الأمن الغذائي يعمق أوجه التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة

سفير المملكة المتحدة في المغرب يؤكد أن التبادل التجاري بين البلدين عرف تطورا كبيرا خاصة خلال السنة الماضية التي ارتفع فيها بنسبة 50 في المئة.
الأحد 2025/01/05
المغرب من أكبر الدول المصدرة للخضراوات إلى المملكة المتحدة

الرباط - تستمر العلاقات بين المملكة المتحدة والمغرب في المجال الزراعي في النمو، حيث يُعتبر المغرب أحد الشركاء الرئيسيين في تلبية احتياجات السوق البريطاني من الخضراوات والأسمدة الفوسفاتية.

وكشف تقرير الأمن الغذائي لعام 2024 الصادر عن وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في المملكة المتحدة، عن الدور المتزايد الذي يلعبه المغرب في تلبية احتياجات المملكة المتحدة من المواد الغذائية.  

وأشار التقرير الذي يعرض حالة الأمن الغذائي في بريطانيا إلى زيادة واردات المنتجات الزراعية من المغرب خلال عام 2023، معتبرا المغرب من أكبر الدول المصدرة للخضراوات الطازجة إلى المملكة المتحدة، حيث بلغ نصيبه 7.5 في المئة من إجمالي هذه الصادرات في العام 2023، كما يظهر المغرب ضمن الشركاء التجاريين لتعزيز قدرة المملكة المتحدة على الصمود في مواجهة التحديات العالمية مثل التغيرات المناخية الصعبة والتوترات الجيوسياسية التي تؤثر على الأمن الغذائي.

وتناول التقرير الإنتاج العالمي للأسمدة الفوسفاتية، مؤكدا أن المغرب لا يزال أحد أكبر منتجي الصخور الفوسفاتية في العالم، إلى جانب الصين والولايات المتحدة.

هشام معتضد: المغرب يمكنه توفير فرصة اقتصادية لبريطانيا في أفريقيا
هشام معتضد: المغرب يمكنه توفير فرصة اقتصادية لبريطانيا في أفريقيا

ورغم تسجيل تراجع طفيف بنسبة 1.9 في المئة في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية بين عامي 2019 و2022 ليصل إلى 46.1 مليون طن، إلا أن الاتجاهات طويلة الأجل تشير إلى نمو شامل في هذا القطاع الحيوي. 

ويُعد تقرير الأمن الغذائي في المملكة المتحدة أداة تحليلية تُعرض على البرلمان البريطاني مرة واحدة على الأقل كل ثلاث سنوات، يقدم تحليلاً محايدًا وشاملًا لوضع الأمن الغذائي في المملكة المتحدة، مع تسليط الضوء على الاتجاهات الحالية والمستقبلية المتعلقة بالإنتاج الغذائي والتحديات التي قد تواجه البلاد للمساعدة في تطوير استجابات فعالة للتحديات التي تواجه الأمن الغذائي في بريطانيا، مع التركيز على تعزيز التعاون الدولي مع الدول المصدرة مثل المغرب.

وأكد سفير المملكة المتحدة في المغرب سيمون مارتن أن التبادل التجاري بين البلدين عرف تطورا كبيرا خاصة خلال السنة الماضية التي ارتفع فيها بنسبة 50 في المئة، مشيرا إلى أن الزراعة تعتبر عنوانا لهذا التعاون خاصة في ما يتعلق باستيراد بلاده للمنتجات المغربية، وأن هناك قطاعات واعدة للتعاون بين المملكتين، مثل البحث العلمي والاستثمار والتصدير والاستيراد.  

وتشكل الاتفاقيات التي تجمع الرباط ولندن منصة حقيقية لمواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، حيث أكدت غيثة الغرفي المديرة العامة للمؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات أن الاتفاقية التي تربط البلدين تتيح فرصة كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي في المجالات الزراعية. 

وأكد هشام معتضد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية أن “الديناميكية الحالية بين البلدين تتيح لبريطانيا فرصة استثمارية مهمة في المغرب، الذي يشكل بوابة إلى أفريقيا، وفي ظل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تسعى المملكة المتحدة لتعزيز علاقاتها مع دول ذات اقتصادات ناشئة ومستقرة، ويعد المغرب شريكاً إستراتيجياً مهماً بالنسبة إلى ندن على المستوى التجاري والاقتصادي، خصوصا بعدما أبرم مع المملكة المتحدة اتفاق شراكة إثر خروجها من الاتحاد الأوروبي”.  

الاتفاقيات التي تجمع الرباط ولندن تشكل منصة حقيقية لمواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين

وأضاف لـ”العرب” أنه “بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تسعى لتعزيز علاقاتها التجارية والدبلوماسية خارج القارة الأوروبية، وتركّز على المغرب الذي يمكنه توفير فرصة اقتصادية وإستراتيجية لبريطانيا في أفريقيا، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتوسيع فرص الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والزراعة، إلى جانب مجالات أخرى مترابطة تشكل عمق العلاقات التي تجمع البلدين وتعكس أهمية وتبصر السياسة المنتهجة من طرف المغرب من أجل تنويع شراكاته.” 

ووقعت وزارتا الزراعة بالبلدين على مذكرة تفاهم تهم النوايا المشتركة للتعاون في مجالات البحث العلمي والصمود في مواجهة التغير المناخي وتعزيز القدرات والابتكار الزراعي، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم أخرى بين القطب الرقمي للزراعة والغابات ومرصد مكافحة الجفاف ومركز “Agri-EPI” الذي ينشط في مجال الابتكار الزراعي والتكنولوجيا الزراعية. 

وتمثل اتفاقية التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة، الموقعة في شهر أكتوبر 2019، والتي دخلت حيز التنفيذ في أول يناير 2021، حجر الزاوية في التعاون بين المملكتين، وتشمل الشق التجاري للمنتجات الزراعية، كما تشمل جميع الامتيازات المتفق عليها في إطار اتفاقية التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

وشددت حكومتا البلدين على المواضيع ذات الاهتمام المشترك وفرص التعاون بين البلدين في المجال الزراعي، والذي يتيح الحلول ويمكن أن يشكل رافعة إستراتيجية في تنمية القطاع وتعزيزه وجذب المستثمرين والخبرات.

 ودعا وزير الزراعة المغربي السابق محمد الصديقي المستثمرين البريطانيين إلى الاستثمار في القطاع الزراعي بالمغرب، ولاسيما في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي من شأنها تحقيق نتائج مثمرة لكل الأطراف المعنية. 

وكشف المعهد المغربي للدراسات الإستراتيجية “IMIS”، في أحدث تقرير له، أنه منذ توقيع اتفاقية للشراكة بين المغرب والمملكة المتحدة عام 2021، ارتفع التبادل التجاري الثنائي ليصل إلى 2 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل 25 مليار درهم عام 2022، مبرزا سعي المملكة المتحدة لتعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع دول أخرى، وخاصة في القارة الأفريقية، نظرا إلى الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمغرب، المهم جدا سواء بالنسبة إلى المملكة المتحدة أو إلى غرب أفريقيا.

2