لقاء تبون - قادة الأحزاب.. أي خارطة ستفرزها المشاورات النادرة

يجتمع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الثلاثاء بعدد من قادة الأحزاب، وسط ترجيحات المراقبين أن يخيم ملف الانتخابات الرئاسية والوضع السياسي والحقوقي على اللقاء المرتقب، في ظل الغموض والشكوك التي تلف الاستحقاق، خصوصا مع تصاعد المطالب بضرورة تقدم السلطة بإجراءات تهدئة سياسية ورفع اليد عن نشاط الأحزاب والمنظمات.
الجزائر - يلتقي بقصر الرئاسة قادة وزعماء أحزاب سياسية مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، تلبية للدعوة التي وجهت لهم، بغية التشاور حول الأوضاع الداخلية والإقليمية، وهي الخطوة الأولى من نوعها التي يستقبل فيها تبون القادة الحزبيين بشكل جماعي بعد سلسلة من اللقاءات الفردية، ولازالت الدواعي والأجندة غامضة، ولو أن التوقعات تذهب إلى الاستحقاق الرئاسي والمطالب السياسية والحقوقية، بينما تراوحت ردود الفعل بين مرحب ومشكك.
ويحل قادة الأحزاب السياسية الجزائرية الممثلة في المجالس المحلية والوطنية، ضيوفا على الرئيس عبدالمجيد تبون، تلبية لدعوة وجهت لهم، بغرض بحث الاستحقاقات القادمة، والظروف الجيوسياسية المحيطة بالبلاد، وفرص تشكيل جبهة وطنية موحدة، بحسب ما جاء في تصريحات لقادة حزبيين.
وتغيب عن الموعد الأحزاب التي لا تمتلك منتخبين لأسباب مختلفة، كالفشل في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت العام 2020، أو مقاطعتها لها، وهو ما يطرح جدوى اللقاء في ظل عدم شمول الدعوة لمختلف الفاعلين السياسيين الناشطين، الأمر الذي أفرز مواقف متباينة بين هؤلاء. ففيما رحبت قوى الموالاة بالخطوة، شكك آخرون في نوايا السلطة، كما هو الشأن بالنسبة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.
من المرتقب أن يعمل الرئيس عبدالمجيد تبون، على إقناع الطبقة الحزبية في الجزائر بالانخراط في الاستحقاق الرئاسي
وتم تداول مشروع الجبهة الداخلية منذ العام 2020، تحت مسميات مختلفة ومن زوايا متعددة. ففي الوقت الذي بادرت السلطة سابقا، بما عرف بـ”مشروع لم الشمل”، بهدف استقطاب العناصر والمجموعات المعارضة خاصة في الخارج، طرحت كل من حركة البناء الوطني وجبهة القوى الاشتراكية خارطتين مشابهتين، فسميت الأولى بـ”تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل”، والثانية بـ”التلاحم لصد الخطر الخارجي”.
وإذ تباينت الخلفيات والآليات بين المبادرتين، فإنها صبت في هدف واحد يرمي إلى تشكيل جبهة داخلية لمواجهة التحديات القائمة، غير أن غياب أطراف فاعلة في المبادرات المطروحة خاصة فواعل الحراك الشعبي، جعل المبادرتين مجرد لواحق بالسلطة، في ظل عدم التركيز على حلحلة الانغلاق السياسي والإعلامي المنتهج في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ووصلت دعوات الرئاسة إلى قيادات الأحزاب الممثلة في المجالس المحلية والوطنية، من أجل الاجتماع مع رئيس الجمهورية اليوم الثلاثاء بقصر المرادية، لتكون بذلك المبادرة الأولى من نوعها حيث يتلقي الرجل الأول في الدولة مع زعماء الأحزاب بشكل جماعي، بعدما كان يكتفي في السنوات الأخيرة بلقاءات فردية تنتهي بتصريح مقتضب لا يحقق فضول الرأي العام في الاطلاع على محادثات الطرفين.
وتبقى العديد من الأحزاب غير معنية بالدعوة، كونها غير ممثلة في المجالس المذكورة لأسباب مختلفة، الأمر الذي يطرح مدى جدية مبادرة السلطة في الاستماع إلى أفكار وآراء جميع الأطياف، بما في ذلك التي لم يرخص لها من طرف وزارة الداخلية، أو التي لم تشارك أو قاطعت الاستحقاقات الانتخابية السابقة، أو لم تحقق نتائج ملموسة، كما هو الشأن بالنسبة للجبهة الوطنية الجزائرية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أو جيل جديد.
وينتظر أن يخيم ملف الانتخابات الرئاسية والوضع السياسي والحقوقي على لقاء الرئيس تبون مع قادة الأحزاب، بسبب الغموض والشكوك التي تلف الاستحقاق، خاصة وأن العديد من القادة طالبوا في عدة مناسبات بضرورة تقدم السلطة بإجراءات تهدئة سياسية ورفع اليد عن النشاط السياسي والحقوقي، والحفاظ على مكانة الحزب السياسي كمؤسسة فاعلة بعد أن توجهت إلى شراكة وصفت بـ”غير الطبيعية” مع المجتمع المدني.
ويرتقب أن يعمل الرئيس تبون، على إقناع الطبقة الحزبية بالانخراط في الاستحقاق الرئاسي، وتقديم حد أدنى من الضمانات حول شفافية وحياد المؤسسات الحكومية، فضلا عن إمكانية تقديم تنازلات مطمئنة فيما يتعلق بالانفتاح السياسي والإعلامي وإمكانية مراجعة ترسانة القوانين التي وصفت بـ”القمعية”.
عبدالمجيد تبون سيلتقي لأول مرة مع زعماء الأحزاب بشكل جماعي، بعدما كان يكتفي سابقا بلقاءات فردية
وشكك رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عثمان معزوز، في غرض ونوايا السلطة، من وراء الدعوة التي وجهتها رئاسة الجمهورية لقادة الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس دون غيرها، بالقول: “من الواضح أن حزبنا لم تتم دعوته، وغير بعيد أن يهدف الاجتماع في نهاية المطاف إلى إغلاق الانتخابات، أو الحصول على ضمانات من الجماعات السياسية”.
وأضاف في منشور له في صفحته الخاصة على فيسبوك: “تتداول معلومات حول دعوات وجهتها رئاسة الجمهورية لبعض المجموعات السياسية للمشاركة في اجتماع يبقى جدول أعماله سريا، وبعد الإعلان الصاخب عن انتخابات رئاسية مبكرة وإعلان المرشحين، فإن مثل هذه المبادرة تترك الطريق لعدة قراءات، هل هذا اجتماع لختم نهائي للانتخابات الرئاسية المقبلة؟. إن مثل هذا السيناريو ليس مستبعدا نظرا للمسار الاستبدادي الذي أعادت المراجعة الأخيرة لقانون العقوبات تأكيده بقوة”.
وتابع: “مصداقية هذا الاجتماع قد تم تقويضها إلى حد كبير، وتسعى السلطة إلى اعتماد نهجها من قبل الأحزاب والمنظمات، وفي هذه الحالة، فإن استبعاد الأحزاب السياسية التي تعتقد أن النقاش يجب أن يركز على الوسائل السياسية لإنهاء الأزمة يدين النهج القائم على الجمود”.
وكان بعض القادة السياسيين، بمن فيهم عبدالقادر بن قرينة ولويزة حنون، قد صرحا بأن “الاجتماع الذي لا تزال صيغته غير معروفة، ومن المرجّح أنه سيخصص للنقاش والتشاور حول القضايا الوطنية وضرورة تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التهديدات التي تستهدف الجزائر”.