المعارضة المغربية تسائل أخنوش عن حيثيات صفقة تحلية مياه البحر

جدل سياسي كبير حول تضارب المصالح والاتهامات بخرق الدستور المغربي وصل حد مطالبة أخنوش بتقديم استقالته على خلفية القضية.
الأحد 2024/12/22
انتقادات لاذعة لأخنوش

الرباط - أثارت تصريحات رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش داخل البرلمان والتي دافع فيها عن شفافية صفقة محطة تحلية مياه البحر لجهة الدار البيضاء - سطات،  جدلا سياسيا كبيرا حول تضارب المصالح والاتهامات بخرق الدستور المغربي، حيث طالبت أطراف متعددة باستقالته على خلفية هذه القضية.

ووجهت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني سؤالا كتابيا له عن حيثيات استفادته من الصفقة، مستغربة أن "يتعاقد رئيس الحكومة، بشكل ضمني مع وزارة التجهيز والماء، ليكون المستفيد المباشر، لاسيما وأن عددا من الشركات انسحبت من التنافس على الصفقة، وفقا لتقارير إعلامية وطنية ودولية،" محتملة "أن يتعلق الأمر بتضارب واضح وصريح للمصالح باعتبار الفائز بالصفقة مسؤول أول بالحكومة المغربية."

وقالت التامني في سؤالها الكتابي إن "اسم رئيس الحكومة المغربية ورد على إثر فوز مثير للجدل، بصفقة ضخمة لبناء وصيانة وإدارة محطة تحلية المياه بمدينة الدار البيضاء، بقيمة تبلغ 15 مليار درهم (1.5 مليار دولار)، من خلال شركتي أفريقيا غاز، وغرين أوف أفريكا،" موضحة أن "الشركتين ليست لهما خبرة واسعة في مجال تحلية المياه، إلا أنهما فازتا مع شركة 'أكسيونا' بالصفقة الضخمة المذكورة، المتعلقة بأكبر محطة على المستوى الأفريقي، وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات.”

وكان أخنوش قد رد على انتقادات نواب المعارضة على رسوّ مناقصة لإنشاء أكبر محطة لتحلية المياه في أفريقيا على شركة قريبة منه، وعرض مشروع شركته على لجنة يرأسها للاستفادة من الدعم العمومي قائلا "إنه من حقي أن أقول إنني ترأست اللجنة وإن المشروع الذي تتحدثون عنه لم يحظ بالدعم،” لافتا أمام البرلمان إلى أن "المشروع الذي تقولون وتشكون أنه لم يكن بطلب عروض قدم أحسن ثمن وكان طلب عروض مفتوح، وهذا قاله وزير الماء والتجهيز وأعيد قوله ودون إشكال،" متهما المعارضة بالترويج لخطاب التشاؤم، موضحا "الذي يقول لا تنمية دون ديمقراطية ولكن من يعطي الدروس يجب أن يعيد خطابه ويرى إذا كان خطابه السياسي يرقى إلى مستوى مغرب اليوم،"

محمد الغلوسي: الصفقة تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا
محمد الغلوسي: الصفقة تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا

ويسعى المغرب إلى الانتقال من تسع محطات لتحلية المياه يحصيها حاليا إلى 20 محطة بحلول 2030، بقدرة على الإنتاج تصل إلى ألف مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يوميا، بعرض مناقصات لإنشاء محطات التحلية في المدن الكبرى، حيث فازت شركة “أفريقيا” لمالكها عزيز أخنوش بصفقة ضخمة لبناء محطة تحلية المياه الضخمة بالدار البيضاء وإدارتها وصيانتها، وسط اتهامات له من المعارضة بتنازع المصالح.

وأكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “صفقة تحلية مياه البحر التي فازت بها شركة محسوبة على رئيس الحكومة، تطرح كافة الأسئلة المرتبطة بأهمية أخلقة الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، كما تَطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا منطلقه الفصل 36 من الدستور ومقتضيات الفصل 245 من القانون الجنائي، فضلا عن ميثاق الأخلاقيات التي دعا الملك محمد السادس البرلمان إلى سنها.”

وأوضح، في تصريح لـ”العرب” أن “دفاع رئيس الحكومة بأن الجميع سواسية أمام القانون، أشخاصا ذاتيين ومعنويين، لا يمكن أن يتحقق إذا كان الشخص هو المسؤول عن الإدارة وهو رئيسها وهو نفسه الذي يحتل مواقع الامتياز والسلطة، ويتوفر على إمكانية وسلطة التشريع (حكومة، برلمان)، ورغم ذلك لم يبادر بإخراج القانون الذي يجرّم تنازع المصالح، انسجاما مع الفصل 36 من الدستور الذي يفرض على السلطات العمومية وضمنها طبعا الحكومة ورئيسها، الوقاية من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها."

وتعد هذه الصفقة، مرتبطة بأكبر محطة لتحلية المياه في أفريقيا ينوي المغرب تشييدها بقدرة توليد 548 ألف متر مكعب يوميًا باستثمارات تقدر بحوالي 8 ملايين درهم، وذلك للاستجابة للاحتياجات المتزايدة لمياه الشرب في منطقة يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة، وتسجل حاجة لري خمسة آلاف هكتار.

بدوره أثار فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب قضية رسوّ مناقصة لإنشاء أكبر مشروع لتحلية المياه في أفريقيا على شركة تابعة لعزيز أخنوش، مطالبا إياه بتقديم جواب دقيق حول حيثيات هذه الصفقة، إذ قال يوسف بيزيد، عضو فريق التقدم والاشتراكية، إن "على أخنوش تحمل المسؤولية السياسية في تقديم الجواب الدقيق، حول حيثيات نيل شركة له ارتباط بها لصفقة تحلية المياه بالدار البيضاء،" مشددا على أن "هذا المشروع حظي مؤخرا في اللجنة الوطنية للاستثمارات التي يرأسها أخنوش بنيل صفة المشروع ذي الطابع الإستراتيجي،" حتى يستفيد من نظام الدعم الخاص المطبق على هذا النوع من المشاريع، لتقوم نفس اللجنة التي يرأسها أخنوش بالتفاوض لإبرام اتفاقية تتضمن تقديم دعم وامتيازات عمومية لهذا المشروع، امتيازات قال إنه يجهل الرأيُ العامُّ تفاصيلَها وأن الأمر ينطوي على "محاذير أخلاقية وسياسية واضحة."

2