الكحول المغشوشة تفتك بالليبيين: موت وعمى وشلل وقصور كلوي

محاولات منع الخمور وتحريمها وملاحقة صانعيها أو المتاجرين بها أو مستهلكيها لم تفلح في تقليص إقبال الليبيين عليها.
الخميس 2024/12/19
آفة تدمر صحة الليبيين

تحولت الخمور المغشوشة إلى كارثة صحية واجتماعية في ليبيا في ظل اتساع عدد المتضررين منها سواء بالموت أو العمى أو القصور الكلوي أو الشلل، فيما أعرب وزير الشؤون الاجتماعية بالحكومة الموازية التابعة لمجلس النواب المبروك محمد غيث عن قلقه الشديد تجاه ظاهرة تعاطي الخمور بين فئة الشباب كونها إحدى الظواهر الهدامة.

وقال “لقد تابعنا عن كثب ما حدث الأيام القليلة الماضية بشأن واقعة بيع خمور مخلوطة بمادة الميثانول وهي مادة كيميائية سامة قاتلة أدت إلى وفاة أكثر من 20 شابًا وإصابة الكثيرين بفشل كلوي وفقدان للبصر، وهذا الأمر أحزننا ونحتاج إلى تدخل وحل سريع.”

وأضاف الوزير “هنا يأتي دورنا نحن كجهات مسؤولة بالمجتمع، كل بحسب تخصصه وسلطته بالنصح والإرشاد والتوعية وتعزيز الوازع الديني عبر المنابر ووسائل الإعلام والمنصات المختلفة، واستخدام القوة لمنع مثل هذه الانتهاكات إذا لزم الأمر.”

منع بيع الخمور في ليبيا أدى إلى رواج المغشوش منها والمدمر للصحة والذي كثيرا ما يؤدي إلى سقوط ضحايا، وكذلك إلى انتشار واسع للمخدرات وحبوب الهلوسة

ويضاف الميثانول أحيانا بكميات صغيرة إلى المشروبات الكحولية لزيادة مفعولها، إلا أن هذه المادة يمكن أن تؤدي إلى العمى والفشل الكلوي بل وإلى الموت إذا كان تركيزها قويا.

وكان مركز بنغازي الطبي أعلن في العاشر من ديسمبر الجاري وفاة خمسة أشخاص ناجمة عن تسمم كحولي بسبب تناول خمور مغشوشة. وقال إن قسم الطوارئ بالمركز استقبل تسع حالات تسمم كحولي، بينها خمس وفيات، وحالة فقدت البصر، وأخرى موصولة بجهاز التنفس الاصطناعي، فيما تخضع حالتان لجلسات غسيل كلوي داخل وحدة العناية المركزة.

وأوضح المركز أن استهلاك الخمور المغشوشة، التي غالبا ما تحتوي على مواد سامة مثل الميثانول، يشكل تهديدا كبيرا للصحة العامة.

ودعا المركز السلطات المعنية إلى تعزيز الوعي حول مخاطر الكحول غير الآمنة، وتشديد القبضة الأمنية على أصحاب النفوس المريضة الذين ينشرون الظواهر السلبية بين أبناء المجتمع الليبي المحافظ.

ويشير مراقبون إلى أن كل محاولات منع الخمور وتحريمها وملاحقة صانعيها أو المتاجرين بها أو مستهلكيها لم تفلح في تقليص نسبة إقبال الليبيين عليها سواء المهربة إلى داخل البلاد أو المصنعة محليا من مختلف أنواع العنب والتمور والتين وغيرها.

وبحسب المراقبين، فإن منع بيع الخمور في البلاد أدى إلى رواج المغشوش منها والمدمر للصحة والذي كثيرا ما يؤدي إلى سقوط ضحايا، وكذلك إلى انتشار واسع للمخدرات وحبوب الهلوسة التي بات البعض يستعملها بدلا من المشروبات الروحية أو النبيذ المعروف محليا بالعصير، أو البوخا وهي المنتج المحلي من أنواع التين بالإضافة إلى “اللاقمي” المستخرج من قلب النخلة ويتم تخميره إلى حين التحول إلى مادة مسكرة.

وأشار الكاتب والباحث سالم العوكلي إلى أن “علاقة الليبيين بهذا المزاج قديمة جداً، ومنذ قرون كان عصير أشجار النخيل ومنقوع التمر خمرهم، لكن مع مجيء الطليان أعطت السلطات الإيطالية امتيازات لتصنيع بعض المشروبات الكحولية في ليبيا.”

خخ

وكانت كل أنواع الخمور الأجنبية تروّج في البلاد، ويتم تهريبها إلى الداخل من بلدان الجوار، وعن طريق البحر، وداخل شحنات السلع المختلفة، وكثيرا ما يتم ذلك تحت عيون السلطة في ظل اتساع دائرة الفساد المالي والإداري، وكذلك نتيجة عجز القانون عن قمع رغبة نسبة مهمة من السكان المحليين والمقيمين في تناول الخمور بمختلف ألوانها وأصنافها.

وأدى إصرار نظام العقيد الراحل معمر القذافي على منع تداول الخمور علنا في البلاد إلى فشل كل مشاريع تنشيط الحركة السياحية في البلاد، ودفع الليبيين إلى صرف مئات الملايين من الدولارات سنويا على التنقل إلى دول الجوار أو عواصم إقليمية من أجل الترفيه والسهر وتناول الخمور من دون رقابة أمنية أو اجتماعية لصيقة.

وبحسب قانون منقح سنة 2016 “يعاقب كل من حاز خمراً أو حرزها أو قدمها أو أعطاها أو أهداها أو تعامل فیها بأيّ وجه بالحبس وبغرامة لا تقل عن ألف دينار، ولا تزيد على أربعة آلاف دینار.” و”یعاقب كل من صنع خمراً أو اتجر فیها بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دینار.”

كما “يعاقب كل مسلم عاقل بالغ قاصد ارتكاب الفعل إذا شرب خمراً خالصة أو مخلوطة عن علم واختيار بالجلد ثمانين جلدة حداً، وتسري عليه أحكام الجنحة” و”يعاقب ولي أمر الصغير الذي لم یبلغ بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000 دينار إذا ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة أو هذه المادة.”

 

اقرأ أيضا:

       • جولة جديدة من مشاورات مجلسي النواب والدولة الليبيين في المغرب

1