المعارضة المصرية ترفض عباءة الحكومة في انتخابات البرلمان

الحكومة المصرية ترى من مصلحتها وجود معارضة في المشهد، في وقت تحرص فيه المعارضة على النأي بنفسها عن السلطة حتى لا تحسب عليها، وهي تطالب بتوفير مناخ مناسب، وضمان الحق في التعددية، ومراجعة القوانين وخاصة النظام الانتخابي.
القاهرة- حسمت المعارضة المصرية موقفها من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة وقررت تشكيل قائمة موحدة تضم أحزابا وشخصيات عامة تمثل موقفها من السلطة، ما يشير إلى تكوين تحالف يواجه أحزاب قررت خوض الانتخابات في أكتوبر القادم عبر تحالف انتخابي يقوده حزب “الجبهة الوطنية” الذي أعلن عزمه تشكيل تحالف واسع.
وعقد مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم في عضويتها أحزابا وشخصيات عامة معارضة، اجتماعا تناول بعض الملفات المتعلقة بالتحالفات الانتخابية، وقرر ضم أحد الأحزاب المزمع تأسيسها الفترة المقبلة ويحمل اسم “الجبهة الديمقراطية”، وبدء مشاورات مع قوى سياسية خارج الحركة لتشكيل قائمة موحدة.
ووضعت المعارضة مجموعة من الضمانات العامة التي طالبت بوجوب تحقيقها قبل المشاركة في الانتخابات المقبلة، بينها توفير مناخ مناسب، وضمان الحق في التعددية، ومراجعة القوانين والنظام الانتخابي، مع التأكيد على أن يعتمد قانون الانتخابات على القائمة النسبية وليس المطلقة، كوسيلة لتعزيز التمثيل السياسي.
وعبّرت مواقف المعارضة عن رغبة في التعرف على مدى قدرتها الالتفاف حول أهداف موحدة في مواجهة السلطة والخروج من دائرة التعويل على عدم وجود وزن سياسي لها في المشهد العام.
وترى في الانتخابات فرصة مواتية للإعلان عن نفسها بعد ما يقرب من ثمانية أعوام على تشكيل الحركة المدنية، التي خاضت معارك سياسية عديدة تؤهلها ليكون لها تمثيل أكبر في مجلس النواب المقبل.
ولم تجد المعارضة ما يمكن أن يجذبها إلى التقارب مع التحالفات المؤيدة للسلطة المزمع تشكيلها، وقد يجعلها التوجس الدائم من حضورها على الساحة أكثر رغبة في الإعلان عن نفسها سياسيا، في حين أن وجود نقاط اتفاق مشتركة تتعلق بالمحددات العليا للأمن القومي للبلاد سوف يساهم في تشييد جدار الثقة بين الطرفين.
وقال منسق عام الحركة المدنية وعضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين طلعت خليل إن المعارضة قررت خوض الانتخابات، وفعلت أخيرا إجراءات لتشكيل تحالف حقيقي بعيدا عن أحزاب السلطة والقريبة منها، والتواصل يتم من خلال استقطاب شخصيات عامة وأحزاب، وتشكيل تحالف يضم قوى قادرة على حمل المسؤولية.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الحركة لديها خطة للتواصل مع الجمهور لجذبه إلى برنامجها، والمشكلة في كيفية حدوث هذا التواصل مع عدم حسم القانون الانتخابي، حال جرى الإبقاء على خوض الانتخابات وفقا للقائمة المغلقة/المطلقة التي تقسم مناطق الدولة إلى أربع دوائر انتخابية فقط، فإن ذلك يقوض قدرة الأحزاب على الحركة، وفي تلك الحالة سيكون القرار هو عدم المشاركة في انتخابات البرلمان.
وأشار إلى أن القانون الانتخابي الحالي غير مرغوب فيه والإصرار عليه يبرهن على وجود رغبة لعدم خوض الانتخابات لصعوبة التواصل مع الجمهور، حيث يتم تقسيم أكثر من 60 مليون ناخب بجداول الانتخابات على أربع دوائر فقط، وسيكون من المستحيل على الناخب التعرف على المرشحين.
◄ خارطة التحالفات في مصر تشهد مفاجآت، مع نية حزب الجبهة الوطنية تشكيل تحالف لخوض الانتخابات القادمة
ويتضمن برنامج المعارضة مبادئ رئيسية، أهمها بناء دولة ديمقراطية حديثة، واتخاذ خطوات تقود إلى اقتصاد قوي وشفاف بعيدا عن طرح بعض الأصول للبيع وفتح المجال بشكل سليم أمام القطاع الخاص، وإتاحة التعددية المطلوبة سياسيا والإفراج عن المعارضين، وعقد مصالحة وطنية مع كافة أطياف المجتمع.
وتكمن مشكلة المعارضة في أنها لم تقدم ما يثبت قدرتها على تجاوز تحديات مجتمعية عدة، وتتماشى فرصتها في البرلمان مع أدوارها السابقة في مواجهة السلطة، غير أن عدم قدرتها على تجاوز خلافاتها الداخلية قبل الحديث عن مصالحة وطنية يشي بأن قطاعا من المواطنين لا ينظرون إلى شعاراتها باعتبارها قابلة للتنفيذ، ما يصعّب مهمتها في الحصول على مقاعد برلمانية تساعدها على تعطيل توجهات الحكومة.
ومازالت أحزاب: العدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية، لم تحسم موقفها من المشاركة في التحالف الذي تنوي الحركة المدنية تشكيله، وأول حزبين (العدل والمصري) جمدا عضويتهما في الحركة، ويغيب الثالث (الإصلاح) عن الاجتماعات، وشاركت تلك الأحزاب في تحالف حكومي موسع في انتخابات العام 2020 وحصلت على 18 مقعدا.
وأكد نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي إيهاب الخراط أن حزبه لم يحسم بعد المشاركة في تحالف الحركة المدنية من عدمه، وثمة اجتماع لهيئة الحزب في فبراير المقبل سيقرر فيه موقفه النهائي، لافتا إلى تكاتف الحزب مع الضمانات التي وضعتها أحزاب الحركة لنزاهة الانتخابات، وعدم استبعاد رموز المعارضة.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن التنسيق بين الأحزاب الثلاثة مستمرّ وهناك رغبة في إنهاء الانقسامات في صفوف المعارضة، وفتح حوار بناء مع أحزاب أخرى، بما يخدم المصلحة العامة للأحزاب التي لها توجهات متقاربة، والأحزاب التي خاضت الانتخابات السابقة تحت “القائمة الوطنية الموحدة” حققت مكاسب وخسائر أيضا.
وأشار إلى أن الأحزاب الثلاثة خاضت الانتخابات وحصلت على ضمانات ووعود بعد التضييق ضد مرشحيها في الانتخابات الفردية، لكن ذلك لم يتحقق، وهناك شكوك حول النتائج، لكن نواب أحزاب المعارضة قدموا نموذجا لما يمكن أن يكون عليه التمثيل النيابي، حال جرى تسهيل وصول المعارضين إلى البرلمان.
ويمكن أن تشهد خارطة التحالفات الانتخابية مفاجآت، مع نية حزب الجبهة الوطنية تشكيل تحالف وصفه بالأكبر لخوض الانتخابات وترويج أنه لا يحمل مواقف مؤيدة أو معارضة.
وقد يحقق تدشين تحالف من أحزاب المعارضة مكاسب سياسية إذا نجحت هذه الأحزاب في أن تصبح خصما قويا، وخرجت ببرلمان يضم أطيافا مختلفة تخدم الإعلان المبكر عن تشكيل التحالف المعارض، انتظار لما يمكن أن تقدمه السلطة من وعود ومكتسبات لخوض الانتخابات عبر تحالف واسع.
وتواجه الحركة المدنية انتقادات لعدم قدرتها التعامل بجدية كبيرة مع التشرذم داخلها، وقد تجد السبيل الأسهل هو الانسحاب من المشهد الانتخابي مثلما كان الوضع بالنسبة إلى انتخابات مجلس الشيوخ الماضية، ومقاطعة البعض الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما يعني إخفاقها في تحقيق مكاسب تؤهلها لتحجز مكانا لها في المعادلة السياسية.
ويبلغ عدد الأحزاب المشهرة وفق القانون والدستور في مصر 87 حزبًا، منها 14 حزبًا ممثلة في البرلمان الحالي، على رأسها حزب مستقبل وطن بأغلبية 320 مقعدًا.