حيرة في أوساط المزارعين بتونس مع تراجع أسعار الزيتون

مزارعون تونسيون يقولون إن الإجراءات المتخذة حتى الآن من قبل وزارة الزراعة غير واضحة، ولم تنعكس بالشكل المطلوب على الأسعار.
الأربعاء 2024/11/20
على أمل التدارك مع تقدم الموسم

تونس - يواجه موسم جني الزيتون في تونس حالة اضطراب غير معهودة بسبب عدم اتضاح الرؤية بخصوص الأسعار في الأسواق المحلية، وأدى الاضطراب الى تراجع في أسعار بيع الزيتون.

وخلف الوضع الضبابي حالة من الحيرة الممزوجة بالغضب في صفوف المزارعين في تونس، وسط انتقادات للهياكل الحكومية المعنية، لعدم تحركها بشكل استباقي لتأمين موسم ناجح سواء على مستوى دعم المزارع أو في علاقة بالتسويق، معتبرين أن القرارات التي أعلنت عنها وزارة الزراعة متأخرة، كما أنها ليست واضحة.

وتوقفت عمليات الجني في عدة محافظات بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع خلال الفترة المقبلة، فيما تشير تقديرات الإنتاج المحلي لموسم زيت الزيتون 2024 – 2025 إلى 340 ألف طن، ويسجل الإنتاج العالمي 3.1 مليون طن مقابل 2.5 مليون طن في العام الماضي.

وضبطت وزارتا الزراعة والصناعة التونسيتان روزنامة انطلاق وغلق موسم وتحويل الزيتون 2024 – 2025، حيث تشير إلى انتهاء الموسم بمحافظات المهدية والقيروان وسيدي بوزيد وصفاقس بحلول يوم 31 مارس 2025.

القائمون على قطاع الزيتون في تونس يحاولون الضغط على المسؤولين لمساعدة المزارعين على تدارك أي خسائر قد يتعرضون لها

ويغلق الموسم على مستوى محافظات تونس وأريانة ومنوبة وقبلي وتوزر يوم 31 يناير 2025 لكونها تعد أقل إنتاجا لهذه المادة على المستوى الوطني.

وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت عن جملة من الإجراءات لإنقاذ موسم جني الزيتون وخزنه وتحويله وتسويقه، من بينها متابعة تطبيق الإجراءات الصادرة عن الوزارة والمتعلقة بوضع طاقة الخزن المتوفرة لدى الديوان الوطني للزيت بمراكزه الجهوية على ذمة المزارعين والمنتجين لخزن زيت الزيتون حسب الطلب، وإقرار برنامج لتمويل تخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين ومواصلة العمل بالإجراءات المتعلقة بتمديد خلاص القروض الموسمية بثلاثة أشهر لفائدة المزارعين وأصحاب المعاصر، وتسهيل إجراءات التصدير من خلال حذف إجراء الموافقة المسبقة عند التصدير ودعوة المصدرين إلى الاستفادة من أحكام الأمر عدد 949 لسنة 2019 الذي يتضمن شروط الإعفاء من المراقبة الفنية عند التصدير، والرفع في نسق تصدير زيت الزيتون المعلب ذي القيمة المضافة العالية.

كما تتضمن الإجراءات ضبط برنامج ترويجي لاكتساح أسواق خارجية جديدة وتحسين الولوج إلى أسواق أخرى من خلال تطوير الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال إلى جانب الأسواق التقليدية، فضلا عن تعزيز حضور ومشاركة الدولة التونسية في التظاهرات الدولية المتخصصة، ومواصلة مساندة المؤسسات الصناعية المصدرة لزيت الزيتون عبر صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب من خلال دعم برامجها الترويجية والتسويقية والتعريف بزيت الزيتون التونسي في الأسواق الواعدة، بالإضافة إلى إحداث خلايا إنصات واستغلال خدمة التدخل السريع على الخط على موقع بوابة التجارة الخارجية التي تتضمن كل نقاط الاتصال بالهياكل المتدخلة على غرار وزارات التجارة والنقل والزراعة والداخلية والإدارة العامة للديوانة ومركز النهوض بالصادرات والهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

عمليات الجني توقفت في عدة محافظات بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع خلال الفترة المقبلة

ويقول مزارعون تونسيون إن الإجراءات المتخذة حتى الآن من قبل وزارة الزراعة غير واضحة، ولم تنعكس بالشكل المطلوب على الأسعار، مشيرين إلى أن تصريحات أدلى بها الرئيس المدير العام لديوان الزيت حامد الدالي في وقت سابق من الشهر الجاري، وتحدث فيها عن توقع استمرار المنحى النزولي لأسعار الزيت، زادت الطين بلة وضاعفت مخاوفهم.

وتتراوح أسعار زيت الزيتون في تونس حاليا بين 12 و20 دينارا، وتستهلك السوق المحلية سنويا ما بين 30 و33 ألف طن من الزيت من مجموع محصول متوقع بـ340 ألف طن، وفي العام الماضي تدخلت السلطات التونسية في السوق عبر ضخ 7.5 ألف طن من الزيت بأسعار لم تتجاوز 15 دينارا بعدما سجلت أسعار الزيت ارتفاعا تجاوز 25 دينارا.

وسجلت تونس مداخيل قياسية من تصدير زيت الزيتون طيلة 11 شهرا، من شهر نوفمبر 2023 إلى غاية سبتمبر 2024، حيث صدرت 190.1 ألف طن مقابل 185 ألف طن في الفترة نفسها من الموسم السابق؛ أي بزيادة 2.8 في المئة. وقدرت العائدات بـ57.6 في المئة؛ أي 5 مليارات و24 مليون دينار، حيث ارتفع السعر بـ53.3 في المئة، وتم بيع الزيت بمعدل 26.43 دينار للكلغ الواحد.

وتشير أرقام وزارة الزراعة التونسية إلى إنتاج 340 ألف طن من زيت الزيتون خلال موسم 2024 – 2025، مع توقعات بأن يكون الرقم أكبر وأن يقترب من الرقم القياسي المسجل في موسم 2018 – 2019، ببلوغ 400 ألف طن.

وقال المستشار الاقتصادي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري فتحي بن خليفة إن أسعار زيت الزيتون في تونس لم تحدد بعد، مشيرا إلى أن السوق العالمية مفتوحة ويتم تداول الأسعار فيها عالميا، وأضاف أن الطلبيات العالمية ستحدد في هذه الفترة، وأن توقيع العقود سيبدأ قريباً، ما سيتيح تقدير الأسعار خلال الأيام القادمة، مؤكدا أن زيت الزيتون يُعد ثروةً وطنية، وقد ساهم بشكل كبير في تحسين المؤشرات الإيجابية للميزان التجاري.

Thumbnail

وأوضح عضو الغرفة الوطنية لأصحاب المعاصر عادل التبيني أنّ “أسعار الزيت في الخارج لم تتراجع، بل تتماشى مع أسعار السوق العالمية التي تحدّدها إسبانيا وإيطاليا،” لافتًا إلى أنّ “إسبانيا هي المُنتج الأول لزيت الزيتون، وتستحوذ كل من تونس واليونان وتركيا على المرتبة الثانية،” ودعا ديوان الزيت إلى “توفير مخزون احتياطي كاف من الزيت، من خلال جني الزيتون الموجود في الأراضي الدولية، حتى يتمكّن المواطن من اقتناء هذه المادة بسعر مناسب دون التأثّر بالأسعار العالمية.”

واضطر مؤخرا العديد من المزارعين في عدد من المحافظات إلى التوقف عن الجني، في ظل التراجع المسجل في الأسعار التي أصبحت لا تغطي حتى تكاليف الجني، حيث تتراوح أجور اليد العاملة بين 30 دينارا (قرابة 10 دولارات) و45 دينارا (قرابة 14.28 دولار).

ويحاول القائمون على قطاع الزيتون في تونس الضغط على المسؤولين لمساعدة المزارعين على تدارك أي خسائر قد يتعرضون لها خلال الموسم الحالي بسبب انخفاض الأسعار.

ويقول المولدي الرمضاني رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين بالقيروان (التابع للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري؛ نقابة المزارعين الرئيسية في البلاد) إن “رئيس الدولة (قيس سعيّد) تدخل وقال لا بد من أسعار مجزية للمزارع. ووزارة الزراعة أعطت ما يشبه تطمينات على أساس تدخل ديوان الزيت (حكومي) وهذا ضروري لأن هذا الديوان له طاقة تخزين كبيرة.”

وتابع “الزيتون لا بد أن يتم جنيه، وهنا لا يجد المزارع حيزا لتخزين الزيت. لا بد من إيجاد حلول لبناء مخازن لدى المزارع عندما لا يجد الأسعار المجزية لزيته.”

وعزا الرمضاني تراجع الأسعار إلى “المصدرين وغياب التمويل وتأثيرات السوق العالمية التي يسيطر عليها الإسبان والطليان، الذين يبيعون زيتهم قبل أن يلتفتوا إلى الزيت التونسي.”

وأنتجت إسبانيا العام الماضي 840 ألف طن من الزيت، وهذا العام قد تصل إلى إنتاج مليون و250 ألف طن؛ أي لها زيادة بأكثر من محصول تونس.

واعتبر الرمضاني أن “تدخل ديوان الزيت واجب وطني لحماية الاقتصاد، والتفكير في التصدير يجب أن يكون في أبريل المقبل، وعليه احتواء الصابة وتخزينها لبيعها فيما بعد.”

وقال “عندما نبيع بالأسعار العالمية هذا يجعل المزارع رابحا. كان السعر يتجاوز 8 دولارات (للتر الواحد) لكنه اليوم دون 3.5 دولار. أعتقد أن المزارع سيكون راضيا عند متوسط 6 دولارات.”

4