك القيام بأعمال إرهابية وتخريبية، يؤكد يقظة عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وتجسيدهم الفعلي للمقاربة الاستباقية التي تعتمدها هذه الإدارة، والتي أسفرت عن إنجازات مهمة جدا طيلة السنوات الماضية، كما يؤكد أن محاولات المجموعات الإرهابية آخرها خلية حدّ السوالم قبل عدة أسابيع، لا تزال مستمرة وتستدعي الحذر الشديد.” 

 وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “إجراءات البحث والتعقب للمشتبه فيهم باشرتها عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني منذ مدة، وكانت عناصر الخلية محل رصد ومراقبة ومتابعة دقيقة، ولم يتم اعتقالهم إلا بعد أن تم تحديد قرب موعد قيامهم بتنفيذ مخططهم الإرهابي”، لافتا إلى أن “إجراءات التدخل تعكس المستوى الدقيق من التنسيق الميداني العالي بين مختلف الأجهزة الأمنية، وتعد تجسيدا حقيقيا للنجاح الذي حققه المغرب في تطوير إستراتيجيته الأمنية المتكاملة، وبناء منظومة أمنية تقوم على التنسيق الفعال بين جميع مكوناتها.”

وأشار محمد الطيار إلى أن “المغرب يرصد تحركات المجموعات الإرهابية في الساحل والصحراء، ووضع في إطار حماية أمنه القومي العديد من الأجهزة الإلكترونية في المطارات والموانئ والطرق البرية الرئيسية والساحات العمومية التي تعرف إقبالا كبيرا، كما وضع كاميرات متطورة على الحزام الأمني في الصحراء المغربية، والأماكن العامة الحساسة.”

وأظهرت الأبحاث والتحريات أن الخلية الإرهابية التي توزعت على عدد من المدن المغربية، اعتمدت أسلوبا تنظيميا دقيقا، بتوجيه من القيادي نفسه في تنظيم داعش، حيث كانت المخططات الإرهابية توجه حصريا لفريق “المنسقين”، الذين يتكفلون بتبليغ هذه المخططات لباقي الأعضاء إما بشكل مباشر أو عبر قنوات غير مباشرة، فيما يتولى فريق “المنخرطين” تنفيذ العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى فرع مكلف بالدعم والتمويل، الذي تلقى بشكل مباشر دفعات مالية من تنظيم داعش دون المرور بالشبكة البنكية. 

المغرب يحذر الشركاء الأمنيين الإقليميين والدوليين من تنامي المخاطر والتحديات التي تطرحها التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل الأفريقي

أما بخصوص المشاريع الإرهابية الوشيكة التي حددها فرع داعش بمنطقة الساحل لأعضاء هذه الخلية، فتشمل استهداف أفراد القوة العمومية عبر استدراجهم واختطافهم وتصفية جثثهم، إضافة إلى استهداف منشآت اقتصادية وأمنية حساسة ومصالح أجنبية بالمغرب، فضلا عن ارتكاب أعمال إرهابية تمس بالبيئة من خلال إضرام الحرائق عمدا. 

وحذر المغرب الشركاء الأمنيين الإقليميين والدوليين، من تنامي المخاطر والتحديات التي تطرحها التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل الأفريقي، خصوصا بعد تفكيك العديد من الخلايا المتطرفة خلال السنوات الماضية، والتي أعلنت ولاءها المزعوم لـ”أمراء” تنظيمي القاعدة وداعش في منطقة الساحل والصحراء، وتلقت منهم مباركة وتزكية لمخططاتها الإرهابية، إلى جانب حصولها على الدعم المالي واللوجستي اللازم، فضلا عن وعود بتوفير ملاذات آمنة لأفرادها في حال تنفيذهم لعملياتهم الإرهابية.  

وتشير الأبحاث والتحريات الأمنية إلى أن أعضاء الخلية أجروا مؤخرا عمليات ميدانية لتحديد المواقع المستهدفة بعدد من المدن المغربية، كما حصلوا على “مباركة” تنظيم داعش بمنطقة الساحل لمشروعهم الإرهابي، إذ توصلوا بشريط مصور يبارك العملية ويحرض على تنفيذها، ما كان إيذانا بانتقالهم إلى المرحلة الميدانية لتنفيذ العمليات التخريبية. 

وتؤكد معطيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن عمليات التفتيش في منازل أعضاء هذه الخلية الإرهابية، أسفرت عن حجز أجسام ناسفة في طور التركيب داخل منزل المشتبه فيهم بمنطقة تامسنا، ومواد كيميائية تدخل في صناعة المتفجرات، إضافة إلى عدد كبير من الأسلحة البيضاء من مختلف الأحجام، ومبلغ مالي بالدولار الأميركي، وأكياس تضم مواد كيميائية مشبوهة، ورسم حائطي يتضمن شعار تنظيم داعش، بالإضافة إلى مخطوطات ورقية تحتوي على رصد دقيق لبعض المواقع والمنشآت المستهدفة. 

4