إسبانيا تبدد القلق من مناورات المغرب على الساحل الأطلسي

مدريد - أكدت وزارة الخارجية الإسبانية أن المناورات التي يقوم بها المغرب على الساحل الأطلسي تجري في “مناطق محصورة بشكل جيد” و”بعيدة عن المياه الإسبانية”، وسط تأكيد على أهمية الحفاظ على المرحلة الحالية من العلاقات الجيدة مع المغرب بالنسبة لإسبانيا وجزر الكناري.
وأكدت وسائل إعلام إسبانية عن مصادر من وزارة الخارجية، أن خوسيه مانويل ألباريس اتفق مع رئيس جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، على عقد اجتماع وجهاً لوجه “في المستقبل القريب” لمعالجة هذه القضية.
ودعا حزب تحالف الكناري، الحكومة الإسبانية إلى إبلاغها بالمعطيات اللازمة بخصوص المناورات العسكرية التي تجريها القوات المسلحة الملكية بالسواحل الأطلسية للأقاليم الصحراوية المغربية، حيث أعلن دافيد توليدو، الأمين العام للتحالف الذي يرأس حكومة إقليمية يمينية إلى جانب الحزب الشعبي، أن الحزب يأسف بأن حكومة بيدرو سانشيز “لم تخاطب السلطة التنفيذية في جزر الكناري لإبلاغها أي نوع من المعلومات الرسمية حول الأنشطة المخطط لها منذ الأسبوع الماضي، في المياه القريبة من الجزر”.
وبدأت القوات المسلحة الملكية مناورات عسكرية بحرية في السواحل الأطلسية بين الصحراء المغربية وجزر الكناري، منذ الجمعة الماضي وستستمر لمدة ثلاثة أشهر، بغرض تعزيز القدرات العسكرية للبحرية المغربية في مواجهة كافة التهديدات والتحديات.
ووجهت مندوبية الصيد البحري بسيدي إفني، الأسبوع الماضي، إعلانا للصيادين، خاصة الذين يشتغلون في مجال الصيد الساحلي والتقليدي، مفاده أن المنطقة المتواجدة في عرض ساحل مدينة سيدي إفني “ستعرف نشاطا عسكريا معلنا عنه من طرف البحرية الملكية خلال الفترة من 29 مارس إلى غاية 28 يونيو من السنة الجارية”، مشددة على “ضرورة الابتعاد عن هذه المنطقة في تلك الفترة، مع ضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة”.
وأبلغت الحكومة الإقليمية لجزر الكناري، وزارة الخارجية الإسبانية بـ”قلقها” تجاه المناورات العسكرية المغربية، وفق ما أعلنه نائب وزير رئاسة حكومة الكناري، ألفونسو كابيلو، في ندوة صحفية، والذي أورد أن المغرب يقوم بهذا التحرك “من جانب واحد”، وأضاف أن رئيس الحكومة الإقليمية طلب من بيدرو سانشيز معلومات بخصوص اللقاءات التي تعقدها حكومته مع نظيرتها المغربية.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي وخبير في العلاقات الدولية، أن “الحكومة الإسبانية ماضية في بناء العلاقات مع المملكة بمنهج واقعي ما دفعها إلى تبديد القلق الذي عبرت عنه حكومة جزر الكناري بشأن المناوارات البحرية المغربية”، موضحا أن “القيادة بجزر الكناري لا تترك فرصة متعلقة بالتحركات المغربية في فضاء التماس الجغرافي بينها وبين الرباط إلا وأثارت زوبعة بهدف الضغط على الحكومة المركزية في إسبانيا من أجل تحقيق مكتسبات سياسية ولدواعي انتخابية أيضا”.
وأكد لـ”العرب”، أن “حكومة جزر الكناري تضغط على رئاسة الحكومة المركزية بمدريد من أجل إشراكها في ملف ترسيم الحدود وملفات أخرى، لكن هذا الضغط لا يؤثر على مكان وتوقيت المناورات المغربية المرتبطة بالتدبير السيادي المغربي وفق القانون الدولي”.
وذكَّر بلاغ للحزب الإقليمي سانشيز بضرورة حضور ممثلين عن الحكومة المحلية بشكل دائم في المفاوضات القائمة بين إسبانيا والمغرب، في القضايا التي تهم المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تشمل ترسيم الحدود البحرية ومراقبة حركة الهجرة واستغلال الموارد الطبيعية، مضيفا أن هذا الأمر يشمل مشاركة الحكومة المحلية في مناقشة الإجراءات التي تتعلق بالأنشطة المزمع القيام بها في المياه القريبة من حدودها.
حكومة جزر الكناري تضغط على رئاسة الحكومة المركزية بمدريد من أجل إشراكها في ملف ترسيم الحدود وملفات أخرى
ويعتبر ملف ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا ضمن الملفات ذات البعد الإستراتيجي للبلدين والذي تعزز بشكل أكبر منذ الإعلان المشترك بين البلدين في أبريل 2022 الذي أسس لعلاقات جديدة بعدما اتفقا على حل مختلف القضايا العالقة بينهما على أساس المفاوضات وعدم المساس بالحقوق السيادية، وفي هذا الصدد أكد وزير خارجية إسبانيا، على استعداده الدائم للتعامل مع أي مسألة تتعلق بجزر الكناري.
وأشار الخبير الأمني والعسكري الإسباني في مركز أبحاث الدفاع غابرييل كورتينا، أن المغرب “بإمكانه القيام بالمناورات العسكرية التي يراها مناسبة” في المياه التي تتمتع بسيادته وليس مضطرا لطلب إذن من أجل القيام بالمناورات العسكرية البحرية في مياهه الإقليمية”، ما يتنافى مع تصريحات حزب الشعب اليميني في مجلس الشيوخ الإسباني.
وبحسب الخبير الإسباني، الذي كان تحدث صحيفة “ABC” الإسبانية، فإن هذا الوضع مرتبط بتغيير إسبانيا موقفها بشأن ملف الصحراء المغربية واعتراف المستعمر القديم بسيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية، وهو ما يعني تمكن المغرب من القيام بالمناورات التي يريدها في تلك المياه بأريحية تامة.
وتسير العلاقات بين المغرب وإسبانيا على وتيرة مستقرة، بعد اتفاق البلدين على خارطة طريق جديدة في العلاقات الثنائية، وقد اتفقا على التنسيق المشترك في القضايا التي تهم البلدين، وعدم اتخاذ أي خطوات قد تضر بمصالح الطرفين أو تسيء لأحدهما.
ويلعب المغرب أدوارا كبيرة فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية، حيث كثفت البحرية الملكية عملياتها في صد محاولات الهجرة خاصة على مستوى جزر الكناري مع نهاية 2023، وعرف شهر ديسمبر الماضي طلعات بحرية تزامنا مع قرب افتتاح الخط البحري بين جزر الكناري ولاس بالماس.
اقرأ أيضا:
• شراكة خاصة بين الناتو والمغرب لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي