أميركا بعد فرنسا: الساحل يقطع مع الغرب غير المبالي

النيجر تدعم النفوذ الروسي بإلغاء الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة.
الاثنين 2024/03/18
النفوذ الغربي في أفريقيا في أحلك أوقاته

نيامي – ألغت النيجر مساء السبت اتفاقية تعاون عسكري مع الولايات المتحدة بعد مرور أشهر على سحب فرنسا قواتها من البلاد، في خطوة تعكس قطع نيامي ومنطقة الساحل عموما مع الغرب غير المبالي بمشاكله وتهديداته، وتفتح الأبواب أمام النفوذ الروسي.

ويبدو القرار تمهيدا لدعوة نيامي الولايات المتحدة إلى سحب قواتها المتمركزة في قاعدة عسكرية شمال البلاد على غرار ما حصل مع فرنسا وهو ما يتعارض مع توقعات واشنطن التي كانت قد أكدت أن قرار باريس بشأن سحب قواتها من النيجر لا يغير وضعها هناك، في إشارة إلى استمرار التعاون بين نيامي وواشنطن رغم الانقلاب العسكري.

وتلعب النيجر دورا مركزيا في العمليات العسكرية الأميركية بمنطقة الساحل، لذلك حاولت واشنطن التعامل بهدوء مع الانقلاب العسكري الذي أنهى حكم الرئيس محمد بازوم حليف الغرب ولم تصف استيلاء العسكريين على السلطة بالانقلاب إلا بعد مرور نحو شهرين.

ورغم ذلك حرصت الولايات المتحدة على إرسال رسائل إيجابية إلى المجلس العسكري الحاكم في النيجر، حيث قالت إنها مستعدة لاستئناف المعونات الاقتصادية إذا قدّم قادة الانقلاب جدولا زمنيا مقبولا لفترتهم في الحكم.

قرار إلغاء الاتفاق العسكري مع واشنطن، يحظى بدعم شعبي في ظل اتساع دائرة الرفض الاجتماعي للنفوذ الغربي

وللولايات المتحدة قاعدة جوية كبيرة في منطقة أغاديس شمال النيجر تقول إنها أنفقت على إنشائها 100 مليون دولار، وتضم أكثر من ألف جندي أميركي.

ويرى محللون إقليميون أن قرار نيامي إلغاء الاتفاق العسكري مع واشنطن يحظى بدعم شعبي داخلي في ظل اتساع دائرة الرفض الاجتماعي للنفوذ الغربي، الذي لم ينجح في احتواء التهديدات الإرهابية التي تعاني منها البلاد ومنطقة الساحل.

وأعلن المتحدث باسم المجلس الوطني الكولونيل أمادو عبدالرحمن مساء السبت عن إلغاء اتفاقية تعاون عسكري مع الولايات المتحدة، على أن “يتم تنفيذ قرار الإلغاء على الفور”.

وقال عبدالرحمن إن الوجود العسكري الأميركي “غير قانوني” و”ينتهك كل القواعد الدستورية والديمقراطية”، وأشار إلى أن الاتفاق مجحف، وقد فرضته الولايات المتحدة  بصورة أحادية عبر مذكرة شفوية بسيطة في 6 يوليو 2012.

ويعود الوجود الأميركي في النيجر إلى عام 2002، عندما كانت إدارة بوش الابن تتزعم الحرب العالمية على الإرهاب، وبلغ ذروته عام 2011 بعد تدخل الناتو في ليبيا، الجارة الشمالية للنيجر.

وجاء القرار بعد يوم من زيارة وفد أميركي رفيع المستوى إلى النيجر. وحاول الوفد خلال تواجده في النيجر لقاء رئيس المجلس العسكري عبدالرحمن تياني، ولكن دون جدوى.

وقال عبدالرحمن إن المجلس قرر إلغاء الاتفاقية -فيما يتعلق بوضع العاملين في وزارة الدفاع الأميركية والموظفين المدنيين- بعدما تم رصد “سلوك متعال وتهديدات بالانتقام” من الوفد برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في.

pp

وبحسب مراقبين خسرت الولايات المتحدة موطئ قدم مهم لها في منطقة الساحل والصحراء حيث كانت النيجر تمثل منطلقا حيويا للولايات المتحدة في غرب ووسط أفريقيا، لكن القرار الأخير يعتبر ضربة موجعة لواشنطن وانتصارا ساحقا للنفوذ الروسي في المنطقة.

وجاء القرار بعد حوالي أسبوع من إعلان تحالف الساحل المتكون من مالي والنيجر وبوركينا فاسو تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربة التنظيمات الإرهابية، والتي من المرجح أن تشرف موسكو على تسليحها وتدريبها، خاصة بعد إعلان روسيا عن تشكيل الفيلق الأفريقي خلال 2024.

وكان رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين قد أكد في ديسمبر الماضي أن زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى النيجر جاءت في إطار إحياء التعاون بين البلدين، لافتا إلى أن النيجر تسعى لتعزيز التعاون العسكري مع روسيا لمواجهة التهديد الإرهابي، بالإضافة إلى مجالات أخرى.

 وأضاف خلال زيارته إلى موسكو أن “هذه الزيارة تأتي في وقت إحياء وتعزيز التعاون، وفيما يتعلق بالتعاون العسكري على وجه التحديد، فإن بلادنا، التي تواجه كما تعلمون تحدي الإرهاب منذ حوالي عشر سنوات، تحاول أيضًا تنويع التعاون والحصول على القليل من الدعم من جميع الدول الصديقة”.

وأشار إلى أن “النيجر وروسيا تحاولان المضي قدمًا للتعاون في جميع قطاعات الاقتصاد والأمن”، موضحا “نسعى لتعزيز التعاون في مجال تدريب الطلاب، وهو تعاون قائم بالفعل، علاوة على التعاون في القطاع الزراعي الذي يهمنا. نعلم جيدًا المستوى الذي وصلت إليه روسيا اليوم في مجال الإنتاج الزراعي. مساحة بلادنا شاسعة ونعتزم تعزيز التعاون في هذا المجال”.

pp

1