سانجاي سانوال لـ"العرب": الأفلام التي تناقش عمالة الأطفال تشكل تحديا في الهند والدول النامية

"كانو" نجح في إيصال رسالته السينمائية إلى المتابعين في العالم.
الاثنين 2025/01/20
مخرج يصور قضايا حساسة في مجتمعه

يسعى المخرج الهندي سانجاي سانوال إلى جعل أفلامه القصيرة صوتا يدافع عن أهم القضايا، ومن هذه الأفلام "كانو" الذي جاء يناهض عمالة الأطفال وحصل على جوائز مهمة. وهو في حوار جمعه مع "العرب" يكشف عن رؤيته الفنية وسر تخصصه في صناعة الأفلام القصيرة.

يواصل المخرج الهندي سانجاي سانوال تحقيق النجاح في إخراج الأفلام القصيرة بخبرة تزيد عن 20 عاما في الإنتاج والكتابة والإخراج، ويحصد الجوائز الدولية بأفلامه التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية، إذ حقق أكثر من 50 جائزة عالمية.

آخر أعمال سانوال كان فيلما بعنوان “كانو”، تطرق فيه إلى قضايا حساسة تتعلق بتشغيل الأطفال، حصد أكثر من عشرين جائزة دولية وعُرض في مهرجانات مرموقة، وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” حوار مع المخرج الهندي حول الفيلم ومسيرته الفنية ورؤيته الإخراجية الخاصة.

حول بداية مسيرته المهنية كفنان متخصص في التصوير وأثار هذه التجربة على نهجه في الإخراج، يقول المخرج الهندي لـ”العرب”: “خلال سنوات دراستي فزت بالعديد من مسابقات الرسم المحلية، وبعد ذلك انتقلت إلى مومباي، وكان الرسم هو الفن الوحيد الذي كنت أتقنه كمصدر للرزق هناك، وبناءً على نصيحة بعض المخلصين بدأت العمل مع بعض صانعي الإعلانات التجارية، إذ تمكنت من إظهار موهبتي في الرسم، وهذا ساعدني على الترقية بسرعة نحو ابتكار الأفكار وإخراج الأفلام، وكانت هذه موهبة إضافة مخفية لدي منحتني فرصة للظهور، ولاحقا قمت بإخراج بعض الأفلام الإعلانية التي لاقت تقديرا كبيرا في سوق الإعلانات في الهند.”

تشغيل الأطفال قضية عالمية ورغم أنها منتشرة في الدول النامية إلا أنها تمس الإنسانية في كل مكان
تشغيل الأطفال قضية عالمية ورغم أنها منتشرة في الدول النامية إلا أنها تمس الإنسانية في كل مكان

وعن انعكاس تكوينه على ما يقدمه من قصص وأفلام، يقول “هناك سببان، الأول هو أن جزءا من القصة يعكس تجربتي الشخصية أثناء قيامي برحلة مشي مع أطفالي في مسقط رأسي نينيتال في ولاية أوتاراخاند الهندية، إذ يتضمن الفيلم جزءًا من تلك التجربة، أما الباقي فهو من خيالي عن تشغيل الأطفال، أما السبب الثاني للإلهام فهو أن تشغيل الأطفال يمثل مشكلة خطيرة في الدول النامية والمتخلفة، ومع أن الحكومة الهندية سنت قوانين صارمة ضد تشغيل الأطفال، وهو ما جعل هذا العمل جريمة خطيرة وساهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع مقارنة بالماضي، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة على المستوى العالمي”.

ويرى سانجاي أن الجوائز التي حصل عليها فيلم “كانو” تمثل نجاحا كبيرا بالنسبة له كمخرج وكاتب للفيلم، وللفريق بأكمله الذي حصل على هذا العدد الكبير من الجوائز عالميا، “فجميع أعضاء الفريق من فنانين ومبدعين وتقنيين، يشعرون بالسعادة بسبب هذا النجاح، أما الآن تتوجه أنظارنا إلى جائزة “دادا فيلكه” في الهند، فالفيلم يحمل قصة مؤثرة للغاية وسيناريو متصل بالمشاعر، خصوصا في المشهد الذي يظهر فيه كانو الطفل العامل وهو طفل بريء يزور جدته المريضة ويخبرها أنها لن تموت لأنه يعمل بجد لضمان نجاح المطعم الذي يديرانه معا، حيث يحرص على تقديم كل زبون بأفضل طريقة، وأعتقد أن الرسالة المناهضة لعمالة الأطفال وصلت بشكل جيد إلى الجماهير حول العالم.”

ويوضح أن “كانو ليس الفيلم الوحيد الذي قمت بإخراجه، فقد قدمت أفلاما أخرى تتناول قضايا اجتماعية مهمة، منها فيلم ‘بونام’ الذي يتناول رعاية كبار السن، والذي شارك فيه نجوم كبار من مومباي مثل راجيت كابور، ميتا فاشيشث وغيرهم، ويمكن مشاهدة الفيلم كاملا على موقع يوتيوب. تشغيل الأطفال لا يزال قضية عالمية، ورغم أنها منتشرة بشكل أكبر في الدول النامية إلا أنها تمس الإنسانية في كل مكان، ونحن اليوم بمثابة عائلة عالمية واحدة، والرسالة التي يحملها الفيلم قوية للغاية ويمكن أن يكون هذا ما جعل الجماهير في البلدان المتقدمة أيضا تشعر بمدى أهمية هذه القضية.”

ويقول المخرج الهندي لـ”العرب”: “بدعم من شبكة عالمية من صانعي الأفلام والموزعين وخبراء التسويق، اتبعت نهجا عمليا يستند إلى التحديثات والبحث عبر الإنترنت قبل تقديم فيلم ‘كانو’ إلى المهرجانات المرموقة، نعم إذا حظي الفيلم باعتراف أي من هذه المهرجانات، كان من الممكن أن يسهم ذلك في رفع مستوى الوعي حول قضية تشغيل الأطفال على نطاق أوسع، وبالتأكيد كان الجمهور سيزداد عالميا وكان ذلك سيعزز أيضا من مكانتي كمخرج.”

المخرج يؤكد أنه في مجال "صناعة الأفلام القصيرة هناك دائما قضيتان أساسيتان تشكلان تحديا، جمع التمويل وبيع الأفلام"

ويشير سانوال إلى أنه في مجال “صناعة الأفلام القصيرة هناك دائما قضيتان أساسيتان تشكلان تحديا، جمع التمويل وبيع الأفلام، فعند إنتاج فيلم طويل يكون لديك منصة لإطلاقه ولكن في حالة الأفلام القصيرة، لا توجد جهات شراء أو منصات تحقق عوائد مالية، وهذا يسبب إحباطا دائما. أنا حاليا أواجه هذا التحدي وأبحث عن عملاء يمكنهم شراء حقوق الفيلم على الأقل لتغطية تكاليف الاستثمار، أما بالنسبة للترويج فإن المهرجانات السينمائية والجوائز تمثل منصات رائعة للترويج بلا شك. وحاليا أبحث عن مستثمرين لأحد أفلامي المخصصة لمهرجان كان، وموضوع الفيلم هو التبرع بالأعضاء، كما أنني أعمل على مشروع فيلم طويل منذ عدة سنوات، وهو فيلم رومانسي مثير حول قاتل متسلسل، ولدي صيغة تجارية مبتكرة خاصة بي لإدارة الأعمال السينمائية، حيث أستلم التمويل من المستثمر، وأنتج الأفلام مع فريق إنتاج سينمائي كامل في مومباي، وبعد الانتهاء من الفيلم نقوم ببيعه ويسترد المستثمر كامل المبلغ، وبعد ذلك نتقاسم الأرباح بنسبة 50 في المئة لكل طرف.”

وحول الدور الذي تلعبه الأفلام القصيرة في زيادة الوعي وتحفيز العمل على القضايا الاجتماعية مقارنة بالأفلام الطويلة، يقول: “لا أعتقد أن الأفلام الطويلة تستهدف نقل الرسائل، فهي تركز على الترفيه فقط، أليس كذلك؟ أما الأفلام القصيرة، فهي دائمًا ما تركز على إيصال رسالة، لكن للأسف لا توجد منصات عرض مخصصة للجمهور لمشاهدة الأفلام القصيرة التي تتميز بجودة إنتاجية عالية ورسائل توعوية. حتى أغلب منصات البث ترفض عرض الأفلام القصيرة! يوتيوب يعد منصة يمكن من خلالها عرض هذه الأفلام، ولكن تحقيق أرباح منها أمر معقد وغير مشجع. أطلب من الحكومات والمنظمات غير الحكومية شراء حقوق هذه الأفلام وعرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي دور السينما.”

ويوضح المخرج أنه دائمًا ما يركز على الفن والتقنيات عند صناعة الأفلام، “فعندما يقوم صانع الأفلام بإنتاج فيلم يستهدف الجوائز والمهرجانات السينمائية، فإنه يجب أن يركز على الجوانب الفنية لصناعة الفيلم بدلا من الجانب التجاري، لأن تقييم الفيلم يعتمد على هذه الجوانب. وأولا وقبل كل شيء، يجب على صانعي الأفلام الناشئين التفكير في بناء ملف شخصي غني لأنفسهم، ويمكنهم التركيز على المهرجانات السينمائية والجوائز، وبمجرد أن يصبحوا معروفين كصانعي أفلام، يمكنهم التوجه نحو قطاع الأفلام التجارية، كما أنصحهم إذا أتيحت لهم فرصة صناعة فيلم تجاري بأن يركزوا على تحقيق النجاح التجاري بدلا من التركيز على الجوانب الفنية، قد تبدو النصيحة صريحة للغاية، لكنها برأيي الخطوة الصحيحة.”

15