سجال برلماني حول مشاريع البنية التحتية في المغرب

الرباط - واجه رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش انتقادات لاذعة خلال جلسة الأسئلة الشهرية بشأن موضوع “تعزيز البنية التحتية وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية” من قبل المعارضة البرلمانية، التي حذرت من الفشل في إدارة مشاريع البنية التحتية، رغم تعهد الحكومة بوضع تحديث البنيات التحتية كالتزام سياسي لمواجهة التحديات والطموحات.
وفي تعقيبه على جواب رئيس الحكومة، حذر يوسف بيزيد النائب عن فريق التقدم والاشتراكية، من أن تكون “ورشات البنية التحتية سببا في تعميق الهوة بين مناطق البلاد، مطالبا الحكومة بالتفكير في جميع الجهات والمدن والأقاليم الأخرى، خاصة تلك التي كشف زلزال الحوز والفيضانات الأخيرة عن هشاشة بنيتها التحتية، خصوصا مع تنامي اختلالات تدبير عدد من البرامج والمشاريع العمومية، وارتفاع قضايا الفساد في الفضاءات الاقتصادية والسياسية والمالية.”
ولفت البرلماني اليساري، إلى ضرورة “وضع الإنسان في محور التنمية، وليس مراكمة الأرباح”، مشيرا إلى “أن تنظيم كأس العالم 2030 يجب أن يشكل نقطة انعطاف إيجابية في المسار التنموي” للمغرب، مشددا على جعل المغرب نقطة ربط إستراتيجية بين أوروبا وأفريقيا، ومواصلة إنجاز المشاريع المهيكلة للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، وتحقيق الطفرة المرجوة في النقل السككي، وتوسيع الرصيد الطرقي الوطني، والارتقاء بالرصيد المينائي، وتأهيل المطارات، والرفع من وتيرة إنجاز التحول الطاقي.
من جهتها انتقدت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، “غياب رؤية واضحة لمواصلة برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية” و”استمرار العزلة الاقتصادية والجغرافية لبعض جهات المملكة، ومعاناة ضحايا الزلزال والفيضانات الذين لازالوا ينتظرون وفاء الحكومة بالتزاماتها لتأهيل البنيات التحتية المتضررة.”
وتفاعَل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مع مداخلات النواب بالغرفة البرلمانية الأولى، مؤكدا أن تحديث البنية التحتية ليس خيارا فقط، بل إنه التزام سياسي برؤية ملكية طموحة، مضيفا “أن إرادتنا السياسية هي التقاط إشارات الملك، وتحويلها إلى منجزات واقعية وآثار إيجابية ملموسة”، لافتا إلى “أن التحديات الكبيرة التي نواجهها اليوم تحتاج إلى بنيات أساسية ملائمة لطموحاتنا المستقبلية.”
◙ المعارضة البرلمانية تؤكد على ضرورة الاجتهاد في إيجاد حلول لتمويل مشاريع البنية التحتية بعيدا عن التفويت المنشآت العمومية أو اللجوء إلى الاقتراض المفرط
ولفت أخنوش، إلى أن “التحديات الكبيرة اليوم تحتاج إلى بنيات أساسية ملائمة لطموحاتنا المستقبلية، والديناميكية الموجودة اليوم في ما يتعلق بالبنية التحتية ليست مسألة معزولة أو ظرفية، بل تدخل في إطار التصور العام لبلادنا.”
وبحسب أخنوش، فخلال الولاية الحكومية الحالية لم يتم بناء الهياكل والمنشآت فقط، بل وضعت أسس مجتمع أكثر عدالة اجتماعية وتماسكا، لذلك اخترنا في الحكومة أن نواكب التوجيهات الملكية، والأوراش الاجتماعية، ببنية تحتية اجتماعية غير مسبوقة؛ ولهذا نزيد كل سنة في ميزانية القطاعات الاجتماعية، ونطور البنية التحتية لهذه القطاعات.
من جهتها، أجمعت فرق المعارضة البرلمانية على ضرورة الابتكار والاجتهاد في إيجاد حلول لتمويل مشاريع البنية التحتية، بعيدا عن الحلول السهلة المتمثلة في تفويت المنشآت العمومية أو اللجوء إلى الاقتراض المفرط، مشددة على أهمية إجراء الإصلاح الجبائي الضروري، ومكافحة التهرب الضريبي، وتفعيل دور صندوق محمد السادس للاستثمار، وإصلاح منظومة الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص.
كما طالبت المعارضة بشمول المجال التنموي خاصة في ما يتعلق بالصحة والتعليم على مناطق المغرب كلها، مشددة على أن البلد بحاجة إلى البنية التحتية في الطرق، ولكن بحاجة أكثر لطرق سيارة للعلم والمعرفة ليصل التعليم والتعليم العالي لكل جهات البلاد. وفي مداخلتها تساءلت النائبة فاطمة التامني خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة أنه في سياق التحضير للمونديال، ما نصيب الجهات المهمشة المعزولة من مشاريع البنية التحتية والاستثمارات الضخمة الموعودة؟ مؤكدة أن التنمية الحقيقية يجب أن يشعر بها كل مواطن مغربي في أي مكان وأينما وجد.
من جهته تحدث فريق حزب الاتحاد الاشتراكي عن التفاوتات المجالية بين الجهات على صعيد البنيات التحتية، ذلك أن ثلاث جهات تستحوذ على 58.6 في المئة من الناتج الداخلي الخام الوطني، في حين أن الجهات الأخرى التسع لها نصيبها من التهميش والإقصاء.
وفي دفاعه عن منجزات حكومته في مجال توفير البنية التحتية في كل القطاعات، ردّ أخنوش موضحا، “يجب أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، ونفتخر بالإنجازات التي حققتها بلادنا وأن مَن يقول إنه ‘لا تنمية بدون ديمقراطية’ نحن متفقون معه، ولكن يَلزمُه قبل أن يعطي الدروس أن يراجع خطابه، ويرى هل هو فعلا خطاب سياسي يرقى إلى تطلعات مغرب اليوم؟ وهل خطاب التشاؤم والتغليط هو الذي سيعطي الشباب الثقة والأمل في بلادهم؟” مشددا على “أن الديمقراطية اليوم هي أن تكون لدى المغاربة جميعا حماية اجتماعية وأن يجد المواطنون مستشفى الكرامة؛ ومدرسة قريبة لأبنائهم، وأن نوجد مناصب شغل جيّدة للشباب.”