المغرب يستعد لفتح سباق مناقصات خط الغاز مع نيجيريا

يستعد المغرب للانتقال إلى المرحلة التالية من تشييد أنبوب الغاز مع نيجيريا، حيث سيفتح العام المقبل سباق المناقصات أمام المستثمرين والشركات العالمية للطاقة وصناديق الثروة والبنوك متعددة الأطراف للبدء في تشييد هذا الخط، الذي يعتبر أحد أهم المشاريع في قارة أفريقيا.
الرباط- تعتزم الحكومة المغربية إطلاق مناقصات تشييد المراحل الأولى من مشروع أنبوب الغاز الضخم مع نيجيريا خلال العام المقبل، وفق مكتب الهيدروكاربورات ضمن موجز لحصيلة المنجزات والمشاريع الخاصة به خلال 2024 والآفاق المستقبلية.
وتكشف خطة عمل 2025 أن المرحلة الأولية من المشروع ستشمل كلا من المغرب وموريتانيا والسنغال، حيث سيتم خلال العام المقبل توقيع اتفاقيات نقل الغاز وإطلاق مناقصات البناء وتأسيس شركة متخصصة لإدارة المشروع.
وخلال السنة الجارية تم اختتام المفاوضات على الاتفاق الحكومي الدولي والاستعداد للمصادقة عليه من طرف قادة الدول قبل نهاية هذا العام.
وسيغطي المشروع الكبير الذي قدّرت كلفته الإجمالية بحوالي 25 مليار دولار، 16 دولة 13 منها على ساحل المحيط الأطلسي و3 دول أخرى غير ساحلية، والتي تضم مجتمعة أكثر من 400 مليون نسمة.
وسيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية، إلى جانب تزويد الدول غير الساحلية مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي بالغاز الطبيعي. ومن المقرر أن تبلغ سعة الأنبوب القصوى 30 مليار متر مكعب سنويا من الغاز، كما سيتيح تصدير كميات تصل إلى 18 مليار متر مكعب سنويا إلى أوروبا.
وأشارت المديرة العامة لمكتب الهيدروكاربورات أمينة بنخضرة إلى أن المشروع الذي ينبثق من رؤية الملك محمد السادس والرئيس النيجيري السابق، محمدو بخاري، وبدعم من الرئيس النيجيري الحالي، بولا تينوبو، يعد ذا بعد إستراتيجي حقيقي. وقالت إنه “سيساهم في تسريع وصول بلدان هذه المنطقة الأفريقية إلى الطاقة، سيما وأن معدل انتشار الكهرباء في بعضها يقل عن 40 في المئة. “
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد قال في خطاب وجهه بمناسبة انعقاد القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي، في مايو الماضي، إن الخط “ينهل من الروح التضامنية نفسها، باعتباره مشروعا للاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك ولتشجيع ديناميكية التنمية على الشريط الأطلسي.”
وفي إطار الاهتمام الذي يوليه المغرب لهذا المشروع الإستراتيجي، تطرقت مباحثات هاتفية أجراها الملك محمد السادس والرئيس النيجيري، بولا أحمد أديكونلي تينوبو، في يناير الماضي، إلى مشروع خط أنبوب الغاز الأفريقي – الأطلسي، نيجيريا – المغرب.
وذكر بيان للديوان الملكي آنذاك أن “المشروع المهيكل سيشكل رافعة استراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب أفريقيا.” واعتبر خالد الشيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن المضي نحو تنفيذ خط أنابيب الغاز الطبيعي الأفريقي – الأطلسي يدخل ضمن الرهانات التي يريد المغرب من خلالها أفريقيا متكاملة ومندمجة ومستقرة.
وقال في تصريح لـ”العرب”، إن ذلك “يتماشى مع رؤية المغرب الإستراتيجية لأفريقيا ترتكز على الاستقرار والتنمية وتعزيز التجارة والاستثمار في إطار العلاقات الاقتصادية المتكاملة.”
ويعود تاريخ إطلاق مشروع خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب إلى عام 2016، عندما تم الإعلان عنه خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى نيجيريا واللقاء الذي جمعه بالرئيس السابق محمد بخاري في أبوجا.
وساهم كل من البنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية الدولية في تمويل المراحل الأولية من الدراسات المتعلقة بهذا المشروع الضخم. وقررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو) أن تصبح شريكا في المشروع الذي يتيح من وجهة نظر جيوستراتيجية، بديلا إضافيا للإمداد، بما يمكن من المساهمة في أمن الطاقة الإقليمي والدولي.
وتؤكد وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي أن المشروع قطع أشواطا مهمة على مسار تنفيذه، مشيرة إلى أن الدراسات الجارية التي بلغت مراحل متقدمة، أثبتت قابليته للتنفيذ وجدواه الاقتصادية في انتظار التوقيع على المعاهدات الحكومية الدولية الضرورية.
وأعلنت شركة النفط الوطنية النيجيرية (أن.أن.بي.سي) أنها تجد نفسها في وضع ممتاز لتنفيذ مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، والذي أصبح يحمل اسم خط أنابيب الغاز الطبيعي الإفريقي الأطلسي، واصفة إياه بأن الأكبر في القارة السمراء. وسيساعد المشروع الإستراتيجي، وفق مكتب الهيدروكاربورات المغربي، على تسريع عملية الكهربة وضمان الحصول على الطاقة.
كما سيسهم في تحسين الظروف المعيشية لسكان منطقة غرب أفريقيا وتحقيق التكامل بين اقتصادات المنطقة، وفضلا عن ذلك سيمنح بعدا اقتصاديا وسياسيا وإستراتيجيا جديدا للمنطقة من خلال إرسائه لسوق إقليمية للكهرباء. وسيمكن المشروع من الدفع بعجلة التنمية الصناعية، وتحسين القدرة التنافسية والاقتصادية وتسريع التنمية السوسيو – اقتصادية، كما سيولد ثروة لبلدان المنطقة.
وعبّر الطرفان المغربي والنيجيري عن ارتياحهما للتقدم المهم والمحرز في تنفيذ المشروع، كما تم إتمام الدراسات التفصيلية بما فيها دراسة مسار الأنبوب، وكذلك الدراسات التي أكدت الجدوى الاقتصادية للمشروع في إطار الدراسات الهندسية التفصيلية.
وترى بنخضرة، أن أنبوب الغاز ليس مجرد مشروع لنقل الطاقة والوصول إليها، وإنما سيضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في هذا الجزء من أفريقيا، وسيساهم أيضا في تحقيق أمن الطاقة ليس فقط في القارة، بل أيضا مع أوروبا.
وسيمتد الخط بطول 5600 كيلومترا على ساحل غرب أفريقيا من نيجيريا، مرورا بالبنين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا إلى المغرب.
كما سيواصل المشروع تقدمه وفق المعايير الدولية على اعتبار أن المبدأ واضح وثابت وقد تم الانتهاء من تحديد مساره النهائي. وفي إطار الإستراتيجية الوطنية للغاز، ذكر مكتب الهيدروكاربورات أنه سيسهم من خلال دراسات تطوير البنية التحتية لنقل وتخزين الغاز الطبيعي بالمغرب.
وعمل المكتب على تأسيس شركة تابعة مسؤولة عن الأنشطة المتعلقة بنقل وتخزين الغاز الطبيعي، بما في ذلك، على سبيل المثال، الإدارة وإنشاء وتطوير الشبكات والصيانة والإصلاح وبناء البنية التحتية المرتبطة بنقل إمدادات هذا المورد المهم.