"القبول بالواقع" يحسّن موقع ليبيا في المؤشر السنوي لحرية الصحافة

طرابلس - حلت ليبيا في الترتيب الـ143 عالميا والـ11 عربيا، في المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي لعام 2024، الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، والذي يشمل 180 دولة ومنطقة سنويا، وقال التقرير الصادر عن المنظمة إن ليبيا لم تسجل أيّ اعتقالات للصحافيين أو عمليات خطف أو قتل خلال العام الجاري.
وبحسب مراقبين، فإن القبول بالواقع من قبل الصحافيين، واختيار الصمت في مواجهة الدكتاتوريات الناشئة في البلاد، ساعدا على تحسين دور البلاد في المؤشر السنوي لحرية الصحافة، انطلاقا من عدم تسجيل ما يمكن أن توصف بالانتهاكات في حق الصحافيين، عكس ما حدث في حق ناشطين سياسيين وحقوقيين.
ويشير مراقبون محليون، إلى أن سلطات طرابلس وبنغازي اعتمدت خلال العام الماضي على سياسة السيطرة المطلقة على وسائل الإعلام وخاصة المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي لا تستطيع الاستمرار في عملها من دون الحصول على الدعم الحكومي والحماية الأمنية.
ويستخدم المؤشر السنوي لحرية الصحافة 5 مقاييس جديدة لتقييم حرية الصحافة وتشمل: السياق السياسي والإطار القانوني والسياق الاقتصادي والسياق الاجتماعي والثقافي والسلامة. ويتم تقييم هذه المؤشرات على أساس الإحصاء الكمي للانتهاكات ضد الصحافيين ووسائل الإعلام، وتحليل نوعي يعتمد على ردود المئات من الخبراء في حرية الصحافة الذين اختارتهم منظمة مراسلون بلا حدود (بما في ذلك الصحافيون والأكاديميون والمدافعون عن حقوق الإنسان) لأكثر من 100 سؤال.
◙ سلطات طرابلس وبنغازي اعتمدت خلال العام الماضي على سياسة السيطرة المطلقة على وسائل الإعلام وخاصة المحطات الإذاعية والتلفزيونية
ونشر المركز الليبي لحرية الصحافة تقريراً حول الاعتداءات التي طالت الصحافيين ووسائل الإعلام والتضييقيات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة ومجلس النواب، خلال السنوات العشر الماضية الممتدة بين 2014 و2024، وذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسه كأول منظمة غير حكومية ليبية تُركز على مراقبة أوضاع حرية الإعلام والتعبير في ليبيا.
ويقدم التقرير البحثي رؤية واسعة وشاملة عمّا عاناه ويعانيه الصحفيون وقطاع الإعلام الليبي خلال عقد كامل من الزمن، وكيف تتسلط الأطراف المتحكمة بالمشهد الليبي عليهم وارتكابها لأعمال العنف والترويع وإسكات الأصوات وسط تغلغل الجماعات المُسلحة في مفاصل الدولة وتزايد سطوتها، وذلك بالاعتماد على جمع الشهادات والمستندات السابقة التي أُجْرِيَت خلال السنوات الماضية، كإجراء المقابلات مع الضحايا والتوثيق معهم أو مع ذويهم، حيث سجل المركز الليبي لحرية الصحافة 488 انتهاكاً أغلبها انتهاكات كانت جسيمة وذات طبيعة عنيفة.
وتم تصنيف حوادث الانتهاكات إلى القتل العمد والتهديد والشروع في القتل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والاعتداء بالضرب والاحتجاز المؤقت والطرد التعسفي والمنع من العمل والهجمات والتحريض على وسائل الإعلام والملاحقات القضائية ، فيما كانت أبرز المدن الليبية التي يتعرض فيها الصحافيون للاعتداءات: طرابلس وما جاورها بمعدل 299 وبنغازي وما جاورها بنسبة 125 وتبقى السنوات الممتدة بين 2014 و2017 هي الأعلى لمعدلات العنف التي لاحقت الصحافيين ووسائل الإعلام.
وبيّنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن السياق السياسي والأمني في الوقت الراهن لا يفضي إلى تمكين الصحافيين من العمل بالقدر الكافي من الحرية في ليبيا، ودعت إلى خلق بيئة ملائمة تضمن سلامة الصحافيين واستقلالهم، معتبرة ذلك أمرا بالغ الأهمية ليتمكنوا من القيام بدورهم كرقيب على المجتمع وعامل للتغيير الإيجابي.
وطالبت البعثة الصحافيين بالالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية العالية والانخراط بشكل إيجابي في مكافحة التقارير المتحيزة والأخبار المزيفة والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية، مستذكرة الصحافيين الذين قضوا خلال فترات الحروب في ليبيا، مشيرة إلى أن الصحافة الحرة والمهنية واحدة من العوامل الهامة لانتقال ليبيا نحو السلام والاستقرار والمؤسسات الشرعية.
وأكدت البعثة أن ليبيا، البلد الذي يتمتع بجمال طبيعي رائع وتنوع بيولوجي غني، تواجه تحديات بيئية كبيرة، وأن التصحر وزيادة ندرة المياه وتدهور النظام البيئي ليست سوى بعض من الجوانب الملحة التي تتطلب اهتمام وسائل الإعلام، معتبرة أن الآثار المدمرة التي خلفها إعصار دانيال في سبتمبر الماضي بمثابة تذكير بالحاجة إلى تسليط الضوء على هذه القضايا، وشرح عواقبها بعيدة المدى على المجتمعات ومستقبل البلاد، ومحاسبة المسؤولين عنها.
◙ النقابة الوطنية للصحافيين الليبيين أكدت التزامها بدعم الصحافيين وحماية حريتهم في إيصال المعلومة، مع مراعاة طبيعة وخصوصية المجتمع الليبي
من جانبها ، أكدت النقابة الوطنية للصحافيين الليبيين، التزامها بدعم الصحافيين وحماية حريتهم في إيصال المعلومة، مع مراعاة طبيعة وخصوصية المجتمع الليبي والحفاظ على أمنه واستقراره والارتقاء به إلى مستوى أفضل، وقالت في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إن وسائل الإعلام تلعب دورا مهما وضروريا في المجتمع، مشددة على ضرورة وجود بيئة آمنة ومواتية تسمح للصحافيين بأداء عملهم دون خوف، لافتة إلى أن الصحافة الحرة تمكن المواطنين من اتخاذ قرارات مستنيرة وتعزز الشفافية والمساءلة.
وتابعت النقابة أن الصحافة الاستقصائية تمثل أهمية بالغة في كشف الحقائق ومحاربة الفساد، وتسليط الضوء على القضايا المهمة، مشيرة إلى الجهود المبذولة للمحافظة على استقلالية الصحافة وحمايتها كمهنة، داعية في الوقت ذاته إلى ضرورة العمل الجاد لمكافحة المعلومات المغلوطة، وتعزيز سبل الوصول إلى معلومات موثوقة ومسؤولة.
وأكدت النقابة الوطنية للصحافيين الليبيين على أن إسهامات الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام تساهم في تنوير المجتمع ونقل الأحداث بموضوعية وعلى رأسها السيول التي اجتاحت مدينة درنة ومناطق ومدن الجبل الأخضر، لافتة إلى الصعاب والمخاطر التي تواجه الصحافيين في سعيهم لتقديم الخبر، وعزيمتهم على تعزيز حرية الصحافة والدفاع عن حق المجتمع في الوصول إلى المعلومة.
فيما جددت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، تأكيدها على أن حرية الصحافة والإعلام أساسية لتحقيق السلام والعدالة والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان والمواطنة والحريات العامة، وطالبت جميع السلطات الأمنية والعسكرية بعموم البلاد بضرورة الالتزام بالقوانين والأعراف والمواثيق والإعلانات الدولية الضامنة لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام، داعية إلى وقف جميع أشكال الممارسات والانتهاكات التي تمسّ بشكل مباشر بحرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام وحق التظاهر السلمي، وكذلك وقف ممارسة سياسة تكميم الأفواه أو تقييد العمل الصحفي والإعلامي في ليبيا.