الائتلاف الحكومي ينزه انسجامه عن تأثير تنافس انتخابي مبكر

تشهد الساحة السياسية في المغرب مرحلة من التهدئة في تصريحات الأحزاب وخصوصا بين مكونات الائتلاف الحكومي الذي بدأ بعضها الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة المقرر تنظيمها في العام 2026، وذلك بعد سنوات من ولاية حكومة عزيز أخنوش التي تميزت بمواجهة خاصة بين الأغلبية الحكومية وبعض مكونات المعارضة.
الرباط - قللت الحكومة المغربية من تأثير التراشق السياسي بين قيادات الأحزاب المشكلة للائتلاف الذي يقوده حزب الأحرار، تهييئا للساحة السياسية لتنافس انتخابي مبكر، منها قيادات الأصالة والمعاصرة التي أكدت أن “الحزب سيترأس ‘حكومة المونديال’، وسيحل في المركز الأول في استحقاقات 2026 الانتخابية.”
وقال رشيد حموني، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ورئيس فريقه بمجلس النواب، إن حزب “الكتاب” في أفضل حالاته، مشيرا إلى أن “المشاركة في الحكومة تعد فرصة لتنفيذ برامجه الإصلاحية بناءً على مرجعيته السياسية.” وأكد حموني أن “هدف حزب التقدم والاشتراكية لم يكن أبدا دخول الحكومة بأي ثمن.”
وأضاف في حوار لموقع إخباري محلي أن “الحزب يرفض الدخول إلى الحكومة إذا لم يكن هناك برنامج توافقي مع الأطراف الأخرى”، لافتا إلى أن “الحزب يفضل عند غياب التوافق ممارسة المعارضة بشكل وطني، مع التركيز على تقديم اقتراحات بناءة تهدف في النهاية إلى خدمة المواطن المغربي.” من جهته، أفاد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن “الفضاء السياسي يختلف عن الفضاء الحكومي”، و”لا يمكن ممارسة الوصاية على الفضاء السياسي.”
وأضاف في ندوة صحفية تلت اجتماع المجلس الحكومي أنه “لا يمكن ممارسة الوصاية على الفضاء السياسي الذي فيه تقديرات لا تعبّر بالضرورة عن المواقف الرسمية للأحزاب المشاركة في الحكومة”، مؤكدا أن “الحكومة ينصب انشغالها على الوفاء بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي وتنفيذ توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.”
وخرجت مكونات الائتلاف الحكومي خلال الفترة الأخيرة بتصريحات تعبّر من خلالها عن طموحها لقيادة الحكومة المقبلة، وتؤشر على بدء السباق الانتخابي المبكر قبل قرابة سنة ونصف السنة على موعد الاستحقاقات الانتخابية.
ويعول حزب الأصالة والمعاصرة على منسقة القيادة فاطمة الزهراء المنصوري لقيادة حكومة المونديال، إذ تمسك محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، وعضو القيادة الجماعية للحزب، بما أكدته فاطمة الزهراء المنصوري بشأن ترؤس الحكومة المقبلة، قائلا إن “الحزب سيترأس ‘حكومة المونديال’، وسيحل في المركز الأول في استحقاقات 2026 الانتخابية.”
وأورد القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، خلال حلوله ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني، مساء الخميس، تفاعلا مع التساؤلات التي رافقت انتقادات عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار محمد أوجار، لحصيلة الإسكان، وتصريحات قادة الائتلاف المتواترة بالرغبة في تصدر الانتخابات المقبلة، أن “جميع الملاحظات المثارة بهذا الخصوص تناقش داخل اجتماع الأغلبية، بما في ذلك الإشكاليات المرتبطة بتدبير العلاقات داخل التحالف.”
وأكد رضوان أعميمي، أستاذ القانون العام، في تصريح لـ”العرب”، أن “الاستعدادات الانتخابية المبكرة دليل على ضعف الثقة بين مكونات أحزاب التحالف الحكومي من جهة، وتعبير عن محاولة التموقع السياسي وحسم المعركة مبكرا، خاصة وأن الفاعل السياسي اليوم فهم بأن الفضاء العمومي خاصة الرقمي أصبح محددا للتموقع الانتخابي، الذي كان له الدور الكبير في وضع فارق في الانتخابات السابقة 2021.”
وأضاف أن “هذه الاستعدادات المبكرة للانتخابات سيكون لها انعكاس على الانسجام الحكومي، خاصة وأن الحكومة لا تزال ترتب بيتها الداخلي بعد آخر تعديل حكومي، لهذا ينبغي الانتباه من طرف أحزاب الأغلبية لحساسية هذه المرحلة، لعدة اعتبارات أهمها أن الرسالة التي يتلقاها المواطن ستكون حاسمة في مدى مشاركته في العملية الانتخابية المقبلة لأن الرهان هو الرفع من نسب المشاركة”، لافتا إلى أن “السنة الأخيرة من عمل الحكومة عادة ما تكون سنة بيضاء من حيث التشريع والمبادرات الحكومية لذلك يتطلب الأمر تسريع العمل وتحقيق انسجام أكثر سيخدم مصلحة كل الأحزاب المشاركة في الحكومة، وستكون المحطة الانتخابية مرحلة لتقوية حضورها سياسيا وانتخابيا، فضلا عن أن حكومة المونديال كما تسميها بعض الأحزاب ستحتاج إلى ائتلاف موسع ومنسجم، وهو ما يسائل الأحزاب منها الاستقلال الذي لايزال يعرف مجموعة من الإشكالات التنظيمية.”
وأكد أن “المزايدات الانتخابية سابقة لأوانها، وعلى بعد قرابة 18 شهرا من الاستحقاقات التشريعية، سيستنزف أحزاب الأغلبية الحكومية”، مشددا على أنه “يجب أن نراقب أنفسنا في الأغلبية قبل الحديث عن أحزاب المعارضة، والآن ليس وقت المزايدات، ولا يجب أن نبدأها باكرا.”
وحول مستقبل الانسجام الحكومي، أورد محمد بنسعيد أنه “لا بد من وجود تضامن في الأغلبية الحكومية، وأن تتحمل مكوناتها المسؤولية مجتمعة، وما يهم في نهاية المطاف بالنسبة للتحالف الحكومي إيجاد الحلول للإشكاليات الحقيقية التي تواجه المواطن المغربي.”
وتابع بنسعيد موضحا “ها هو رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال حليفنا الحكومي حاضر معنا اليوم، وكان لنا نقاش وقلنا إنه لا يزال 18 أو 16 شهرا للانتخابات، وقلنا إننا سنتعب إذا بدأنا الآن. أما الأمر الثاني فهو أي رسالة سنعطي للمغاربة؟ فقد كنا، ونحن في المعارضة خلال ولايتين، دائما ننتقد الحكومات السابقة لأن هناك نقصا في التنسيق والتضامن، ولا يمكننا اليوم أن نفعل مثلهم، وإذا كان هناك شخص يريد العودة (للحكومة) فمن حقه، ولكن هناك لباقة وأسلوبا في التعامل.”
ويرى القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة بنسعيد أن “التحدي في انتخابات 2026، التي ستحدد الحكومة التي ستضع اللمسات الأخيرة على استعدادات المغرب لتنظيم مونديال 2030 رفقة جاريه الإيبيريين إسبانيا والبرتغال، ليس من سيربح الانتخابات بل كم مغربيا سيصوِّت”، مبرزا أنه “يمكن أن أتصدر بعدد قليل، وتذكرون أزمة 2007 التي جعلت الأصالة والمعاصرة ينشأ وكان لنا صراع لفرض أنفسنا في الساحة السياسية، ولا يجب أن نصبح اليوم جزءا من البؤس السياسي وعدم خلق ديناميكية سياسية بالمجتمع.”
وكشفت مصادر مسؤولة لـ”العرب” أن اجتماعا لقادة أحزاب الئتلاف المنتظر، سيكون مناسبة لتهدئة التوتر القائم بعد تصريحات زعماء أحزاب الائتلاف بخصوص الحديث عن تصدر الانتخابات المقبلة، والتعامل الحازم مع هذا الوضع والانتقادات الموجهة للحكومة من برلمانيين ينتمون إلى أحزابها.
كما عبّر قادة في التجمع الوطني للأحرار، منهم عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس مجلس النواب راشد الطالبي العلمي، عن طموحات لاستمرار حزبهم في ولاية ثانية، مشددين على أن “حزبهم سيقود الحكومة حتى سنة 2032، وأنه سيستمر في تصدر المشهد السياسي خلال انتخابات 2026″، معبّرين عن قناعتهم ببقاء الحزب في السلطة لولاية أخرى، مؤكدين أن حزب الأحرار هنا لخدمة التنمية.