المغرب يخطو أشواطا مهمة في مجال مكافحة غسيل الأموال

المملكة المغربية تجدد التزامها بمواصل تعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، انسجاما مع تطور المعايير الدولية ذات الصلة.
الأحد 2024/05/26
مساع مغربية لمحاصرة الظاهرة

الرباط- خطا المغرب أشواطا مهمة في تعزيز جهود مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يؤكد التزام المملكة بمعايير الشفافية الدولية ويرسخ ثقة شركائها الدوليين بهذا المجال.

وكشفت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، خلال اجتماع مجموعة العمل المالي بالبحرين، أن المغرب استكمل ملاءمة منظومته الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية.

ويأتي ذلك تتويجا للتعبئة الشاملة والمتواصلة والانخراط الفعال لجميع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية بهذا التوجه الوطني الهام.

رشيد ساري: هناك مجموعة من التجار ينشئون شركات وهمية لغسيل الأموال
رشيد ساري: هناك مجموعة من التجار ينشئون شركات وهمية لغسيل الأموال

ونوهت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، بالتنسيق مع جميع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية بهذا البرنامج الوطني، الذي سهل تحقيق هذا الإنجاز الإيجابي كتمهيد واستعداد للجولة المقبلة من عملية التقييم المتبادل التي ستخضع لها المنظومة الوطنية من جديد، على غرار منظومات الدول الأعضاء في المجموعة.

وتمكّن المغرب من الخروج من القائمة الرمادية بقرار من مجموعة العمل المالي في الاتحاد الأوروبي، التي أكدت المملكة أنها نتيجة طبيعية للجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة لتحقيق الشفافية ومكافحة تبييض الأموال والفساد والمعاملات المالية غير المشروعة.

وكان المغرب قد شكل في 5 يناير 2022 لجنة وطنية لتفادي قائمة اللوائح السوداء لمجموعة العمل المالي وذلك وفق رغبة حقيقية لتسوية الملف ومواجهة ظاهرة تبييض الأموال ودعم الشفافية التزاما منه بالمعايير الدولية المعتمدة، لتتوج جهوده بإعلان أوروبي في فبراير 2023 عن شطب اسمه من القائمة الرمادية.

وأكد محمد عبدالنباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قبل أيام في ندوة الاتحاد الدولي للمحامين حول “مكافحة غسيل الأموال.. الرهانات والتحديات”، أن “المجلس أحدث، خلال الأشهر السابقة، بنية متخصصة في تتبع قضايا غسيل الأموال تابعة لقطب القضاء الجنائي، من أجل تحقيق تواصل أفضل مع العمل القضائي للمحاكم؛ من خلال تتبع نشاطها في قضايا غسيل الأموال، وتنفيذ برامج النجاعة القضائية ذات الصلة بهذا النوع من الجرائم”.

وأحالت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، تتعلق بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسيل الأموال أو بالجرائم الأصلية وكذلك بتمويل الإرهاب، بزيادة سنوية نسبتها 25.58 في المئة، فيما نبهت الهيئة إلى هيمنة الملفات المرتبطة بأفعال التزوير وتزييف الكشوفات البنكية ووسائل الأداء على 50 في المئة من القضايا المحالة على المحاكم الابتدائية المختصة، مع ظهور تصنيفات أخرى تتعلق بغسيل الأموال.

محمد عبدالنباوي: المجلس أحدث بنية متخصصة في تتبع قضايا غسيل الأموال
محمد عبدالنباوي: المجلس أحدث بنية متخصصة في تتبع قضايا غسيل الأموال

وحذر رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، من المخاطر التي يطرحها غسيل الأموال أمام التنمية الاقتصادية.

وشدد لـ”العرب” على “أهمية مواصلة محاصرة الظاهرة، خصوصا أننا خرجنا من اللائحة الرمادية لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بمعنى أن هناك تراكما، وهناك مسارا علينا أن نواصله”.

وأكد ساري أن “القطاع غير المهيكل، ويشمل مجموعة من المشاريع وتشوبها خروقات، كوسيلة للتهرب من الضرائب وأداء الواجبات الاجتماعية، كما أن مجموعة من التجار ينشئون شركات وهمية لغسيل الأموال، خصوصا تجار الممنوعات والتهريب، حتى تبقى ممارساتهم المُجرّمة في نطاق الظل”.

ومن أجل تحصين المكتسبات المحققة طيلة السنوات الأخيرة، تجدد المملكة المغربية التزامها القوي بمواصل تعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، انسجاما مع تطور المعايير الدولية ذات الصلة، حيث أكدت الحكومة المغربية أن هذا الالتزام أضحى ذا طابع إستراتيجي ومؤسساتي يروم حماية النظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية.

وأكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، في ندوة الاتحاد الدولي للمحامين حول “مكافحة غسيل الأموال .. الرهانات والتحديات”، قبل أيام، على التقدم الإيجابي الذي حققته المنظومة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في التعاطي مع هذا الصنف من الإجرام.

وتعمل المؤسسات القضائية المغربية على الرفع من النجاعة القضائية في مجال مقاومة التدفق غير القانوني للأموال بتوسيع دائرة الاختصاص المحلي للمتابعة والتحقيق والمحاكمة عن جرائم غسيل الأموال ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية وتداعياته على شفافية المؤسسات الرسمية ومصداقيتها لدى الهيئات المالية الدولية.

2