بنيونس بحكاني لـ"العرب": نبذل جهودا ذاتية لمزيد إشعاع السعيدية وأبنائها من السينمائيين

مهرجان السعيدية السينمائي “سينما بلا حدود” واحد من أهم المهرجانات السينمائية في المغرب، التي تسلط الضوء على الثقافة المغربية مع الانفتاح على الفن السابع في المنطقة العربية والعالم، وهو ما يؤكده مدير المهرجان بنيونس بحكاني الذي كشف لـ“العرب” عن أكبر التحديات التي تواجه هذه التظاهرة.
الرباط - يسير مهرجان السعيدية السينمائي “سينما بلا حدود” بخطى ثابتة وجهود مكثفة ليكون قبلة السينمائيين المغاربة والعرب، عبر اختياراته الرصينة للأفلام ومنهجيته في تسليط الضوء على أبرز المواهب المغربية في الفن السابع. وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” لقاء مع مدير المهرجان بنيونس بحكاني تحدث فيه عن المهرجان.
حول أبرز التحديات التي واجهها في تنظيم الدورة التاسعة من مهرجان السعيدية السينمائي، وكيف تمكن من تجاوزها، يقول بحكاني “تتعدد التحديات وتتنوع فهي متشعبة، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو مجتمعي وتنظيمي، وينتظر مني كسينمائي أن أقدم للمجتمع الثقافي والفني كالعادة برنامجا سينمائيا يستمتعون به، إذ لا بد أن أراعي العديد من التحديات، سواء كانت لوجيستية أو متعلقة بدعوات الضيوف والإقامة، أو بالمشاركة المحلية للمجتمع المدني حيث أعيش وأقيم، وليس من السهل توفير كل هذا في ظل ظروف قد لا تحصل فيها على دعم مالي يغطي الاحتياجات، ولا دعم معنويا يحفزك لتنظيم هذه الدورة”.
وعن كيفية اختيار الأفلام المشاركة والمعايير التي اعتمدها في الدورة الأخيرة يقول “حسب تجربتي ودرايتي بنوعية الأفلام التي أشاهدها داخل المغرب وخارجه، ليس لدي أي إشكال، وبحسب العارفين في مجال السينما بالمغرب أصبحت لدي بعض الخبرة المتواضعة في اختيار الأفلام نظرا لمشاركاتي المتعددة في معاينة أفلام المهرجانات الدولية كمهرجان مراكش الدولي للأفلام”.
والهدف الرئيسي من تنظيم هذا المهرجان حسب بنيونس هو أن "مدينة السعيدية هي أول مدينة في المملكة نظمت مهرجانا كان يسمى مهرجان الطرب الغرناطي والفنون الشعبية، وكانت لنا فيه فقرة سينمائية وبعدها جاء مهرجان أصيلة. وفي السنوات الأخيرة ظهرت عدة مهرجانات في مختلف أنحاء البلاد، والهدف من هذه المهرجانات هو الحفاظ على الموروث الثقافي للجهة وللجوهرة الزرقاء (السعيدية)، ويعد مهرجان السينما جزءا من هذا الموروث، إذ لا بد من التذكير بأن أول فيلم مثل المغرب في مهرجان كان بفرنسا عام 1962 كان من إخراج المخرج عبدالعزيز الرمضاني، ابن مدينة السعيدية، ونظرا لعدد المخرجين من إقليم بركان أذكر منهم علي الصافي وكمال كمال، وكذلك المسرحيين مثل عبدالكريم برشيد ومصطفى الرمضاني ومحمد قسيامي وغيرهم، حيث يصبح من الضروري أن ننظم مهرجانا سينمائيا وآخر مسرحيا، فالجوهرة الزرقاء تستحق أكثر من احتفالية”.
ويرى بحكاني أن “تطور وسائل التواصل الاجتماعي يساهم في التأثير على السينما العربية عموما والمغربية على وجه الخصوص، إذ ناقشنا إلى أي حد يمكن أن تساهم هذه الوسائل في التعريف بالمنتج السينمائي، والمساهمة في توزيعه والتعريف بجودته، كما استمعنا إلى النموذج المصري والنموذج المغربي والنموذج العالمي، وكان النقاش موضوعيا حول كيفية فهم اللغات واللهجات، حيث تبين أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون أحيانا إيجابية عندما يكون الكاتب أو صاحب المحتوى مختصا، وأحيانا أخرى تكون سلبية عندما يكون الكاتب أو المعلق غير متمكن من الميدان”.ومن قيم جمعية الأمل للتعايش والتنمية التي تنظم المهرجان التعايش والتسامح والعيش المشترك، ويقول بنيونس “نسعى من خلال عروض المهرجان عبر الأفلام المختارة ذات البعد الكوني إلى إرسال رسائل للمشاهدين والمشاركين، وتتضمن الأهداف السامية التي نطمح إليها جميعا، مع تعزيز قيم السلم والسلام، كما أن المملكة المغربية هي بلد التعايش والسلم والسلام والأمان، وتلعب السينما دورا مهما في تحقيق هذه الأهداف”.
◙ غايتنا تطوير المهرجان ليكون مهرجانا يمثل السعيدية ويجعلها قبلة للسينما على غرار مدينة كان الفرنسية
وعن الدور الذي يلعبه دعم وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمركز السينمائي المغربي في إنجاح هذا المهرجان يوضح بنيونس “سأكون صريحا معك، نحن في الدورة التاسعة برمجتنا تعد من أرقى البرمجات السينمائية في المغرب، وضيوفنا ممثلين ومخرجين ونقادا وصحافيين يأتون من داخل البلاد وخارجها، ونفتخر بالمتابعة الجماهيرية، ومع ذلك لا نحظى بالدعم اللائق، ويمكنك طرح السؤال على لجنة الدعم التي نتحفظ عليها كثيرا، فمهرجاننا حسب المتابعين يصنّف من المهرجانات المتوسطة والراقية، لكن الدعم الذي نحصل عليه يبقى دون المستوى المطلوب، وقد نظمنا ثلاث دورات دون دعم من لجنة الوزارة ونجحنا في ذلك، لذا عليهم استخلاص العبرة. كما أشير إلى أن المركز السينمائي يدعمنا فيما يخص القافلة السينمائية ونحن نشكره على ذلك، لكن تبقى هناك أسئلة حول لجنة الدعم”.
أما عن التكريمات في مهرجان السعيدية “سينما بلا حدود” فيقول إنها “ليست اعتباطية، بل تأتي بعد تفكير ونقاش معمق حول التصنيف والعطاء، فلا يختلف اثنان في أن سعد الشرايبي أيقونة السينما المغربية، قدّم الكثير للسينما المغربية بدءا من الأندية السينمائية وصولا إلى الإخراج والإنتاج، ويجب أن يفخر به المغرب، فهو رجل قدّم للسينما من وقته وماله وروحه، ويستحق كل تكريم، أما السعدية أزكون فهي امرأة مغربية عشقت السينما وأبدعت فيها وأصبحت وجها مألوفا في التلفزيون والدراما والسينما المغربية من خلال مشاركتها في عدة أفلام نالت إعجاب المغاربة، وكذلك عبدالإله الحمدوشي كاتب فهم ما يعشقه المغاربة وقرّب السينما إلى الجمهور العريض من خلال سيناريوهات يجد فيها المتابعون ذواتهم، وهو كاتب مولع بالسينما، ولهذا رأينا أنه من الضروري تكريم كاتب إلى جانب مخرج وممثلة، وربما كنا من السباقين في اختيار مخرج وممثلة وكاتب سيناريو”.
كمدير لهذا المهرجان ورغم التحديات يشدد بحكاني على أنه “يسعى لتطوير المهرجان من حيث البرمجة والضيوف، وإشراك جميع مكونات المجتمع المدني بالجوهرة الزرقاء، إضافة إلى الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين، ليكون مهرجانا يمثل المدينة ويجعل السعيدية قبلة للسينما على غرار مدينة كان الفرنسية. ورغم أن هذا الطموح بعيد المدى إلا أن الأهم هو أن يصبح المهرجان معروفا على المستويات المغربية والأفريقية والدولية، هذا هو طموحنا وسنصل إليه. ويعتبر مهرجاننا مفتوحا للجميع، وهو أول مهرجان في المغرب والثاني في أفريقيا على الشاطئ، وهدفنا هو أن تكون السينما للجميع، وليست لدينا حواجز أو مناطق ‘فيب’، فكل الزوار لهم مقاعد حيثما شاءوا، ونستقبل الشبان والشابات والنساء والرجال وحتى الأطفال، حيث لهم حصصهم الخاصة، وخصوصا أطفال المخيمات لمشاهدة أفلام قصيرة تربوية، المهم هو أن يكون المهرجان مفتوحا لكل زوار الجوهرة الزرقاء”.
ويضيف “هدفنا مستقبلا أن يكون مهرجاننا في طليعة المهرجانات المغربية التي تسعى لإشعاع المنتوج السينمائي المغربي والتعريف بالسينما العالمية، خصوصا تلك التي يساهم فيها مغاربة العالم، سواء كمخرجين أو منتجين، فمكانته على الصعيد الوطني بعد الدورة التاسعة واضحة للعيان، أما على الصعيد الدولي فلا بد من مساهمة الدولة والجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والجهوي ببساطة، حيث يلعب المهرجان دوره الثقافي والدبلوماسي، خصوصا أن مدينة السعيدية تستقبل مغاربة العالم ومختلف السياح من بلدان متعددة”.