الأمم المتحدة تدشن أعمال لجنتها الاستشارية في ليبيا استعدادا لمراحل قادمة من العملية السياسية

خوري: اللجنة تمثل أولى خطوات الخروج بخيارات لحل القضايا الخلافية حول الانتخابات.
الاثنين 2025/02/10
تحدي تنظيم الانتخابات ليس سهلا

أكدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ستيفاني خوري، أن اللجنة الاستشارية تعتبر أولى الخطوات في المسعى نحو الخروج بخيارات تساعد في تيسير حل القضايا السياسية الخلافية العالقة الخاصة بالانتخابات، وسط تشديد على أهمية دعم المؤسسات الليبية في إجراء انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في إطار زمني واقعي.

دشنت اللجنة الاستشارية الليبية أمس الأحد أعمالها في مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في طرابلس بحضور نائبة الممثل الخاص للأمين العام، ستيفاني خوري، التي رحبت بالأعضاء العشرين، وسلطت الضوء على الدور الرئيسي للجنة الاستشارية كجزء من العملية السياسية الشاملة، بملكية وقيادة ليبية، والتي وضعت لكسر الجمود السياسي الحالي.

وأشارت خوري إلى إحاطتها لمجلس الأمن في شهر ديسمبر من العام الماضي، موضحة أن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات، بل ستقوم بإعداد مقترحات سليمة تقنيًا وقابلة للتطبيق سياسيًا لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي.

وستكون اللجنة محددة المدة، وسيتم تقديم نتائجها إلى البعثة استعدادًا للمراحل اللاحقة من العملية السياسية، لدعم المؤسسات وصناع القرار الليبيين في تسهيل إجراء الانتخابات الوطنية. وخاطبت خوري الأعضاء بالقول: “أشكركم على قبولكم المشاركة في هذا المسعى الهام. ينتظرنا تحدٍّ ليس سهلاً، ولكنه مهم.”

مراقبون يرون أن التحدي الأكبر أمام اللجنة الاستشارية هو الانسجام بين أفرادها بمعزل عن التدخلات السياسية

 وأضافت، إن “اللجنة الاستشارية جزء من العملية السياسية الشاملة بين الليبيين والتي أعلنتُها في إحاطتي لمجلس الأمن في ديسمبر بغية التغلب على الانسداد السياسي الحالي في ليبيا. وقد شكلت البعثة هذه اللجنة الاستشارية وفقاً للفقرتين 2 و5 من قرار مجلس الأمن 2755 لسنة 2024” مردفة: “لقد شكلنا هذه اللجنة لتقوم بوضع مقترحات سليمة من الناحية الفنية وقابلة للتطبيق سياسيا لحل القضايا الخلافية العالقة في الإطار الانتخابي بغية تمكين إجراء الانتخابات. ونتوقع أن تكون نتائج مداولاتكم مفيدة للمراحل اللاحقة من العملية السياسية وأن تدعم صنّاع القرار والمؤسسات الليبية لتجاوز الانسداد السياسي الحالي، وهو ما دعت إليه الفقرة 5 من قرار مجلس الأمن 2755 لسنة 2024.”

وتابعت خوري: “كما يوحي اسمها، فإن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات، ولا تحل محل أي من المؤسسات القائمة. وهدفنا هو أن تنهي اللجنة عملها في أقصر وقت ممكن، وبأدائها مهامها، ستقوم هذه اللجنة بالبناء على الأطر والقوانين الليبية القائمة بما في ذلك الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي والقوانين الانتخابية للجنة (6+6).”

وأعربت خوري عن أملها في أن “تحقق هذه اللجنة من خلال خبرات وكفاءة أعضائها الهدف المرجو منها وأن تكون منصة مثمرة لمناقشات بنّاءة واقتراح خيارات عملية وقابلة للتنفيذ سياسياً تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية.”

وفي خطابها لأعضاء اللجنة، قالت المسؤولة الأممية: “تم اختياركم كأعضاء في هذه اللجنة، ودعوتكم للمشاركة فيها بناءً على مهنيتكم وخبرتكم في القضايا القانونية والدستورية و/أو الانتخابية وقدرتكم على التوصل إلى حلول وسط وفهمكم للتحديات السياسية التي تواجه ليبيا” لافتة “نحن بحاجة إلى حكمتكم الجماعية والنظر في التجارب السابقة واستخلاص الدروس لتحديد الطريق إلى الأمام.”

 وأضافت “أدرك بأن هذا ليس بالأمر الهين” معتبرة أن “القضايا ليست معقدة فحسب، بل إنها أيضًا عرضة للاستغلال السياسي في سياق شديد الاستقطاب مثل واقع ليبيا اليوم. مسؤوليتنا الجماعية هي الحفاظ على نزاهة هذه اللجنة من خلال التركيز على المهمة الموكلة إليها، ووضع المصلحة الوطنية أولاً، والارتقاء فوق المصالح الحزبية” وفق قولها.

وأبرزت خوري أنها استمعت لليبيين من شتى مشارب الحياة ممن التقت بهم مراراً وتكراراً، ووجدتهم يطالبون بانتخابات وطنية ويعبرون عن الحاجة إلى مؤسسات موحدة. وتابعت: “الهياكل الانتقالية في ليبيا تنهار تحت وطأة الاستقطاب السياسي والافتقار إلى مشروع واضح لنظام حكم دائم، والشرعية الديمقراطية التي اكتُسبت بعد الثورة تتلاشى بشكل سريع.”

اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات، بل تعمل تحت سقف زمني محدد، وستُقدم مخرجاتها إلى البعثة للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية

واستطردت: “علينا أن نفكّر بصدق وصراحة في الأسباب التي حالت دون نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر 2021، وذلك للمساعدة في تذليل العقبات التي تمنع إجراء الانتخابات اليوم،” لافتة إلى “أننا بحاجة إلى أن نستقي العِبر من الماضي كي لا نرتكب نفس الأخطاء في المستقبل، ولا بد من التركيز بشكل حقيقي على المعالجة الشاملة للعقبات التي تحول دون وصول البلاد إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.”

واختتمت خوري كلمتها بالقول “هدفنا هو الخروج بخيارات تساعد في تيسير حل القضايا السياسية الخلافية العالقة الخاصة بالانتخابات ودعم المؤسسات الليبية في إجراء انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في إطار زمني واقعي مع الحفاظ على الاستقرار الهش في ليبيا. واللجنة الاستشارية هي أولى الخطوات في هذا المسعى.”

ويرى مراقبون أن التحدي الأكبر أمام اللجنة الاستشارية هو الانسجام بين أفرادها بمعزل عن التدخلات السياسية والاجتماعية والتأثيرات الداخلية والخارجية وجعل مخرجاتها ملزمة في سياق الوضع السياسي العام في البلاد، لاسيما في ظل التجاذبات المتواصلة بين الفرقاء الأساسيين.

وبحسب البعثة الأممية، فإن مهمة اللجنة الاستشارية تتمثل في تقديم مقترحات، ملائمة فنياً وقابلة للتطبيق سياسياً، لحل القضايا الخلافية العالقة من أجل تمكين إجراء الانتخابات، وذلك بالاستناد على المرجعيات والقوانين الليبية القائمة بما في ذلك الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي وقوانين 6+6 الانتخابية.

وتتكون اللجنة الاستشارية من شخصيات ليبية تمت تسميتها بناءً على تقييم البعثة لخبراتها وقدراتها، وجرى اختيارها بناءً على مجموعة من المعايير التي تشمل: المهنية؛ الخبرة في القضايا القانونية والدستورية و/أو الانتخابات؛ والقدرة على تحقيق التوافق؛ مع فهم للتحديات السياسية التي تواجه ليبيا. كما أخذت بعثة الأمم المتحدة في الاعتبار العوامل الثقافية والتوازن الجغرافي وتمثيل المرأة. 

وأكدت البعثة أن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقىً للحوار، بل تعمل تحت سقف زمني محدد ويتوقع منها إنجاز مهامها خلال فترة قصيرة، وستُقدم مخرجاتها إلى البعثة للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية، وستعمل البعثة على تيسير التواصل والتفاعل بين اللجنة والمؤسسات المعنية.

وتعد اللجنة الاستشارية جزًءاً لا يتجزأ من جهود الأمم المتحدة لدعم مساعي ليبيا كي تتجاوز الانسداد السياسي المستعصي والتشظي من أجل تحقيق تقدم نحو إجراء انتخابات وطنية باعتبارها السبيل لتجديد شرعية المؤسسات الليبية.

4