المغرب يدمج أقاليم الصحراء في جهود إنتاج الهيدروجين

تركيز على جهات كلميم واد نون والعيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب لاستيعاب جزء من المشاريع.
الأربعاء 2024/10/30
طريقكم معبد لتنفيذ رؤيتكم

اكتسبت إستراتيجية المغرب لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر المزيد من الزخم مع تركيز الحكومة على إدماج الأقاليم الصحراوية الجنوبية في جهود استيعاب مجموعة من المشاريع الجديدة، في ظل قناعة بأنها ستصبح وجهة جاذبة للاستثمارات مستقبلا.

الرباط - اختارت الحكومة المغربية مجموعة من المشاريع المزمع تنفيذها لإنتاج الهيدروجين الأخضر ليتم تركيزها في جهات الأقاليم الجنوبية، وهي كلميم واد نون والعيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، على أن يتم تعميق النقاشات حولها مع المستثمرين.

وجاء ذلك خلال انعقاد اجتماع لجنة القيادة المكلفة بـ”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش تنفيذا لرؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وبحثت اللجنة الإطار التعاقدي المتعلق بالأراضي المخصصة لإنجاز المشاريع، والآليات الكفيلة بحسن استخدامها، وذلك للإسراع بتنفيذ البرنامج بالجودة اللازمة، والاستجابة لتطلعات أصحاب رؤوس الأموال المحليين والأجانب.

وتهدف الرباط إلى تحفيز الشركات الخاصة على تطوير القطاع عبر مشروع “عرض المغرب” للهيدروجين الأخضر الذي طرح للمستثمرين.

رشيد ساري: هذه الثروة ستعمل على تغيير خارطة الأقاليم الجنوبية
رشيد ساري: هذه الثروة ستعمل على تغيير خارطة الأقاليم الجنوبية

ويُعدّ سوق الهيدروجين الأخضر في المغرب مركزا واعدا لجذب الاستثمارات، ويمثّل فرصة للتنويع الاقتصادي وبلوغ السيادة في مجال الطاقة.

وأبرز المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن هذه الثروة ستعمل على تغيير خارطة مجموعة من الأقاليم الجنوبية من مناطق صحراوية إلى مناطق خضراء.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “صناعة الهيدروجين الأخضر ستحد من عجز الميزانية، كما ستساهم في توفير العديد من فرص الشغل بفضل النهضة على المستوى الزراعي”.

وحول أهمية هذا المجال والمكاسب التي سيجنيها المغرب منه، توقع ساري أن يسهم بنسبة 12 في المئة على مستوى الإنتاج العالمي، وبالتالي ظهور منافس جديد للطاقات المتجددة، المتمثلة أساسا في طاقتي الشمس والرياح، بالإضافة إلى الوقود الأحفوري.

وجاء المغرب ضمن 6 دول اختيرَت لقيادة عملية تطوير الهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب تقرير دولي حديث أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في إطار الأهداف المحددة لعام 2050، والمشهد السياسي الحالي في المغرب.

وتهدف رؤية المغرب 2050 إلى تعزيز مواءمة السياسات بين دول التحالف الأفريقي للهيدروجين الأخضر (أي.جي.أتش.أي) مع التركيز على تسريع تمويل مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في أفريقيا.

وفي هذه المرحلة يتم تقييم واختيار عروض المشاريع التي توصلت بها الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، وعددها 40 طلب مشروع تقدم بها مستثمرون مغاربة وأجانب، يرغبون في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته سواء كان موجها للسوق الداخلية أو للتصدير أو لكليهما معا.

وأشار بيان لرئاسة الحكومة إلى أن “اتفاقيات الاستثمار التي تجمع بين الدولة وأصحاب المشاريع، تتضمن بنودا تتعلق بمواعيد الاجتماعات حرصا على التقييم المنتظم للتقدم المحرز في تنفيذ المشاريع في هذا القطاع”.

40

مشروعا تقدم بها مستثمرون محليون وأجانب، بحسب الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)

وتتوافق توقعات الطلب على الهيدروجين الأخضر في البلاد مع ما يُقدر بنحو 8.9 مليار دولار بحلول عام 2030، و75 مليار دولار بحلول عام 2050.

وحُددت 4 مناطق مناسبة للمشاريع المقررة واسعة النطاق نظرا لمزاياها الجغرافية، وهي تشمل إلى جانب المناطق الشرقية، جهات الجنوب كلميم واد نون وطرفاية والداخلة.

وأعلنت وزارة الاقتصاد والمالية مؤخرا عن حزمة مشاريع طموحة للطاقة المتجددة، تستهدف زيادة القدرة الإنتاجية بمقدار 2155 ميغاواط، باستثمار تجاوز 23.7 مليار درهم (2.32 مليار دولار)، لتشمل بناء محطات إنتاج الكهرباء النظيفة من الشمس والرياح.

وتقود مجموعة الفوسفات (أو.سي.بي) المملوكة للدولة الطلب المحلي أساسا، حيث تهدف إلى إنتاج نحو مليون طن سنويا من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2027.

وستقوم المجموعة بعد ذلك باستبدال الطلب الكامل على الواردات بما يتراوح بين 1.5 ومليوني طن سنويا من الأمونيا، ضمن خطة للاستثمار الأخضر للفترة الفاصلة بين عامي 2023 و2027.

ونظرا للأهمية الإستراتيجية لهذه المشاريع فقد حضر الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة كل من وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت ووزيرة الاقتصاد نادية فتاح العلوي، ووزير التجهيز والماء نزار بركة ووزير الصناعة والتجارة رياض مزور والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية كريم زيدان والمدير العام لوكالة مازن طارق مفضل.

وكررت العلوي خلال الاجتماع أن بلدها يهدف إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة إلى أكثر من 52 في المئة بحلول عام 2030.

سوق الهيدروجين الأخضر في المغرب يُعدّ مركزا واعدا لجذب الاستثمارات، ويمثّل فرصة للتنويع الاقتصادي

واستثمرت الحكومة بكثافة في مشاريع ضخمة، مما ساهم في ارتفاع مساهمة الطاقات البديلة إلى 44.3 في المئة بنهاية أغسطس الماضي.

وبحسب وزيرة الاقتصاد، يرتقب أن تستمر هذه الاستثمارات في الارتفاع خلال العام المقبل لتعزيز مكانة المغرب كرائد في مجال الطاقة المتجددة.

ويرجح المسؤولون على المدى القصير، أي خلال العشرية الحالية، أن الطلب سيُدفع باستعمال الهيدروجين بوصفه مادة وسيطة في الإنتاج المحلي للأمونيا الخضراء، وتصدير الهيدروجين الأخضر إلى الدول التي لديها أهداف طموحة لإزالة الكربون، بما يتراوح بين 4 و30 تيراواط/ساعة بحلول عام 2030.

وشدد ساري على أن الاعتماد على هذا النوع من الطاقات المتجددة سيجنب المغرب ارتفاع كلفة الفاتورة الطاقية، بالإضافة إلى الحماية من التقلبات الحاصلة على المستوى الدولي التي تؤدي في بعض الأحيان إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية.

وأشار إلى الآفاق الواعدة لإنتاج هذه المادة، معتبرا أن المغرب سيتحول من بلد مستورد للطاقة إلى مصدر لها، وهي خطوة قال عنها إنها “مهمة، خاصة وأن المغرب ليس بلدا فلاحيا، بل هو بلد المزارعين، وتحلية مياه البحر عن طريق الهيدروجين الأخضر ستمكن من تجاوز العديد من المشاكل المتعلقة بالأمن الغذائي”.

وتشرف وكالة مازن على جميع مصادر الطاقة المتجددة، مستهدفة إنتاج حوالي 6 غيغاواط إضافية بحلول نهاية العقد الحالي، بما في ذلك مشروع محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية متعدد المراحل.

وخلال الفترة الماضية، تم الإعلان عن 6 مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك المشروع التجريبي لمجموعة أو.سي.بي في مرحلة قرار الاستثمار النهائي، مع إنتاج مخطط له يبلغ 3 ملايين طن سنويا من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2032.

والشهر الماضي أنشأت وكالة مازن منصة إلكترونية وضعت تحت تصرف المستثمرين في الهيدروجين الأخضر وإنتاج الأمونيا والميثانول، لتكريس تبوء البلد مكانة إستراتيجية في مجال تطوير الطاقات المتجددة.

11