جدل ليبي حول اجتماع مصراتة ومخرجاته

الاجتماع يأتي في إطار المزيد من التشاور والتوافق بين القوى الوطنية المختلفة لدعم الحوار الوطني ومشروع المصالحة.
الأحد 2024/06/09
الليبيون يريدون المصالحة الشاملة وإجراء الانتخابات

مصراتة (ليبيا) - حظي اجتماع مصراتة باهتمام كبير من قبل الأوساط السياسية الليبية نظرا إلى أهمية موعد ومكان انعقاده بحضور مجموعة من قيادات الحركات الوطنية والأحزاب السياسية ومجموعة من أعضاء مجلسي النواب والدولة واللجنة المكلفة بمتابعة اللقاءات الموسعة بين المجلسين.

وتمخض الاجتماع عن ثلاثة بنود بشأن مسار العملية السياسية، تتضمن إجراء الانتخابات على أساس القوانين المتفق عليها، والتحضير لملتقى موسع بين مجلسي النواب والدولة وإطلاق عملية سياسية تسيّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وقال المجتمعون، إن اجتماع مصراتة الذي انعقد الخميس يأتي في إطار المزيد من “التشاور والتوافق بين القوى الوطنية المختلفة لدعم الحوار الوطني ومشروع المصالحة الوطنية وصولا إلى انتخابات مقبولة تجدد الشرعية السياسية وتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الانتخابات والاستقرار والتنمية”.

واتفق المجتمعون عل عدد من المخرجات من بينها التأكيد على أن قوانين الانتخابات التي تم التوافق عليها قابلة للتنفيذ ويمكن إجراء الانتخابات العامة على أساسها، ودعم جهود اللجنة في الإعداد للملتقى الموسع بين مجلسي النواب والدولة خلال الفترة المقبلة، والذي يهدف في جوهره إلى التسريع في إطلاق وتنفيذ خارطة الطريق المتوافق عليها، والتأكيد على توسيع المشاركة في المشاورات على كل جغرافية الوطن، وحث المجلسين على إطلاق عملية سياسية تسيّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للبدء في توحيد المؤسسات الوطنية والسلطة التنفيذية لتهيئة الظروف الملائمة للانتخابات.

ولوحظ أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بادر بانتقاد اجتماع مصراتة، وقال في منشور عبر صفحته على فيسبوك “سمعت بأن لقاءات تشاورية جديدة ستعقد بين بعض أعضاء المجلسين. وكنت أنتظر توافقًا على قوانين انتخابات عادلة وقابلة للتنفيذ تحقيقًا لإرادة الشعب”.

وأضاف “كنت أنتظر موقفًا ضد اختطاف زملائهم الذين صار مصيرهم مجهولاً… دون أن تظهر أيّ نتائج للتحقيقات”، منتقدا أيضا عدم التطرق إلى “تزوير العملة وطباعتها بالمليارات خارج القانون” ، مردفا أن المجتمعين ناقشوا “كيفية التمديد لأنفسهم، وتعطيل إرادة الشعب في الانتخابات، من خلال اختراع مرحلة انتقالية جديدة”.

ويرى المراقبون أن الدبيبة حاول الغمز من قناة مجلس النواب بعد مرور ثلاثة أسابيع على اختطاف النائب إبراهيم الدرسي في 16 مايو الماضي دون الكشف عن مصيره، وترجيح أن يكون قد انتهى إلى نفس مصير زميلته سهام سرقيوة المختطفة مذ يوليو 2019.

وبحسب المراقبين، فإن الدبيبة منزعج من عقد الاجتماع في مدينة مصراتة التي يتحدر منها، لاسيما وأن المجتمعين نادوا بحل الحكومة وتشكيل حكومة جديدة للإشراف على تنظيم الانتخابات.

واستنكر اتحاد ثوار مدينة مصراتة الاجتماع الذي جمع بين أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة في المدينة، معلنا رفضه وبشدة قرارات الاجتماع، ومؤكدا أنه لا يمثل ثوار المدينة وأهلها.

وقال الاتحاد في بيان له، إن ثوار المدينة تابعوا عن كثب مجريات اللقاء وكان بالإمكان إفشاله وما من سبب يمنع إلا حرمة الضيف وحسن الجوار.

كما استنكر الاتحاد غياب مؤسسات الدولة بالمدينة وصمتهم على ما جرى كالمجلس البلدي ومديرية الأمن بالمدينة، وأشار إلى أن اتحاد ثوار 17 فبراير مصراتة لن يسمح بتكرار ما جرى وأيّ محاولة أخرى ستكون لهم ردة فعل لها على أرض الواقع.

واعتبرت أوساط ليبية اجتماع مصراتة امتدادا لاجتماع تونس أواخر فبراير الماضي، الذي توصل إلى محضر اجتماع يتضمن “تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي كما نصت المادتان (86 – 90) من القوانين الانتخابية”.

عبدالحميد الدبيبة منزعج من عقد الاجتماع في مدينة مصراتة التي يتحدر منها، لاسيما وأن المجتمعين نادوا بتشكيل حكومة جديدة

وشدد 120 عضوا من المجلسين خلاله على ضرورة “اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة تؤسس على خارطة الطريق المقدمة من قبل لجنة (6+6) بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية”، وأكد الأعضاء في الوقت نفسه ضرورة “وضع ضوابط وتشريعات ملزمة للحكومة القادمة بما يضمن محاربة المركزية ودعم الوحدات المحلية ووصول المخصصات مباشرة إلى البلديات والمحافظات”.

كما جدد أعضاء من مجلسي النواب والدولة “الالتزام بالقوانين الانتخابية رقم 27 – 28 لسنة 2023 المنجزة عبر لجنة (6+6) والصادرة عن مجلس النواب”. وحثوا “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للشروع في تنفيذ القوانين الانتخابية”، مطالبين المفوضية “بالإعلان عن موعد إجراء الانتخابات”، وأعلنوا تشكيل لجنة متابعة من أعضاء المجلسين تتولى التواصل المحلي والدولي بهدف تنفيذ المخرجات المتوافق عليها على أن تقدم اللجنة تقريرها الأول لأعضاء المجلسين خلال شهر، وتكليفها بالتحضير للاجتماع الموسع الثاني لأعضاء المجلسين”.

وأكد عضو مجلس النواب، عصام الجهاني أن “اجتماع مصراتة محاولة لتحريك المياه الراكدة، والاتفاق على نقاط جديدة، والبناء على الاتفاقات السابقة”، وأضاف أنه “لا يمكن لمجلسي النواب والدولة بلورة حلّ للأزمة وفرضه على الأمم المتحدة وبعثها”، معتبرا أن  “الأمر بيد الولايات المتحدة التي تملي إرادتها على المبعوث الأممي وأيّ اتفاق لتشكيل حكومة جديدة دون مباركة دولية سيولد ميتًا”.

وأوضح عضو المجلس الانتقالي السابق سليمان الفورتية أن إجراء الانتخابات بوجود حكومتين غير ممكن واجتماع مصراتة هدفه إخراج البلاد من وضعها الحالي.

 وأضاف في تصريحات صحفية أن اجتماع مصراتة بين أعضاء النواب والدولة وممثلين عن حراك عدد من المدن والأحزاب هدفه العمل على قاعدة مشتركة لإخراج البلاد من وضعها الحالي، لافتا إلى أن المشاركين في الاجتماع تبادلوا الكثير من المقترحات من مختلف مدن ومناطق ليبيا، واتفقوا على عقد اجتماعات أخرى في مدن مختلفة، معتبرا أن الوضع في ليبيا يحتاج إلى توحيد المؤسسات، وإجراء الانتخابات بوجود حكومتين غير ممكن، وهناك حاجة إلى حل يتفق عليه الجميع.

ورجحت مصادر ليبية أن يعقد المشاركون في اجتماع مصراتة اجتماعا جديدا خلال يوليو القادم لتحديد مستلزمات المرحلة في ظل اتساع دائرة الاهتمام الدولي بضرورة تجاوز حالة الانسداد السياسي في البلاد وتهيئة الظروف لتنظيم الانتخابات.

2