هل تنجح ليبيا وتونس في إعادة الروح إلى الدار العربية للكتاب؟

تستعد الدار العربية للكتاب للاحتفال بذكرى مرور 50 عاما على تأسيسها، وبعودة الحياة إليها كمؤسسة ثقافية ليبية – تونسية بعد تجميد نشاطها لسنوات عدة إثر الأحداث التي هزت البلدين في عام 2011.
وتأسّست الدار العربية للكتاب في عام 1973 كمشروع تونسي – ليبي “يعنى بالنشر والترجمة والتوزيع، والاستثمار في مختلف الأنشطة الثقافية وبالخصوص المتعلّقة بالشباب واهتماماته”، بحسب بيان تأسيسها، وقد أصدرت العشرات من الكتب في مجالات الأدب والفكر والفنون.
ويرى مراقبون أن المؤسسة التي كان لها دور كبير في نشر الكتاب وتوزيعه وطبع الموسوعات وتحقيق عيون التراث واستقطاب الكتّاب والشعراء والمؤلفين والمترجمين من البلدين، وفي دعم حركة الفكر والأدب، والتي كان لها دور تنويري مهم منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، استطاعت أن تتجاوز مختلف الهزات التي عرفتها العلاقات الثنائية وتحتاج اليوم إلى قرار سياسي ملزم بتوفير الإمكانيات التي تحتاج إليها لتطوير أدائها وإثراء منشوراتها ورقمنة المؤلفات الصادرة عنها لمدة نصف قرن، ولتساهم في المزيد من توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين.
1973
تاريخ تأسيس الدار العربية للكتاب كمشروع تونسي – ليبي "يعنى بالنشر والترجمة والتوزيع، والاستثمار في مختلف الأنشطة الثقافية"
وفي أوائل يوليو الجاري عقد مجلس إدارة الدار اجتماعه التاسع والأربعين برئاسة رئيس المجلس الدكتور عبدالمنعم اللموشي، وبحضور الأعضاء، وذلك في مقر الدار بفرعها الرئيسي في تونس.
وأشار اللموشي إلى الأهمية التي يكتسيها هذا الاجتماع بعد توقف عن الاجتماعات مدة دامت أكثر من 6 سنوات، وانعقاده لأول مرة بكامل أعضائه الذين تمت تسميتهم من طرفي وزارتي الثقافة في ليبيا وتونس، وأكد على أن المسؤولية التي يحملها هذا المجلس على عاتقه باتت كبيرة للخروج بالدار العربية للكتاب من حالة الجمود التي تعانيها والبحث في سبل معالجة المشاكل التي تعترض سبيلها.
وبحث المجتمعون جملة من الموضوعات المتعلقة بنشاطات وبرامج وأهداف الدار، لتفعيل دورها والمشاركة الفاعلة في المعارض المحلية والدولية، واعتمدوا عددا من التوصيات الخاصة بالاحتفالية المزمع تنظيمها وإقامتها بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الدار العربية للكتاب وآليات وخطوات تنفيذها.
ووفق قرار تأسيسها تعنى هذه المؤسسة بشؤون النشر والطبع والتوزيع وتتوخى في سبيل ذلك تحقيق جملة من الأهداف من بينها تنمية الثقافة العربية والمعرفة الإنسانية وإحياء التراث العربي والإسلامي وتشجيع الإنتاج العربي المعاصر ونشر الكتاب المدرسي، وبصفة عامة جميع العمليات ذات العلاقة بهذه الأهداف.
وتقوم المؤسسة بجميع عمليات التوزيع داخل القطرين وخارجهما وفقاً لما يقرره مجلس الإدارة وطبقاً للقوانين المعمول بها في البلدين، ويكون مركزها الرئيسي مدينة طرابلس ويكون لها فرع رئيسي في مدينة تونس.
المؤسسة تقوم بجميع عمليات التوزيع داخل القطرين وخارجهما وفقاً لما يقرره مجلس الإدارة وطبقاً للقوانين المعمول بها في البلدين
ويتكون مجلس إدارة المؤسسة من ثمانية أعضاء؛ أربعة من الجانب الليبي، وأربعة من الجانب التونسي، ويصدر بهم قرار من الجهة المختصة في كلا البلدين على أن يكون رئيس مجلس الإدارة من ليبيا تعينه الجهة المختصة من بين الأعضاء الليبيين الأربعة، ويكون المدير العام للمؤسسة تونسيا تعينه الحكومة التونسية من بين ممثليها الأربعة.
وفي يوليو 2023 أصدرت وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية مبروكة توغي عثمان القرار رقم 247 بشأن تشكيل مجلس إدارة الدار العربية للكتاب برئاسة عبدالمنعم يوسف اللموشي وعضوية كل من علي بن جابر وعبدالسلام بشر وعلي جبريل.
وفي يناير 2024 صدر قرار وزيرة الشؤون الثقافية في الجمهورية التونسية حياة قطاط بتسمية أعضاء مجلس إدارة الدار العربية للكتاب عن الجانب التونسي وهم شاكر الشيخي مديرا عاما مع عضوية خالد كشير ومبروك المناعي وهادية الخذري.
وكان قد تولى رئاسة مجلس إدارة الدار كل من الأديب الليبي الراحل خليفة التليسي، ثم الأديب الأمين مازن، وصولا إلى الباحث والكاتب عبدالمنعم محجوب وأيضا عبدالمنعم اللموشي الذي قال إنه لم يجد الدار العربية للكتاب وإنما وجد مجرد أطلال؛ ففي مدينة طرابلس تم هدم مقرها الرئيسي وتسويته بالتراب عام 2018، ولم يسمح لموظفيها حتى بإنقاذ أو سحب أرشيفها ووثائقها وملفاتها الإدارية، بل إن عملية الهدم والتجريف طالت مخازن الكتب الخاصة بإصدارات الدار ولم يسمح بنقلها إلى أي مكان، كما أن رصيدها المصرفي كان خاويا إلا من الالتزامات المثقلة عليه من قبل إدارة المصرف.