ليبيا أمام امتحان الانتخابات المحلية في لحظة فارقة

الدبيبة يحث الليبيين على المشاركة في الاستحقاق ويؤكد ضمان سيره بنجاح.
السبت 2024/11/16
خطوة لتعزيز الحكم المحلي في ليبيا

تعيش ليبيا على وقع انتخابات محلية هي الأولى منذ 2013، وسط دعوات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى الإقبال على المشاركة بكثافة، في وقت يطمح فيه الليبيون إلى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية تحقق المصالحة الشاملة وتنهي مرحلة الانقسام السياسي.

تشهد 58 بلدية في مختلف مناطق ليبيا اليوم السبت أجواء انتخابية لم تعرفها منذ ما لا يقل عن عشر سنوات، وهو ما يشكل تحديا مهما أمام الناخب الليبي والقوى السياسية والاجتماعية وأمام الهياكل المتخصصة والأطراف الدولية الداعمة للاستحقاق.

وتشمل انتخابات السبت أول مجموعة من أصل 143، على أن تلتحق بها المجموعة الثانية من 59 بلدية مطلع العام القادم.

 ودعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الليبيين إلى المشاركة في انتخابات البلدية، وأكد جاهزية الأجهزة الأمنية لتأمين الانتخابات وضمان سيرها بنجاح.

وقال في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي “توجد 58 بلدية تعقد فيها انتخابات، هذا يوم تاريخي وهذه البلديات كمرحلة أولى والمرحلة الثانية البلديات الأخرى، أنا في هذه السانحة ندعو كل الليبيين المشاركة بقوة في هذه الانتخابات ودائما نختار الأفضل لإدارة البلدية المهتمة بخدمة الليبيين في كل المناطق.”

وتابع الدبيبة “نوضح للعالم كله أن الليبيين قادرون على إدارة أنفسهم خصوصا في تحقيق الديمقراطية والانتخابات، وسنرفض التمديد والمراحل الانتقالية، وهذا ينقلنا إلى الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية والتي نحن نستطيع أن نصل إليها في أي وقت ولا بدّ للمجتمع الدولي وكل من يعرقل هذه الانتخابات أن يحترموا إرادة الشعب الليبي.”

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قالت إن إجراء الانتخابات خطوة مهمة نحو تعزيز الممارسة الديمقراطية في البلاد

وأضاف أن حكومته أعطت الاختصاصات إلى البلديات، مشددا على “ضرورة الاختيار الجيد في هذه الانتخابات” داعيا كل من عندهم الحق في هذا الصوت “ألا يتنازلوا عليه، ولا يمكن إعطاء الصوت إلا للذي يستحقه.”

وبحسب الدبيبة، فإن الانتخابات البلدية في ليبيا تعد رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن كل من يحاول عرقلة إرادة الليبيين سيكون مآله الفشل لأنهم أصبحوا اليوم أقوى وعندهم إرادة صلبة في تقرير مصيرهم في البحث على الانتخابات.

وتوجد 29 بلدية من البلديات التي ستشهد انتخابات السبت في غربي البلاد، وأبرزها: مصراتة والزنتان إلى جانب وادي زمزم وزلة وهراوة والعامرية والناصرية والرجبان والرياينة والسائح والعواتة والقريات ونسمة ومزدة ورأس الطبل والسبيعة والحرابة والحوامد وسوق الخميس وكاباو والمشاشية والقلعة ووازن والرحيبات وقواليش وقصر بن غشير والشقيقة والشويرف وزلطن.

كما توجد 17 بلدية جنوبي البلاد، وهي وادي البوانيس وبنت بية ووادي عتبة وتراغن وزويلة وتجرهي والعوينات وتهالا والبركت وقراقرة والرقيبة والوادي الشرقي وجرمة وبرقن وغدامس وسيناون وآوال، و12 بلدية في شرقي البلاد، وهي بئر الأشهب وامساعد والبردي ومرسى دفنة والميطانية والجوف الغربي وتازربو ومدور الزيتون وتاكنس والقبة والأبرق والقيقب.

وفي السابع والعشرين من أكتوبر الماضي، أصدرت المفوضية القائمة النهائية للمرشحين وأذنت بانطلاق الحملة الدعائية حتى الصمت الانتخابي قبل 24 ساعة من يوم الاقتراع الذي يوافق اليوم السبت.

المجتمع الدولي يراهن على نجاح استحقاق السبت، وأول شروط هذا النجاح هو المشاركة الشعبية الواسعة التي ستحرج الفرقاء السياسين

ويبلغ إجمالي المنظمات المسجلة للمراقبة 81، في حين يبلغ المراقبون الأفراد 973، بالإضافة إلى سبع وسائل إعلامية و16 ممثلا عنهم، بينما وصل عدد الناخبين إلى 188 ألفا، فيما يقدر عدد الموظفين بالمراكز الاقتراعية بـ5100 موزعين على 372 مركز اقتراع.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قالت إن إجراء الانتخابات خطوة مهمة نحو تعزيز الحكم المحلي والممارسة الديمقراطية في ليبيا. وحثّت جميع السلطات والقادة السياسيين والجهات الأمنية الفاعلة على توفير بيئة آمنة وشفافة وشاملة لإجراء الانتخابات، مؤكدة التزامها بدعم تطلعات الشعب الليبي ومساندة الجهود الرامية إلى إتمام العملية الانتخابية بنجاح.

وطالبت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، جموع المواطنين بـ”التخلي عن حالة الاستسلام للانقسام السياسي، والتفاعل مع الاستحقاقات المحلية.” وعبّرت عن أملها في توجّه الناخبين نحو مراكز الاقتراع “ليمارسوا حقهم في اختيار من يمثلهم ويحمل الأمانة عنهم.” لافتة إلى أن “هذا الحق الذي غاب عنهم قرابة عقد من الزمن، نسعى لأن نحييه ونبعث الأمل فيه بما نحن إليه سائرون.”

وتابعت المفوضية أن موعد انطلاق المرحلة الأولى للاستحقاقات البلدية “ليس مجرد عملية انتخابية فقط، بل يحمل من الرمزية ما يؤكد أننا ماضون في بناء الدولة والخروج بها من أزمة المرحلة الانتقالية بصيغة ليبية متميزة لا يعقلها إلا الوطنيون.” مشيرة إلى أن الليبيين “ليسوا أقل من شعوب هذه الأرض التي تقدمت ونالت من الاستقرار والازدهار ما رسَّخ سيادتها ومكانتها بين الأمم.” كما دعت وسائل الإعلام والنخب السياسية إلى “تحري الدقة في طرح كل ما يتعلق بمواقف المفوضية عامة وقضايا الانتخابات خاصة، وعدم الانجرار وراء الأخبار الكاذبة والمضللة وطرحها على أنها حقيقة مسلَّم بها أمام الناخب.”

Thumbnail

وبحسب المراقبين، فإن انتخابات السبت تمثل تحديا مهما للناخب الليبي في لحظة فارقة، وسيكون أمام القوى السياسية والاجتماعية إثبات وعيها بأهمية صندوق الاقتراع كأداة للتعبير الحر عن إرادة الشعب في ظل المجتمع الديمقراطي، لاسيما أن البلاد لا تزال تشهد سجالا حادا ومتواصلا حول الاستحقاقات البرلمانية والرئاسية التي لا تزال تعاني من العرقلة والتأجيل والتجاهل منذ سنوات بسبب رغبة الفرقاء السياسيين المسيطرين على القرار في غرب وشرق البلاد في إبقاء الأوضاع على ما هي عليه ضمانا لديمومة السلطة والاستفادة من امتيازاتها.

ويرى المراقبون أن المجتمع الدولي يراهن على نجاح استحقاق السبت، وأن أول شروط هذا النجاح هو المشاركة الشعبية الواسعة التي ستحرج الفرقاء السياسين، وتدفع نحو تذليل العقبات وتوفير المناخ السياسي والاجتماعي العام لتنظيم الانتخابات المرتقبة ببعديها التشريعي والرئاسي.

وكان رئيس المفوضية عماد السايح أعلن أن مجلس مشروع “تعزيز الانتخابات من أجل الشعب الليبي”، الذي اجتمع، الثلاثاء، بحضور الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي صوفي كيمخدزة، وسفراء الاتحاد الأوروبي الممثلين للدول المانحة عبر صندوق الأمم المتحدة الإنمائي، استعرض سبل دعم الانتخابات العامة، وانتخابات المجالس البلدية، بالإضافة إلى مراجعة خطط المشروع وتقييم خطة هذا العام، ومناقشة آخر الترتيبات الانتخابية، ومدى جاهزية المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات المقبلة. ونقل عن الحضور إشادتهم بالجهود التي تبذلها المفوضية لإنجاح مراحل تنفيذ العملية الانتخابية الخاصة بانتخابات المجموعة الأولى للمجالس البلدية، ونجاحها في الوصول بالناخبين إلى صناديق الاقتراع.

وأعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن دعمهما المباشر لانتخابات السبت التي ستجرى في ظل إجراءات أمنية مشددة تشرف عليها وزارتا الداخلية في كل من حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في بنغازي.

4