احتضان المغرب لمناورات "الرعد الغامض" يعكس حرصا غربيا على تعزيز التحالف مع الرباط

تحرص القوى الغربية على مشاركة الجيش المغربي في معظم المناورات العسكرية التي تجريها وتبادل الخبرات معه، ما يترجم المكانة الإستراتيجية التي تحتلها المملكة، في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي.
الرباط - انطلقت الإثنين المناورات العسكرية “أركان تاندر 24″، أو “الرعد الغامض”، التي تحتضنها المملكة المغربية بشكل مشترك مع ألمانيا، لأول مرة في الفترة الممتدة ما بين الـ5 والـ16 من شهر أغسطس الجاري، بمشاركة حوالي 300 جنديا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى جانب الدولة المضيفة وألمانيا.
وتعكس المناورات الجارية الأهمية العسكرية التي يتمتع بها المغرب ضمن الإستراتيجية الأميركية في المنطقة الأوروأفريقية.
وتهدف مناورات “الرعد الغامض”، إلى تحسين القدرات العسكرية للدول المشاركة وتعزيز التعاون والتفاهم والتنسيق فيما بين جيوشها النظامية لمواجهة التحديات المشتركة، وفق ما أكده بيان للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا وأوروبا.
وكانت رومانيا احتضنت نسخة العام الماضي من هذا التمرين بمشاركة ألمانيا وبولندا، إضافة إلى حضور مراقبين عسكريين من كل من إيطاليا وجمهورية التشيك.
وأفاد العقيد الأميركي باتريك موفيت، قائد فرقة العمل متعدد المجالات الثانية، حسب البيان ذاته، على أن التدريبات، التي تجرى في بيئة مشتركة، ستركز على تمكين القوات المشتركة من حرية العمل في مسرح عمليات القيادة الأوروبية الأميركية، لافتا إلى أن قوات بلاده “تُواصل، هذا العام، تعزيز قابلية التشغيل البيني مع قوات الحلفاء والشركاء تحت هياكل القيادة المنتشرة عبر أكثر من 3 آلاف كيلومتر من ألمانيا إلى شمال المحيط الأطلسي وإلى المغرب”.
واعتبر هشام معتضد الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن مشاركة المملكة في المناورات العسكرية، متعددة الأطراف وبقيادة الولايات المتحدة تعزز مكانتها كحليف إستراتيجي موثوق به في المنطقة، وتعكس الثقة التي يوليها الشركاء الغربيون للمغرب، وهو ما يعزز دوره كمحور إستراتيجي في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، مع تطوير قدرات موارده البشرية.
وأضاف معتضد في تصريحات لـ”العرب” أن المناورات الجارية على أرض المملكة تترجم علاقات التعاون الوثيقة بين المغرب وألمانيا والولايات المتحدة؛ والذي يساهم في تعزيز التفاهمات الدفاعية والأمنية وتطويرها بشكل مستمر، وفي بناء تحالفات قوية ومستدامة.
ويلفت الباحث المغربي أن مثل هذه المناورات تكسب المملكة فرصة تبادل المزيد من الخبرات والمعرفة التكنولوجية المتقدمة في مجال الحرب الإلكترونية والدفاع متعدد الأبعاد. وهذا ما يعزز من قدراتها الدفاعية، ويتيح لها الاطلاع على أحدث التقنيات والممارسات في العمليات العسكرية الحديثة”.
وتزامنت المناورات مع الذكرى الـ25 لعيد العرش، حيث شهدت المؤسسة العسكرية المغربية عهد الملك محمد السادس تطورات مهمة عززت من موقعها في الخريطة العسكرية العالمية، مع حرصه على تطوير وتحديث المنظومة الدفاعية والهجومية الوطنية وتنويع مصادر الحصول على السلاح، لمواجهة التهديدات والتحديات التي تواجه المغرب، والتركيز على جودة التكوين العسكري للرفع من كفاءتهم القتالية.
المغرب يعد أكبر مشتر للمعدات العسكرية الأميركية في أفريقيا وحصل على دعم كبير من خلال التمويل العسكري الأجنبي والتدريب العسكري الدولي
وحرص المغرب على اقتناء أحدث التكنولوجيات الحربية والأسلحة الجوية والبرية التي ساهمت في ضبط أمن الحدود وتحييد مختلف الأخطار والتهديدات، إلى جانب تفعيل احتكاكه مع قوى دولية من خلال مشاركاته في تدريبات على مستوى عالي.
وتأتي مناورات “الرعد الغامض 24” في أعقاب النسخة العشرين الناجحة من مناورات الأسد الأفريقي التي استضافتها القوات المسلحة الملكية المغربية والقوات المسلحة الأمريكية في مايو الماضي، بمشاركة نحو 7 آلاف جندي من 20 دولة وممثلين عن حلف شمال الأطلسي.
وفي السنوات الأخيرة، عملت المغرب والولايات المتحدة على توسيع تعاونهما العسكري من خلال الحوار الإستراتيجي والتدريب المشترك وبرامج الدعم، حيث أشادت وزارة الخارجية الأميركية بالدور المتكامل الذي يلعبه المغرب في الأمن الإقليمي، حيث اعترفت بالبلاد كشريك حيوي في تعزيز الاستقرار وجهود مكافحة الإرهاب والعلاقات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعد المغرب أكبر مشتر للمعدات العسكرية الأميركية في أفريقيا وحصل على دعم كبير من خلال التمويل العسكري الأجنبي وبرنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي.
وقال معتضد، في تصريحه لـ”العرب”، إن مشاركة القوات المسلحة الملكية المغربية في مناورات “الرعد الغامض” تمثل فرصة لتقييم جاهزيتها وتطوير إستراتيجياتها وتكتيكاتها بما يتماشى مع المعايير الدولية، وكذا رسالة قوية إلى الفاعلين الدوليين بأن المغرب يلعب دوراً نشطاً في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي، مما يزيد من نفوذه وتأثيره في القضايا الأمنية على الصعيد العالمي.