خوري تستبق إحاطتها الأولى أمام مجلس الأمن باستطلاع مواقف الفرقاء الليبيين

طرابلس- أكدت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري عزم البعثة الأممية على مساعدة الليبيين في إطلاق عملية شاملة لإنهاء الجمود السياسي، وذلك قبل أسبوع من إحاطتها الأولى أمام مجلس الأمن الدولي المقررة في التاسع عشر من يونيو الجاري.
وتأتي إحاطة خوري وفق الدورية المعتادة، وبعد شهرين من آخر إحاطة قدمها رئيس البعثة الأممية المستقيل عبدالله باتيلي في 17 أبريل الماضي، الذي تعرض لضغوط من أطراف دولية بهدف إجباره على ترك منصبه، في ظل ما يصفه المراقبون بالتحولات المهمة التي تعرفها ليبيا والمنطقة المحيطة بها نتيجة ما يعتبره الغرب تمددا روسيا أخل بالتوازنات الجيوسياسية السائدة منذ عقود خلت.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب”، أن خوري تستعد لإطلاق مبادرة سياسية جديدة بعد فشل مبادرة باتيلي، وأن المرحلة القادمة ستشهد محاولات جادة لتحريك المياه الراكدة، ولكن دون ضمان النجاح في ذلك بسبب التجاذبات الدولية، بما في ذلك التي يشهدها مجلس الأمن حول الملف الليبي، لاسيما بعد أن تأكد أن روسيا غير راضية على دور خوري وتسعى بقوة إلى إقناع بقية الأعضاء بضرورة تعيين مبعوث جديدة بدل باتيلي.
وتابعت المصادر أن خوري عملت خلال الفترة الماضي على استطلاع مواقف الفرقاء وجس نبض مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي بما في ذلك القيادات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وممثلي النساء والشباب بالإضافة إلى المسؤولين السياسيين والقيادات العسكرية والأمنية وعدد من قادة الأحزاب والمسؤولين السابقين وسفراء عدد من الدول المؤثرة في الملف الليبي.
وتتابع خوري باهتمام ملف الانتخابات، ولكنها ترى أن لا تقدم قد يتحقق دون توحيد المؤسسة العسكرية، وجمع الليبيين حول ثوابت وطنية واحدة بمعزل عن التدخلات الخارجية، وهو ما حاولت تمريره خلال لقاءاتها مع كبار المسؤولين في المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والدولة والقيادة العامة للجيش وحكومة الوحدة الوطنية.
وتنظر خوري باهتمام كبير إلى الملف الأمني الذي تطرقت له في اجتماعاتها في غرب وشرق البلاد ومع عدد كبير من الفرقاء السياسيين، وكان محور طاولة محادثات أشرفت عليها في العاصمة التونسية، وحضرها ممثلون عن القوى العسكرية في شرق ليبيا وغربها، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تعرضت للتغييب القسري خلال الأشهر الماضي.
وإذا كان الاجتماع قد خصص لموضوع مهم، وهو “بحث استصدار مدونة سلوك مشتركة بين المؤسسات والجهات العسكرية والأمنية في ليبيا” ، فإن خوري أكدت أن صوغ مدونة سلوك موحدة “يمكنه أن يساهم في تحسين الاستقرار والأمن وتعزيز حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان، والمساهمة في خلق بيئة مواتية للعملية السياسية”. وأضافت: “عندما تعمل المؤسسات الأمنية بطريقة غير منهجية، يصعب تحقيق الرخاء المستدام ورفاهية المواطنين”، قبل أن تقر بأن “طريق الإصلاح ليس سهلاً، ويتطلب الصبر والمثابرة والرؤية المشتركة”.
◄ ستيفاني خوري استمعت إلى انشغالات أمازيغ ليبيا بشأن التمثيل العادل والمشاركة الهادفة في العملية السياسية
وكانت خوري حددت في رسالة مصورة وجهتها لليبيين عبر حسابها في منصة ” إكس” طبيعة المهام التي بعهدتها، وفي مقدمتها مساندة الشعب الليبي في تحقيق تطلعاته إلى السلام والاستقرار والديمقراطية، حيث أكدت أن ليبيا، بنسيجها الثقافي الغني والمتنوع، لها مكانة خاصة، وتلك المكانة “ستكون حافزا لي للقيام بالمهمة التي ينتظرها الليبيون من الأمم المتحدة”.
وأضافت أنه حتى تعيين ممثل خاص للأمين العام “تبقى بعثة الأمم المتحدة ملتزمة بمساندة الليبيين على تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف وهدر الموارد، وذلك من خلال تيسير عملية سياسية شاملة يملكها ويقودها الليبيون أنفسهم، بمن فيهم النساء والشباب ومختلف المكونات”، متابعة: “كما أننا ملتزمون بالعمل على دعم إجراء انتخابات وطنية شاملة حرة ونزيهة، لإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية”.
وأكدت خوري، أن “البعثة سوف تواصل دعم عملية مصالحة وطنية شاملة مع كل الشركاء، والعمل مع الليبيين على التنفيذ الكامل والمستدام لاتفاق وقف إطلاق النار، ومعالجة انتشار الأسلحة، وتحسين وضع حقوق الإنسان وسيادة القانون”.
وقالت “لقد عـانى الشعب الليبي بما يكفي من غياب الاستقرار والتنمية، واليوم يواجه ظروفًا معيشية صعبة، وحان الوقت لوضع حد لهذه المعاناة”، داعيةً الليبيين إلى العمل معًا ومع البعثة “من أجل وحدة وسيادة واستقرار وازدهار ليبيا”.
والأحد الماضي، استمعت خوري، إلى انشغالات أمازيغ ليبيا بشأن التمثيل العادل والمشاركة الهادفة في العملية السياسية وفي دوائر صنع القرار، فضلا عن تلبية الاحتياجات التنموية الملحة للسكان، وقالت إن اجتماعها مع أعضاء المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، تطرق كذلك للوضع في معبر رأس اجدير الحدودي، حيث شدد الحاضرون “على ضرورة توخي حل سلمي للتوتر القائم”، وأنها جددت خلال الاجتماع “التأكيد على عزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على مساعدة الليبيين في إطلاق عملية شاملة لإنهاء الجمود السياسي وتحقيق سلام واستقرار مستدامين”.
كما عقدت خوري اجتماعا مع وزيرة الدولة لشؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها حورية طرمال تم خلاله مناقشة ضرورة إدماج المرأة في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في ليبيا ،وجددت التأكيد على التزام البعثة الأممية بمساندة المشاركة الهادفة للمرأة في عمليات بناء السلام وصنع القرار.
وبعد لقائها في بنغازي مع مجموعة من الناشطات في مجال حقوق المرأة، عبرن عن وجهات نظرهن بشأن ضرورة تلبية الاحتياجات السياسية والاقتصادية والتنموية للشعب الليبي، وتحقيق التمثيل الهادف للمرأة في العملية السياسية ومنتديات صنع القرار، شددت خوري على التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم بالعمل على إيصال أصوات النساء والشباب والمجتمع المدني لأخذها في الحسبان في عملية رسم مستقبل ليبيا.
وأكدت خلال المؤتمر الثاني الوطني للمرأة والانتخابات أن مشاركة المرأة في الانتخابات أحد المهام الرئيسية التي تنتظر البعثة وتتطلب العمل لتحقيق النجاح، وقال في كلمتها ” لست خبيرة في قوانين الانتخابات، لكن علمت من مفوضية الانتخابات عن التحديات التي تواجه النساء في العملية الانتخابية الليبية”، وأوضحت أن النساء يواجهن معوقات متعددة، تحول دون مشاركتهن الفاعلة في جميع فعاليات الحياة الاجتماعية والسياسية، ودون أن تلعب المرأة دورا حاسمًا في المجتمع الليبي، مشيرة إلى أن الإعلان الدستوري والكثير من الالتزامات الدولية التي وقعت عليها ليبيا، تؤكد على حقوق المرأة الليبية، ولكن لايزال هناك طريق طويل أمامها.
اقرأ أيضا:
وتابعت خوري أن التمثيل غير المتناسب للمرأة يمكن أن يقوض مصداقية الانتخابات، ويثير تساؤلات حول شمول الانتخابات، وأردفت “إذا شاركت المرأة بفعالية في الانتخابات، ستكون قادرة على المشاركة بفعالية أكبر في الحكومة ومجلس النواب والبلديات” مبرزة أن ” ليبيا لديها نسب ضئيلة من مشاركة الليبيات في الحياة السياسية، والمشاركة السياسية للمرأة ضرورية لإنجاح العملية السياسية لكل الأطياف والانتخابات في ليبيا بشكل عام”.
وتعتبر نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية والقائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، أن بدء عملية تسجيل الناخبين، تمهيدا لانتخاب المجالس البلدية في 60 بلدية في ليبيا، يمثل خطوة مهمة تشجع جميع الليبيين المؤهلين، وخاصة النساء والشباب، على التسجيل لممارسة حقهم في اختيار قيادات بلدياتهم المستقبلية.
وأكدت خوري، أن المشاركة في الانتخابات البلدية تعتبر أمراً بالغ الأهمية ليس فقط لتحسين الحياة اليومية للمواطنين، ولكن أيضا للتنمية الشاملة في ليبيا، ودعت كافة المؤسسات المعنية إلى تسهيل عملية تنظيم انتخابات المجالس البلدية لضمان نجاحها وسلامتها، وتابعت أن البعثة تشيد بدور الهيئات الانتخابية في تنظيم هذه العملية، معربة عن أملها في أن تسهم الانتخابات البلدية في تعزيز الديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب الليبي.
وينتظر أن تحوصل خوري مجمل ملاحظاتها في إحاطتها التي ستقدمها أمام مجلس الأمن يوم 19 يونيو الجاري.