الكفرة الليبية تشتكي تزايد أعداد النازحين السودانيين

تزايدت أعداد النازحين السودانيين في مدينة الكفرة الليبية، ما أدى إلى صعوبة استيعاب المدينة لها، في ظل نقص الغذاء والرعاية الصحية، وسط انتقادات لاذعة من المسؤولين المحليين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ودعوتهم إلى تقديم الدعم اللازم وتحسين أوضاع اللاجئين.
أكدت بلدية الكفرة الليبية أنها تواجه تحديات في استيعاب اللاجئين السودانيين، خاصة مع الزيادة المستمرة في أعدادهم، مما يفوق إمكانيات البلدية المتاحة. ووصف المتحدث باسم البلدية عبدالله سليمان أوضاع اللاجئين بـالمأساوية، لاسيما في ظل قسوة فصل الشتاء وتواجدهم في أماكن غير ملائمة، مشيرا إلى أن الإمكانيات الحالية للبلدية لا تسمح باستيعاب المزيد من اللاجئين.
ووجهت البلدية انتقادات مباشرة لستيفاني خوري القائمة بأعمال البعثة الأممية للدعم في ليبيا، خلال زيارتها الأخيرة إلى الكفرة مع وفد من المنظمات الدولية، مطالبين بدعم أكبر لتحسين أوضاع اللاجئين. وأطلقت المدينة نداء استغاثة بسبب عجزها عن تلبية حاجيات عشرات الآلاف من النازحين، لاسيما أنها المدينة الأولى التي يقصدها السودانيون عند عبور الحدود المشتركة في اتجاه الأراضي الليبية.
وقال رئيس غرفة الطوارئ في مدينة الكفرة إسماعيل العيضة إن أعداد النازحين السودانيين في ليبيا تجاوز الـ500 ألف نازح خلال العام الماضي، وأكد تدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة بسبب الارتفاع المستمر في أعداد النازحين بشكل يومي، موضحا أن الكفرة تشهد أوضاعا إنسانية متردية نتيجة الضغط الهائل على الموارد والخدمات الأساسية، لافتا إلى أن النازحين يواجهون نقصا في الاحتياجات الأساسية مثل المأوى، والغذاء، والرعاية الصحية. وتحتضن مدينة الكفرة لوحدها أكثر من 200 ألف نازح سوداني وهو ما يفوق عدد سكانها الأصليين بأكثر من ضعفين.
وفي السياق، دعت اللجنة الدولية للإنقاذ المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين السودانيين في ليبيا، وقالت في بيان لها إن اتخاذ إجراءات فورية وشاملة أمر بالغ الأهمية في ظل استمرار زيادة أعداد اللاجئين، وذلك لمنع المزيد من تدهور الظروف المعيشية وتخفيف الأزمة الإنسانية المتنامية. وأشارت اللجنة إلى أن أكثر من 70 في المئة من الأسر السودانية تعيش في مساكن غير ملائمة بعدة مناطق ليبية، وأن الكثيرين منهم ينفقون أكثر من نصف دخلهم على الإيجار، حسب البيان.
وجاء ذلك، فيما شرعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، الثلاثاء الماضي، في عملية توزيع مساعدات غذائية لدعم اللاجئين السودانيين في عدة مناطق ليبية، وذلك في إطار الجهود الإنسانية لتخفيف معاناتهم.
وقال رئيس الهيئة سالم عبدالهادي بوزريدة إن عملية التوزيع ستشمل عددا من مدن شرق البلاد مثل بنغازي وأجدابيا، ومرادة، والزويتينة، والبيضان، والبريقة، وأوجلة، وجالو، وتازربو، والمرج، ودرنة، وتستهدف الأسر اللاجئة في تلك المناطق التي تعاني من ظروف إنسانية صعبة، مؤكدا أن هذه المبادرة تهدف إلى توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية للاجئين السودانيين وتخفيف معاناتهم، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار في المجتمعات المضيفة من خلال الحد من التوترات الاجتماعية الناتجة عن تدفق اللاجئين.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي توزيع أكثر من 235 طنا من الأغذية على النازحين السودانيين في ليبيا في ديسمبر الماضي، مشيرا إلى وصول هذه المساعدات إلى أكثر من 31 ألف سوداني في جميع أنحاء البلاد. وأشار البرنامج التابع للأمم المتحدة، في بيان، إلى تلقي 3180 طفلا و1396 امرأة مرضعة دعما غذائيا كجزء من مبادرات أممية لمنع سوء التغذية، منوها بوصول تحويلات نقدية إلى 3604 أسر ضعيفة في مناطق استضافة النازحين في العزاوية وسبها بمبلغ إجمالي 40 ألفا و425 دولارا.
◙ اللاجئون السودانيون في ليبيا يواجهون صعوبات جسيمة تتعلق بمجالات السكن والغذاء والرعاية الصحية والتعليم
ويواجه اللاجئون السودانيون في ليبيا صعوبات جسيمة تتعلق بمجالات السكن والغذاء والرعاية الصحية والتعليم، وفق ما أكده الأمين العام للجالية السودانية في بنغازي محمد عبدالرحيم الذي أشار إلى أن التعليم، رغم أهميته البالغة، قد تراجع إلى المرتبة الرابعة في قائمة الأولويات، وذلك بسبب النزوح المستمر للأسر التي تفتقر إلى الموارد اللازمة لاستئجار مساكن.
وتابع عبدالرحيم أن هذا الوضع يضطر العديد من العائلات إلى العيش في الشوارع، وأحيانا إلى التسول من أجل تأمين لقمة العيش، لافتا إلى أن غياب الوثائق الرسمية يحد من فرص العمل المتاحة للاجئين، مما يزيد من معاناتهم، خاصة في ظل وجود مسنين ومرضى يحتاجون إلى رعاية صحية مستمرة.
ووفق آخر البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن أكثر من 210 آلاف لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ أبريل العام 2023، بينهم 55 ألفا و828 لاجئا مسجلون لدى مقر التسجيل الخاص بالمفوضية الأممية في طرابلس التي شددت على ضرورة توفير المزيد من المساعدات الإنسانية للمناطق التي تستقبل اللاجئين السودانيين، لاسيما مناطق الجنوب، مشيرة إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية المحلية.
كما أظهرت بيانات المفوضية أن السلطات في مدينة الكفرة بجنوب ليبيا قد أصدرت 125 ألف شهادة صحية خلال العام 2024 مع وصول 173 ألف لاجئ سوادني إلى الكفرة وحدها، بمعدل يتراوح بين 400 و500 وافد جديد يوميا. والأسبوع الماضي، قالت رئيسة البعثة الأممية بالوكالة ستيفاني خوري إن منذ اندلاع النزاع في السودان في 2023، عبر عدد يتزايد باطراد من اللاجئين السودانيين الحدود إلى ليبيا، بمعدل يقارب 500 وافد في اليوم.
وبالمقابل، تطرقت المفوضية إلى صعوبة تسجيل الأعداد الدقيقة للاجئين السودانيين في ليبيا نتيجة طبيعة الدخول غير النظامية إلى البلاد، والبيانات العشوائية التي تقدمها السلطات المحلية، والحدود البرية الشاسعة التي تربط السودان بليبيا ومصر، إلى جانب التحرك المستمر للاجئين صوب المدن الساحلية وهو ما يزيد من صعوبة تسجيل الأعداد.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أوضح في بيان له صدر يوم الخامس عشر من ديسمبر من العام الماضي، أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة في إطار خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في السودان، وأكد أنه يشجع الجهات المانحة على تقديم تمويل إضافي للخطة، ويواصل تشجيع السلطات الليبية على تعزيز الجهود المبذولة للوفاء بالتزاماتها المتصلة بحقوق الإنسان، وحماية كرامة وحقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، بما في ذلك أمن الحدود وإدارتها، وفق تقديره.
وقالت الأمم المتحدة إنها تحث شركاءها والمجتمع الدولي على دعم خطة الاستجابة للاجئين السودانيين بالنسبة لليبيا للعام 2025، إذ لا يزال الوضع في السودان خطرا ومتقلبا ما يزيد من تدهور الحالة الإنسانية وإجبار المزيد من الأهالي على البحث عن ملاذ آمن. والمساهمات الفورية من الشركاء مهمة للاستمرار في تقديم المساعدات الكفيلة بإنقاذ الأرواح والدعم للمجتمعات المضيفة واللاجئين السودانيين في ليبيا. ومعا يمكننا أن نحدث تغييرا كبيرا ونعين على بناء مستقبل أفضل لكل من تضرر من هذه الأزمة.
وتسعى خطة الاستجابة للاجئين السودانيين للعام 2025 بالنسبة لليبيا إلى استهداف عدد 446 ألف لاجئ سوداني وعنصر من عناصر المجتمع المضيف في ليبيا. وتسعى الخطة لجمع مبلغ قدره 106.6 مليون دولار أميركي يغطي قطاعات الصحة والتغذية والتعليم والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والحماية. وأعدت هذه الخطة الشاملة للاستجابة للاحتياجات الآنية للاجئين وفي الوقت نفسه لدعم المجتمعات المضيفة والمجهودات الليبية.