تحفيزات للمستثمرين المغاربة للانخراط في تصنيع السيارات

وجّه المغرب أنظاره نحو تشجيع المستثمرين المحليين للانخراط أكثر في قطاع تصنيع السيارات باعتباره أحد أهم المجالات ذات القيمة المضافة التي تساعد في زيادة العوائد من التصدير، وفي الوقت ذاته تعزيز سوق العمل وتعظيم رؤوس أموال القطاع الخاص.
الدار البيضاء - حث وزير الصناعة المغربي رياض مزور المستثمرين المحليين للدخول في نشاط قطاع السيارات، والعمل على توسيع نطاق أعمالهم واستهداف الأسواق الدولية، لإعطاء إشعاع أكبر لعلامة “صنع في المغرب”.
ويأتي حرص الحكومة على تنمية هذا القطاع عبر تشجيع المستثمرين للانخراط فيه بقوة لكون صناعة السيارات تعتبر ثاني أكبر المجالات المصدرة في البلاد.
وشدد مزور في ندوة حول “دور سوق البورصة في مواكبة قطاع السيارات المغربي”، الذي احتضنته مدينة الدار البيضاء الأسبوع الماضي على أهمية تعزيز جاذبية الصناعة المحلية من بوابة قطاع السيارات الذي يعرف تطورا وقفزة نوعية.
وقال أمام المشاركين في الندوة “لقد أصبح المغرب من بين أهم الدول المصنعة للسيارات في العالم، وهو يعمل على الحفاظ على سيادة هذا القطاع، عبر تطوير علامات مغربية والتي ستحتاج تمويلا وطنيا”، لافتا إلى أنه أول قطاع مصدر في البلاد.
وتشجع الحكومة على الاستثمار في القطاع عبر إعفاء الشركات من أداء بعض الضرائب خلال السنوات الخمس الأولى وتدعيم البنية التحتية.
وفي غضون سنوات قليلة، أصبح المغرب أحد أبرز الدول المصنعة للسيارات بإنتاج 700 ألف مركبة سنويا، وسط تحوله إلى عاصمة عربية للقطاع، وجذبه استثمارات بالمليارات من الدولارات.
ونجح البلد في التأسيس لهذه الصناعة، ما جعله ينتج أول مركبة محلية الصنع خلال 2023، فضلا عن إعلان النموذج الأولي لمركبة تعمل بالهيدروجين.
وتأتي هذه الطفرة وسط استمرار جذب شركات دولية للاستثمار بالقطاع، آخرها شركتان أوروبيتان افتتحتا مصنعا لأجزاء السيارات في منطقة طنجة الحرة في فبراير الماضي.
وأكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن القطاع قطع أشواطا كبيرة، حيث انتقل إلى مرحلة إدماج من 20 في المئة إلى 65 في المئة اليوم ومن المتوقع أن يصل إلى 80 في المئة في المرحلة المقبلة.
وشدد ساري في تصريح لـ”العرب” على ضرورة تنمية القطاع وتمويل الشركات العاملة المحلية مع إدراجها في البورصة .
ويطمح البلد إلى مضاعفة قدرته الإنتاجية السنوية إلى مليوني سيارة بحلول 2030 ويمثل هذا النهج خطوة هامة في الانتقال إلى عهد جديد من السيادة الصناعية، تحت قيادة الملك محمد السادس مما يدل على الالتزام بالجودة والابتكار وتعزيز علامة “صنع في المغرب”.
وتوفر البورصة بوصفها أداة مالية ناجزة حلولا تمويلية متكاملة لقطاع السيارات، فضلا عن الإدراج في سوق المال مما يسهل اكتتاب رؤوس الأموال ويضمن الشفافية اللازمة لتمويل مثل هذه الاستثمارات.
وأشار رئيس مجلس إدارة البورصة كمال مقداد في الندوة إلى أن القطاع يمثل حاليا واحدا في المئة من قيمة السوق المغربية، مع وجود طموحات لزيادة هذه المساهمة بضعفين أو ثلاثة أضعاف على المدى القصير.
◙ 19.4 مليار دولار قيمة الصادرات خلال العام المقبل، وفق تقديرات البنك المركزي المغربي
وكشفت معطيات فيدرالية السيارات التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب أن القطاع يعد محركا للتنمية الاقتصادية بدعم من الأسواق المالية وإمكانياتها المختلفة حيث سجل رقم معاملات سنوي يفوق 22 مليار دولار.
واعتبر المدير العام للبورصة طارق الصنهاجي أن التعاون المنشود بين البورصة وقطاع السيارات من شأنه أن يعود بالنفع على كلا الطرفين، مما يعزز مكانة الدار البيضاء كقطب مالي على الساحة العالمية.
واستمرت العائدات المالية لتصدير السيارات المصنعة في المغرب في منحى تصاعدي، حيث يرتقب أن تعرف ارتفاعا بنسبة 40 في المئة.
وتؤكد بيانات مكتب الصرف أن صادرات القطاع ارتفعت بنحو 12 في المئة خلال فبراير الماضي، بمقارنة سنوية، حيث بلغت 24 مليار درهم (2.3 مليار دولار).
كما أظهرت توقعات البنك المركزي أن الصادرات سترتفع بنسبة 5.8 في المئة هذا العام، مما يعكس بالأساس مواصلة الأداء الجيد لقطاع السيارات الذي سيشهد ارتفاع مبيعاته إلى 15 مليار دولار.
وتميزت السنة الماضية بتطورات مهمة دفعت القطاع إلى آفاق جديدة من حيث تحقيق نتائج إيجابية ، حيث تجاوزت أرقام إيراداته 12 مليار دولار. وتوقع المركزي أن ترتفع الصادرات خلال السنتين المقبلتين لتبلغ 19.4 مليار دولار في 2025.
ويعكس الأداء الإيجابي للقطاع الجهود الحثيثة لمختلف الفاعلين، بهدف تعزيز تنافسية صناعة السيارات وجاذبيتها، لاسيما من خلال الاستثمار في البنية التحتية وتكوين اليد العاملة المؤهلة مما سيشجع على تأسيس الشركات وتوفير فرص عمل وازدهار الصادرات.
ويمثل القطاع 86 في المئة من مجموع الصادرات المغربية، وهي مواد مصنَّعة، تدرّ 35.9 مليار دولار سنويا، وتوفر نحو 238 ألف فرصة عمل في 260 مصنعا، والأشغال تجري حاليا لبناء 60 مصنعا جديدا في عدد من المناطق.
وبخصوص حماية المصنعين المغاربة، أكد مزور أن بلاده تحمي المصنّعين من المنافسة غير الشريفة عن طريق عدد من الإجراءات، كالمراقبة، وفرض معايير محددة.
وتم عرض نموذج سيارة أول مصنع مغربي والنموذج الأولي لسيارة الهيدروجين التي طوّرها مغربي، وهما مشروعان مبتكران من شأنهما ترسيخ تشجيع علامة “صنع في المغرب” وتأكيد مكانة البلد كمنصة تنافسية لصناعة السيارات.
ويبرز تقديم سيارة نيو موتورز، وهي شركة مغربية، وكذا النموذج الأولي لسيارة الهيدروجين لشركة نام إكس، الرغبة في تشجيع وتعزيز المبادرات الريادية المحلية والقدرات الإبداعية، خاصة لدى الشباب في المغرب، والتي تجسدها هذه المشاريع.
وقامت نيو موتورز بإنشاء وحدة صناعية بعين عودة قرب العاصمة الرباط، لتصنيع سيارات موجهة للسوق المحلية وللتصدير. ويتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية 27 ألف وحدة، بنسبة إدماج محلي تصل إلى 65 في المئة.
وبالنسبة إلى نموذج نام إكس فقد تم ابتكار المركبة بالشراكة مع المكتب الإيطالي للتصميم والمتخصص في هياكل السيارات بينينفارينا، وقد تم تصنيعها من طرف كفاءات مغربية.
وتتماشى المبادرتان الصناعيتان مع توجيهات العاهل المغربي الهادفة إلى توجيه القطاع الخاص نحو الاستثمار الإنتاجي، لاسيما في المجالات المتطورة والمستقبلية، وتحفيز ظهور جيل جديد من الشركات المحلية في السوق المحلية.