الكوميدي مراد العشابي لـ"العرب": أفضّل الخروج عن المألوف بدخول مغامرات فنية

الإضحاك فن راق يسلط الضوء على الظواهر الاجتماعية بحكمة وإيجابية.
الخميس 2024/10/03
كوميدي يحبه الجمهور المغربي

مراد العشابي أحد نجوم الكوميديا الشباب في المغرب وأوروبا، يخوض مسيرة مهنية جدية ومهمة، جمعه هذا الحوار مع صحيفة "العرب" والذي يسلط فيه الضوء على اختياراته الفنية ووجهة نظره في مجال الإنتاج الكوميدي والدرامي في المسرح والسينما والتلفزيون المغربي، وأحدث مشاريعه الفنية.

الرباط - يحقق الفنان الكوميدي المغربي مراد العشابي إنجازات معقولة ساهمت في تلقيه تكريمات مستحقة من خلال جهوده في تقديم برامج تلفزيونية ساخرة، مثل الكاميرا الخفية والسيتكومات الرمضانية التي أضفت لمسة فكاهية خاصة خلال شهر رمضان، كما تألق أيضًا بأداء درامي معقول في مسلسلات مثل “القلب المجروح” و”نوارة”، حيث عرض تنوعه الفني وقدرته على التجدد والخروج عن النمطية.

وتسلم مراد العشابي مؤخرًا جائزة “الإعلامي الأكثر إثارة للجدل عربيًا لعام 2024” في حفل أقيم في مدينة فينيس الإيطالية، ما يبرز تأثيره الواسع وتقديره الكبير على الصعيدين العربي والدولي، إذ تبرز هذه الجوائز تميزه ونجاحه المتواصل في مجال الفن والإعلام، ما يعكس مدى تقدمه في مجاله.

وفي هذا السياق التقت صحيفة “العرب” الفنان المغربي الذي تحدث عن آخر أعماله الفنية، إذ يقول عن تجربته في برنامج الكاميرا الخفية “فاصل ونواصل” وأسرار تحضيره المقالب للضيوف “تقديم هذه النوعية من البرامج هو مغامرة حقيقية نظرًا إلى كمية الجدل التي ترافق برامج المقالب، ليس في المغرب فقط بل في عدد من الدول العربية، لكن بطبعي إنسان مغامر وأكره الروتين، فما أفعله أمس لا يمكن أن أكرره غدًا، أحب التجديد وعدم السير في الطريق التي يسلكها أغلب الفنانين، وأفضل الخروج عن المألوف لاكتشاف أشياء جديدة والدخول في مغامرات فنية مختلفة، وهذه هي حلاوة الفن والإبداع بالنسبة إليّ”.

ويضيف “بكل صراحة، نسبة المتابعة القياسية والجدل الذي رافق البرنامج فاق جميع توقعاتنا، والفضل يعود إلى شركة الإنتاج وفريق العمل والمخرج المبدع داني يوسف الذي يعود له الفضل في نجاح البرنامج، حيث كان يقف عند كل صغيرة وكبيرة، فأثبت قوته في مثل هذه البرامج الصعبة المحفوفة بالمخاطر الفنية، كما يقف وراء هذا البرنامج طاقم إعداد ضخم يتكفل برسم المقالب وإعدادها، تحت إدارتي وإدارة المخرج والمنتج، وبعد اجتماعات مطولة نتفق جميعًا على الخطة التي نشتغل عليها للإيقاع بالضيوف”.

إلى جانب الكوميديا ظهر مراد العشابي في مسلسلات درامية مثل "القلب المجروح" و"الزطاط" و"داير البوز"،
◙ إلى جانب الكوميديا ظهر مراد العشابي في مسلسلات درامية مثل "القلب المجروح" و"الزطاط" و"داير البوز"

ويشرح “من البديهي أن نواجه صعوبات كثيرة أثناء التصوير، خاصة مع بعض الضيوف الذين تختلف جنسياتهم ونفسياتهم وسعة صدورهم، وبالتالي لا يمكن ضمان ردود أفعالهم، ونحن لا نهدف سوى إلى إسعادهم والترفيه عنهم ورسم البسمة على وجوههم في شهر رمضان الكريم، بينما تفاجأنا بنسبة المتابعات القياسية حينما اكتشفنا أن جمهورنا انتشر وتجاوز حدود المغرب، وأصبح البرنامج محط اهتمام الجمهور في مصر وتونس والجزائر، سواء عبر قناة ‘أم بي سي’ أو عبر منصة ‘شاهد’ أو عبر موقع ‘يوتيوب’ ومنصات التواصل الاجتماعي الرسمية خلال أيام رمضان، وهي أرقام قياسية لمشاهدات البرنامج في ظاهرة تلفزيونية متجددة ولافتة، فقد واصل البرنامج المثير للجدل حصد الأرقام القياسية عبر نسب المشاهدة الرسمية الموثقة في المغرب والعالم العربي، الذين يشاهدون حلقات ‘فاصل ونواصل’ باهتمام وشغف ومتابعة دقيقة تحليلية”.

يشهد البرنامج أجواء من الرعب والتشويق تجاه الضيوف، وكانت أغلب حلقات البرنامج مثيرة، لكن العشابي يعتبر “حلقة الفنانة كريمة غيث من بين أقوى الحلقات، إذ كانت ردّة فعلها قوية وغير متوقعة وانهالت عليّ بالضرب والرفس، وخرجت عن السيطرة وأصابتها هستيريا من الغضب، وتوقفت الحلقة لمدة ساعة بسبب بعض الأسئلة المستفزة، لكن بمجرد أن عرفت واستوعبت أن الأمر يتعلق ببرنامج مقالب، استرجعت أنفاسها تدريجيًا، وأعتقد أن نجاحنا في كشف إنسانية الفنان واستخراج طاقة الغضب والفرح والعفوية والمصداقية هي الوصفة السحرية وسر نجاح البرنامج".

وإلى جانب الكوميديا ظهر مراد العشابي في مسلسلات درامية مثل "القلب المجروح" و"الزطاط" و"داير البوز"، يقول عنها “حقيقة ساقني الحظ لأول مرة لألعب بطولة أول عمل درامي تلفزيوني من 60 حلقة بعنوان ‘مرحبا بصحابي’ على القناة الأولى المغربية، في دور رئيسي رفقة رواد ونجوم كنت أحلم أن ألعب دورًا وجهًا لوجه أمامهم، مثل صلاح الدين بنموسى، وفاطمة وشاي، ونعيمة إلياس، ومصطفى الزعري، الذين يعتبرون قمة الأداء الدرامي في المغرب، ويحتفظون بحس مرهف وسلاسة في تقمص الأدوار، بينما توالت بعدها التجارب والأعمال الدرامية التي اخترتها بعناية، ولا يمكن أن أقبل بدور أقل قيمة من هذا العمل مهما كانت الإغراءات، مثل مسلسل ‘فم السبع’، و’الزطاط’، و’داير البوز’، و’البهجة ثاني’، وغيرها من الأعمال التي لم أندم على المشاركة في بطولتها، ومن هنا انطلقت المغامرة الدرامية، وتلقيت بعدها عددًا كبيرًا من العروض التي كنت أنتقي بعضها بعناية وتخوف”.

ويسترجع الممثل أول دور كوميدي له، اقترحته عليه المخرجة فاطمة بوبكدي، في سلسلة “حديدان”، وكان أول دور كوميدي يلعبه، وبعدها كانت المشاركة في سيتكوم “عائلة محترمة جدًا” للمخرج كمال كمال، رفقة ماجدولين الإدريسي، ورفيق بوبكر، وعزيز حطاب، لتتوالى الأعمال والبرامج الكوميدية مثل برنامج “لا علاقة”، أو “طولك شو”، و”عندي ما يفيد”، أو “بسيكوميديا”، أو "الكاميرا ضاحكة"، أو "عيادة المشاهير".

ويعتبر الممثل المغربي “الأدوار الفكاهية امتحانا حقيقيًا لمعرفة رد فعل الجمهور المغربي الذي يصعب إضحاكه، لأن أغلب الجمهور المغربي ذكي جدًا ولا يقبل إلا الفكاهة الراقية والهادفة، فإذا أحس بقوة أدائك وصدقك الفني، يحترمك ويقدر ما تقدمه، ويترجم ذلك من خلال تجاوبه ودعمه سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو حبهم من خلال ملاقاتهم في الشارع العام، وهذا ما جذبني وحببني في الكوميديا الراقية”.

◙ لا ينبغي نسيان رواد الفن السابع المغربي وإهمالهم من قبل المهرجانات، فقد نشأ جيل من المغاربة على إبداعاتهم الفنية

ويشرح “قبولي لدور أحمد  مثلا في مسلسل "فم السبع’، الذي احتل الترند المغربي لأسابيع، هو في حد ذاته مغامرة حقيقية، إذ أن الانتقال من بطولة الأعمال الفكاهية إلى تقمص دور تراجيدي من خلال شخصية شريرة يُعد نوعًا من الجنون، والحمد لله، وفقنا الله أنا والمخرج في تقديم هذا الدور بشحنة قوية ومؤثرة، كما أسعدتني ردود فعل الجمهور في الشارع وتفاعل رواد المنصات الاجتماعية، حيث تحولت مقاطعي رغم كمية الشر والتراجيديا فيها، إلى ‘ترولات’ يتداولها الناس عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الساخرة بشكل كبير، وكان السيناريو الذي كتبته فاتن اليوسفي مميزًا جدًا، ما ساهم في انتشار العمل".

وبالنسبة إلى السخرية والهزل يرى الممثل أنه “من السهل العثور على الفكاهة في الظواهر الاجتماعية وتحويل المواقف إلى سخرية ودعابة، حيث نسخر منها ونحوّلها إلى مادة تُضحك الناس، وهذا هو السحر الذي تكمن فيه قوة السخرية. أعتبرها فنًا راقيًا وشكلاً من أشكال إيصال الرسائل للجمهور، ليس فقط لإضحاكهم، بل لتوظيف الضحك لنقد بعض الظواهر الاجتماعية بهدف تسليط الضوء عليها وإيجاد حلول لها، بطريقة حكيمة وإيجابية، وبأسلوب واعٍ وهادف يدعم تطور مجتمعنا وهويتنا المغربية ووحدتنا الترابية. كما أن الدراما التلفزيونية المغربية عرفت تطورًا لافتًا، جذبت من خلاله الأنظار، إذ استطاعت أن تقطع شوطًا مهمًا في طرح العديد من القضايا والمواضيع برؤى جديدة، والدليل على هذا التطور هو إقبال عدد كبير من القنوات الفضائية على دبلجة المسلسلات المغربية التي أنتجتها القناتان المغربيتان الأولى والثانية".

ويبدي العشابي رأيه في التكريمات التي توزعها المهرجانات السينمائية والتلفزيونية، خاصة تكريم وجوه شابة وإهمال رواد الفن السابع قائلا “جميل أن يُكرّم الفنانون الشباب لكن لا يجب نسيان من صنعوا هذا الفن ومن وضعوا أرشيفه، وهم رواد الفن الذين كبر معهم جيل من المغاربة، هؤلاء من يجب أن يتصدروا المشهد الفني المغربي، من أجل إعطاء قيمة نوعية وخبرة فنية لجيل الشباب لتحقيق تلاقح بين الجيلين، ولا تتصور فرحتي وأنا أساهم وأشارك في تكريم خاص لرائد من رواد الفن، وأعتبر ذلك تكريمًا لي كما حدث مع أبي الروحي وصديقي محمد الخلفي في مهرجان السينما العربية، فجيل الفنانين الرواد والمحترفين يمكن اعتبارهم مدرسة متنقلة لديهم كل الإمكانيات والتجربة لتقديم فن يحترم العائلة ويهذبها".

وحول اشتغاله في التلفزيون وغيابه عن المسرح والسينما، يوضح "بدايتي وانطلاقتي كانت من المسرح، وقد أنهيت مؤخرًا جولتي الأوروبية والوطنية بعرض ‘أولاد لبلاد’ برفقة المخرج الفرنسي نيكولا فان كوفان، وقبلها شاركت في مسرحية إيطالية بعنوان ‘كوميديا غالوري’ إخراج ماركوليلي لفرقة ليوغي ديلارتي، كما أخرجت أيضًا مسرحية ‘عايشة قنديشة’ بدعم من الاتحاد الأوروبي. لم أبتعد كثيرًا عن المسرح، ولا زلت أقدم عرضي الفني الذي هو عبارة عن ‘وان مان شو’ بشكل نصف شهري على المسارح الأوروبية، لصالح الجالية المغربية بالخارج، وهو من إنتاج جمعية هوريزون ببلجيكا، إذ قدمنا أيضًا حوالي 12 عرضًا فنيًا في مختلف الدول الأوروبية، ضمن برنامج الجولات المسرحية الذي تنظمه الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة. أما السينما فكان آخر عمل سينمائي بطولة مشتركة مع المغنية دنيا بطمة بعنوان ‘البوز’، والفيلم السينمائي ‘بقرة الدوار’ للمخرج علي الطاهري، والفيلم السينمائي ‘المزاليط’ للمخرجة دمنة بونعيلات".

أما حاليا، فيقول الفنان إنه يستعد "لتقديم برنامج ضخم تجاوزت مدة إعداده سنتين، سيشكل مفاجأة للجمهور المغربي والعربي، فهو برنامج سأظهر فيه بشكل مختلف لا يمكن تقليده، كما وافقت على لعب دور مهم في فيلم سينمائي كبير نال دعم المركز السينمائي المغربي، يحكي قصة المناضل أحمد الحنصالي".

13