حنّا تيتيه تصل طرابلس لتولي مهامها في مواجهة ملفات شائكة

وصلت أمس الخميس الرئيسة الجديدة لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا حنّا سيروا تيتيه إلى العاصمة طرابلس لتولي مهامها في مواجهة عدد من الملفات الشائكة.
وقالت في بيان: “وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2755 لسنة 2024، سوف أتولى قيادة جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة، بالبناء على العمل الذي قام به أسلافي وزملائي في البعثة، حيث سأواصل بذلك إيجاد السبيل نحو حل يقوده الليبيون ويملكون زمامه، ولن يتحقق هذا دون العمل بشكل فاعل مع جميع الليبيين من جميع ألوان الطيف السياسي والمجتمع المدني من الحكماء والنساء والشباب والمجتمعات المحلية والمكونات الثقافية وهو التنوع الذي يميز هذه الأمة النابضة بالحياة، وبالتعاون مع زملائي في البعثة.”
وأضافت: “سنسعى إلى معرفة آرائهم وأفكارهم وفهم مخاوفهم لإعلاء أصواتهم وتعزيز آمالهم في المستقبل، وسوف يكون الناس هم محور النهج الذي نتبعه.”
وتابعت تيتيه: “مع الإدراك التام بأن الحل الدائم يجب أن يكون حلاً يقوده الليبيون ويملكون زمامه، سوف أعمل أيضا مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية للحصول على دعمها من أجل حشد جهودنا لتمكين الجهات الفاعلة الليبية من الحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة أراضي ليبيا وسيادتها،” مردفة: “تحت قيادتي، سوف تواصل البعثة العمل بلا كلل لدعم المؤسسات الليبية وتمكينها من إجراء انتخابات وطنية شاملة للجميع وصياغة رؤية وطنية جماعية للتصدي للتحديات التي تواجهها ليبيا منذ أمد بعيد وأقر بأن الأمر لن يكون سهلا، ولكن العمل معاً يجعله ممكنًا،” معلنة أنها لن تدخر جهداً في السعي إلى تحقيق السلام والاستقرار لليبيا والشعب الليبي.
المبعوثة الأممية الجديدة أمام تحدٍّ بألا تكون مجرد رقم في لائحة المبعوثين الأمميين، وألا تضطر لتقديم استقالتها
وأكدت تيتيه أن “الأمم المتحدة تظل ملتزمة التزاماً راسخاً بدعم ليبيا لتغدو مزدهرة ومستقرة وديمقراطية، ليبيا التي تخدم كل شعبها وتوفر لهم الفرص؛ ليبيا الدولة التي تتبوأ مكانتها كطرف فاعل بكل ثقة على الساحة العالمية.”
وسيكون أمام المبعوثة الجديدة تحدّ كبير وهو ألا تكون مجرد رقم في لائحة المبعوثين الأمميين، وألا تضطر لتقديم استقالتها كما فعل سابقوها في ظروف غامضة وآخرهم الدبلوماسي السنغالي المخضرم عبدالله باتيلي.
وتحظى تيتيه بدعم مهم من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وقال مندوب روسيا بالمجلس فاسيلي نيبينزيا إن “الوضع في ليبيا حساس، ويجب تصحيح الخلل المتمثل في اللجنة الاستشارية، وإحياء جهود وساطة الأمم المتحدة عبر المبعوثة الأممية الجديد حنّا تيتيه، التي نثق أنها ستنتهج نهجا محايدا في الحالة السياسية الليبية.”
وأعربت مندوبة الولايات المتحدة ليندا توماس غرينفيلد عن ترحيب بلادها بجهود البعثة الأممية لحل الجمود السياسي في ليبيا، وقالت إن “حنّا تيته لديها خبرات سابقة في السودان وجنوب السودان؛ ما يمكنّها من المساعدة في تحقيق تقدم في الملف الليبي، ووجود ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى جانبها سيعطيها زخما جيدا ويقدم لها المزيد من الدعم، مشددة على أهمية توحيد المؤسسات الليبية بين الشرق والغرب.”
كما أعربت مندوبة بريطانيا باربرا وودوارد، عن تطلعها للعمل مع المبعوثة الأممية الجديدة إلى ليبيا حنّا تيتيه للاستفادة من زخم المبادرة التي دشنتها البعثة تحت قيادة القائمة بالأعمال ستيفاني خوري لدعم المسار السياسي، واعتبرت أن إنشاء اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في المسار السياسي الذي تقوم به البعثة الأممية في ليبيا، ويمكنها أن ترسم مسارا إيجابيا في البلاد.
وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن، أوضحت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري ديكارلو أن “ليبيا احتفلت بالذكرى الرابعة عشرة لثورة 17 فبراير، غير أن الحلم بليبيا مدنية وديمقراطية تنعم بالرخاء ما يزال حلماً بعيد المنال، فالانقسامات المتأصلة وسوء إدارة اقتصاد البلاد واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان والمصالح المحلية والخارجية المتنافسة، كلها عوامل مستمرة في تقويض وحدة ليبيا واستقرارها.”
وتابعت ديكارلو “هناك حاجة ملحة لإحراز تقدم في ليبيا، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، المكلفة من هذا المجلس، تتخذ خطوات لإحياء عملية سياسية ليبية، ترتكز على مبادئ الشمولية والملكية الوطنية. اسمحوا لي أن أطلعكم على الجهود الرئيسية الجارية.”
إقرأ أيضا
وأضافت: “في 4 فبراير الجاري، أنشأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لجنة استشارية مكلفة بتقديم توصيات لمعالجة القضايا الخلافية في التشريعات الانتخابية التي حالت دون إجراء انتخابات وطنية، وهي ليست هيئة لاتخاذ القرارات، لكن مقترحاتها ستدعم الجهود الرامية إلى إزالة العقبات التي تحول دون إجراء انتخابات وطنية في ليبيا. وتتألف اللجنة من 20 شخصية ليبية، بينهم خبراء قانونيون ودستوريون، 35 في المئة منهم من النساء.”
وأكدت المسؤولة الأممية أن “الاستقرار الهش في ليبيا في خطر متزايد، فقادة البلاد والجهات الأمنية الفاعلة يخفقون في وضع المصلحة الوطنية فوق تنافسهم على المكاسب السياسية والشخصية،” وحثت أعضاء المجلس على تقديم دعمهم للممثلة الخاصة المعيّنة حديثاً، حنّا تيتيه في عملها للمساعدة في كسر الجمود السياسي وحل الأزمة الليبية التي طال أمدها ودعم الشعب الليبي نحو توحيد مؤسسات ليبيا وإجراء انتخابات وطنية شاملة.”
وفي التاسع والعاشر من فبراير الجاري، عقدت البعثة الاجتماع الافتتاحي للجنة الاستشارية في طرابلس. وقد رحب العديد من الأطراف الليبية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية والفئات النسوية والشبابية، بإنشاء اللجنة كفرصة للدفع بالعملية السياسية إلى الأمام. والتأمت اللجنة مرة أخرى يوم الثلاثاء في اجتماع يستمر ثلاثة أيام لدراسة القضايا الخلافية بالتفصيل والبدء في النظر في خيارات حول كيفية التغلب عليها.
وستجد المبعوثة الجديدة نفسها أمام تحديات عدة تتعلق بالتوازنات الداخلية والتدخلات الخارجية وكيفية إقناع الفرقاء الممسكين بمقاليد الحكم بالتنازل عن امتيازات السلطة والتوافق على مشروع وطني جامع يخرج البلاد من أزمتها المتفاقمة منذ 14 عاما.