هون الليبية تستعد لمهرجانها بأكبر استعراض حي لثقافة الواحات وتقاليدها

المهرجان يعود بمجموعة من الفعاليات الفنية المهتمة بالموروث الليبي.
الاثنين 2024/10/14
معرض لأشهر عادات هون وتقاليدها

"ليبيا.. تعدد الموروث في الهوية الواحدة"، شعار ترفعه الدورة المرتقبة من المهرجان السياحي الدولي لمدينة هون الليبية، العائد بعد غياب، ليسلط الضوء على ثقافة مدينة هون وواحاتها، بعروض فنية وثقافية تجمع بين السينما والموسيقى والشعر والمعارض المتنوعة.

تستعد مدينة هون الليبية لتنظيم الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان خريفها السياحي الدولي، وهي الدورة التي كانت مقررة للعام الماضي لكنها تأجلت بسبب الكارثة الطبيعية التي ضربت مدينة درنة ومنطقة الجبل الأخضر في شرق البلاد.

وفي 24 أكتوبر الجاري، سيتم افتتاح المهرجان بعروض فنية وثقافية متنوعة من على خشبة مسرح الفوارة تتضمن أوبيريتا غنائيا بمشاركة عدد من الأصوات المتميزة التي ستتغنى بأصالة المدينة وجمالها وبعاداتها وتقاليدها، وبخريفها الرائق الذي يشهد انطلاق موسم جني التمور، وعادة ما يكون مناسبة للأفراح والمناسبات السعيدة وللرحلات السياحية في منطقة الواحات بخصوصياتها الجغرافية والطبيعية في مناطق الجنوب الأوسط بليبيا.

الواحات الليبية معروفة بثراء موروثاتها الشعرية والموسيقية والحرفية وبما يميزها من اللباس والمقتنيات الشعبية
الواحات الليبية معروفة بثراء موروثاتها الشعرية والموسيقية والحرفية وبما يميزها من اللباس والمقتنيات الشعبية

 كما سيتم خلال الافتتاح عرض الفيلم الروائي القصير “لو كان” سيناريو ابن المدينة بشير أبوالقاسم بشير وإخراج خالد عثمان وبطولة هدى عبداللطيف وأيوب القيب ومصباح المزداوي، وكان قد تم إنتاجه في العام 2021.

تدور أحداث الفيلم حول البطل حسام الذي يحاول صناعة فيلم وثائقي عن أقدم بيوت المدينة القديمة قبل هدمه، ليتعرف على صاحبة البيت الحاجة خديجة وهي مسنة تعاني من مرض مزمن، ويرافقها حسام في آخر يوم لها بالبيت، ليكتشف أمورا كثيرة عنها وعن المنزل وليدرك أن ما عرفه يعد أكثر أهمية وقيمة من العمل الذي جاء من أجله.

وتتضمن فعاليات المهرجان مختارات منتقاة من التراث الشعبي الليبي، وعروضا للفرق الشعبية المتنوعة، ومعرضا للصناعات التقليدية، وعروض الفروسية الشعبية، ومسابقات الميز الشعبي، بالإضافة إلى حفلات شعبية وموسيقية متنوعة تقدم جانبا مهما من الحياة التقليدية في مدن هون ومنطقة الجفرة والواحات الليبية المعروفة بثراء موروثاتها الشعرية والموسيقية والحرفية وبما يميزها من اللباس والحلي والمقتنيات الشعبية الأصيلة والعريقة، وخاصة من حيث اللباس الهوني الأسود المتميز.

ويتضمن برنامج المهرجان يوما خاصا بالألعاب التقليدية إضافة إلى ملتقى نسائي تحت اسم “العروس الليبية” ويتم من خلاله تقديم عروض اللباس التقليدي للعروس الليبية، فيما تقترح تظاهرة “سينما الخريف” عددا من الأفلام الخاصة للشباب التي تم إنجازها في الدورات السابقة للمهرجان إلى جانب معارض للفن التشكيلي والأشغال اليدوية والصور، وأمسيات شعرية بمشاركة شعراء الشعر الشعبي والفصيح وندوات فكرية لمناقشة عدد من المسائل الثقافية والاجتماعية بحضور خبراء وباحثين ومبدعين من الجفرة وعموم ليبيا.

وتقع مدينة هون في جنوب شرق العاصمة طرابلس وتبعد عنها بمسافة 541 كلم، وهي تابعة تاريخيا لإقليم فزان وتعتبر عاصمة إقليم الجفرة. وجاء في كتاب “معجم البلدان الليبية” للشيخ الطاهر الزاوي إن «هون واحة كبيرة وعند أهلها شيء من رفاهة العيش، لهم مهارة في دبغ الجلود وتطريزها بالحرير، بها زراعة محلية تسقى بالقواديس»، ويضيف عن اسمها «جاءونا من بني الهون وهي قبيلة عربية تنتمي إلى الهون بن خزيمة بن مدركة».

كما ورد ذكر المدينة في كتاب المؤرخ جاك تيري «تاريخ الصحراء الليبية في العصور الوسطى». وقال أبوعبيد البكري في كتابة «المسالك والممالك» الذي ألفه في القرن الحادي عشر الميلادي «..(هول) (هُـل) مدينة سكانها كثيرون ولها مساحات شاسعة من النخيل وعيون ماء عديدة..»، ويحدد البكري موقع هذه الواحة  على مسافة يوم من ودان غربا وهو تقدير صحيح (25 كلم) وعلى مسافة خمسة أيام من سبها شمالا وهو ما يتطلب سرعة كبيرة في التفكير في عبور جبال الهروج السوداء.

وقد احتضنت هون العديد من العلماء والفقهاء البارزين أمثال الشيخ محمد محمود الشنقيطي والشيخ محمد الأمين السوقي والفقيه العلامة عبدالرحمن الخازمي والشيخ عمران بن بركة وشهير زمانه الشيخ الكانمي والمجاهد الشيخ أحمد الشريف، وأنجبت العشرات من الأعلام البارزين في مجالات الفقه والعلوم والشعر والأدب والإعلام وغيرها.

ومن بين فعاليات الدورة القادمة للمهرجان، معرض “بيت التراث الأصيل” للباحثة والمهتمة بالتراث الأستاذة زهرة الخير التي كرست أكثر من نصف قرن من حياتها في جمع ورصد المقتنيات التي ترمز لموروث مدينة هون في العديد من المجالات، وستقدم ثمار جهدها الكبير لرواد وضيوف المهرجان.

فعاليات المهرجان تتضمن مختارات من التراث الليبي وعروضا للفرق الشعبية المتنوعة ومعرضا للصناعات التقليدية

وفي شارع النخلة بوسط هون، سيكون جمهور المهرجان وزائروه من مختلف أرجاء ليبيا مع معارض فنية مختلفة للفنون التشكيلة كالرسم والنحت وكذلك مع سوق التمور ومعرض السعفة وهو مخصص للصناعات الحرفية التقليدية المعتمدة على مشتقات النخيل والتي تنتشر في منطقة الجفرة وعاصمتها هون، وفي عدد من مناطق ليبيا الأخرى مثل تاورغاء شمالا وغدامس غربا.

كما يتضمن برنامج المهرجان فقرة ثابتة تجسّد الحياة اليومية في إحدى المزارع بضواحي المدينة، وعرضا للمقتنيات التقليدية في «دار بركوس» وهو فضاء خاص فتحه صاحبه للمشاركة في تأمين التظاهرة، بالإضافة إلى ملتقى الخريف الثقافي الذي أسسه الشاعر الراحل السنوسي حبيب عام 2004 ليجمع من خلال الكتاب والأدباء والشعراء في رحلة مع الإبداع والحوار النقدي ورصد مستجدات الحياة الأدبية في البلاد.

وفي الجانب الرياضي، ينظم المهرجان “رالي الخريف” وهو عبارة عن مسابقة تحدي الرمال بسيارات الدفع الرباعي، معارض للرسم والأشغال اليدوية والصور، أمسيات شعرية وندوات.

وأوضح عضو اللجنة الأهلية للمهرجان ورئيس لجنة العروض أسامة اشنيبو أن المهرجان يستمر أربعة أيام ويعتمد على العمل التطوعي والدعم المحلي في جميع فعالياته، حيث أن مدينة هون تقوم بتسخير كل إمكانياتها في نهاية شهر أكتوبر لاستقبال الضيوف من كافة ربوع ليبيا وخارجها، لتكون قبلة وبوابة لكل المهتمين، مردفا أن كافة إمكانيات ومقومات هذه الدورة مسخرة لأهالي مدينة درنة دعما لهم بمناسبة مرور عام على الكارثة التي واجهوها في سبتمبر 2024.

ويعتبر  مهرجان الخريف السياحي الدولي بهون، الذي كانت دورته الأولى قد انتظمت في العام 1996، مناسبة مهمة للتعرف على البيئة الثقافية والحضارية لمنطقة الجفرة المعروفة بثراء موروثها الفني، وبتنوع عاداتها وتقاليدها، وللاقتراب أكثر من خصوصيات الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مناطق الواحات التي تتماهى مع أغلب الواحات الأخرى في البلاد العربية، حيث عادة ما تكون مواطن علم وثقافة وأدب وشعر ونكتة وإقبال على الحياة.

15