تنسيق تام بين المغرب وإسبانيا في مجال مكافحة الهجرة

رئيس الحكومة المغربية يجري مباحثات مع نظيره الإسباني لبحث سبل توطيد العلاقات بين الرباط ومدريد، وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
الجمعة 2024/09/27
المغرب يلعب دورا إستراتيجيا في تقليص أعداد المهاجرين نحو مدريد

الرباط - مثّل ملف الهجرة غير النظامية أهم القضايا التي ناقشها رئيسا حكومتي إسبانيا بيدرو سانشيز مع نظيره المغربي عزيز أخنوش خلال لقائهما في نيويورك، ما يعكس تنسيقا ثنائيا كبيرا من أجل مكافحة تداعيات الظاهرة.

وقال سانشيز على حسابه بموقع إكس على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في ذات المنشور، “لقد تناولنا إدارة تدفقات الهجرة والالتزام بالهجرة المنظمة والآمنة. كما تحدثنا عن تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، الذي تستضيفه إسبانيا والبرتغال والمغرب. ونحن مقتنعون بأنه سيكون نجاحا كبيرا”.

وأجرى عزيز أخنوش مباحثات مع سانشيز، بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسي مانويل ألباريس، تناولت سبل توطيد العلاقات بين الرباط ومدريد، وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، أن “المملكة أظهرت أنها تعمل بتنسيق كامل مع مدريد لضبط الحدود ومنع أي تدفق غير قانوني للمهاجرين، يبرهن على التزام المغرب بتعزيز شراكته مع إسبانيا، والتي تستند إلى أساس قوي من التعاون الأمني والمخابراتي من أجل مواجهة التحديات المشتركة”.

وأوضح لـ”العرب” أن “سعي المغرب باستمرار لمواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة يخدم تعزيز العلاقات المغربية – الإسبانية، كما يعكس التزام المغرب بدوره كشريك إستراتيجي في مجال الأمن ومكافحة الهجرة غير النظامية”.

وأضاف معتضد أن “الرباط أثبتت أنها شريك مسؤول ومدرك لأهمية الحفاظ على استقرار العلاقات والتعاون متعدد الأبعاد مع إسبانيا ودول أفريقية كجزء من إستراتيجية شاملة لتعزيز الإجراءات والمشاريع للحد من تدفق الهجرة غير النظامية، ومواجهة التحديات المرتبطة بها قاريا ودوليا”.

هشام معتضد: المغرب ملتزم بدوره كشريك إستراتيجي في مكافحة الهجرة
هشام معتضد: المغرب ملتزم بدوره كشريك إستراتيجي في مكافحة الهجرة

وأكدت الحكومة الإسبانية على التبادل المستمر للمعلومات في ما يتعلق بمكافحة شبكات الاتجار بالبشر، وتنظيم دوريات مشتركة بين قوات الأمن الإسبانية والمغربية، إضافة إلى وجود مراكز مشتركة للتنسيق في كل من طنجة والجزيرة الخضراء، واستمرار الاجتماعات التنسيقية رفيعة المستوى ما بين البلدين، بما فيها الاجتماعات المنتظمة للمجموعة الإسبانية – المغربية الدائمة المعنية بالهجرة.

ويُعتبر هذا اللقاء بين أخنوش وسانشيز هو الأول من نوعه منذ فبراير الماضي، عندما كان الطرفان قد أجريا مباحثات في العاصمة الرباط على هامش الاستقبال الذي خص به العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس الحكومة الإسبانية الذي قام بزيارة عمل إلى المغرب آنذاك، والذي جاء بعد تمكن المغرب مؤخرا من التصدي لمحاولات جماعية لاقتحام مدينة سبتة المحتلة وإشادة مدريد بالتعاون المغربي.

ودافع المسؤولون الحكوميون في إسبانيا في جلسة برلمانية الأسبوع الماضي، عن دور المغرب مع محاولة الهجرة الجماعية من الفنيدق في اتجاه سبتة المحتلة، حيث شدد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على “أهمية التعاون المغربي – الإسباني في مجال الهجرة”، مؤكدا أن “التعاون المغربي مع قوات الأمن الإسبانية يمنع الآلاف من الأشخاص من دخول إسبانيا بشكل غير قانوني”.

كما شدد المسؤول الحكومي على أنه “لو لم يكن هناك تعاون مع المغرب لكانت حدودنا أقل أمانا بكثير وسندخل في صراع مع جيراننا الرئيسيين”، مركزا على “تعاون الرباط مع القوات الأمنية الإسبانية التي تحمي سبتة ومليلية”.

أكثر من 16 ألف مهاجر غير نظامي إلى إسبانيا عبر الطرق البرية والبحرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي

وقبل أيام أكد وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، في تصريح للصحافة على هامش تدشين المرافق الجديدة للمركز الوطني للكلاب البوليسية في بلد الوليد، أن “التعاون مع المغرب استثنائي ومذهل، يقوم بشكل واضح على الثقة وحسن النية، إنه عمل يومي لخدمة مصالح المجتمعين على حد سواء وضمان حقوق وحريات الجميع”.

وإلى جانب تعاونها مع المغرب، أبرمت إسبانيا خلال الأشهر الأخيرة اتفاقات مع دول غرب أفريقيا، من بينها موريتانيا والسنغال، لمنع المهاجرين غير النظاميين، مقابل فتح المجال أمام هجرة آمنة لشباب المنطقة، وفق برامج محددة.

وأوضحت الحكومة الإسبانية أنها تعمل على تطوير سياسات إدارة الهجرة بالتعاون مع بلدان المنشأ والعبور، وأن الهدف الرئيسي من سياسات الهجرة الحالية هو منع تدفق المهاجرين غير النظاميين من خلال العمل المشترك مع الدول الأفريقية الشريكة في هذا الإطار، من أجل مكافحة شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، لافتة إلى أن ضغط الهجرة الناشئ في أفريقيا هو ضغط هيكلي مدفوع بمجموعة من العوامل الرئيسية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي.

وكشفت بيانات حديثة لوزارة الداخلية الإسبانية حول الهجرة غير النظامية، وصول أكثر من 16 ألف مهاجر غير نظامي إلى إسبانيا عبر الطرق البرية والبحرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بزيادة قُدرت بأكثر من 276 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، منهم أكثر من 13 ألف مهاجر وصلوا إلى جزر الكناري عبر البحر، و805 مهاجرين دخلوا إلى كل من مدينتي سبتة ومليلية عبر الطرق البرية.

4