حفتر يشغل الرأي العام الليبي برسائل تحذيرية خلال مناورات عسكرية للجيش

شدت كلمة للمشير خليفة حفتر خلال مناورات عسكرية للجيش الليبي أنظار الرأي العام، لما تضمنته من تحذيرات وتهديدات لمن قال إنهم المعرقلون للتسوية، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الرسائل التي وجهها هي تمهيد لتحرك جديد من قبله في ظل حالة الاستعصاء التي تشهدها البلاد.
سرت (ليبيا) - وجه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر جملة من الرسائل للطبقة السياسية، محذرا من أن مجال منح الفرص أصبح ضيقا، وأن على “المعرقلين” مراجعة حسابتهم قبل أن تداهمهم الأحداث، دون أن يحدد القصد من ذلك.
جاء ذلك في كلمة ألقاها حفتر بمناسبة مناورات “درع الكرامة” 2024 التي جرى تنظيمها بالذخيرة الحية في جنوب سرت، وحضرها رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد، وعدد من القادة العسكريين والأمنيين.
وقال حفتر إن “سلامة ليبيا مرهونة بتحقيق انفراج عاجل في المسار السياسي الذي يتعمد بعض الأطراف المنخرطة فيه اختلاق العراقيل والحجج الواهية ليظل مسدودا وأن يستمر الوضع على ما هو عليه حفاظا على مكاسبهم الخاصة دون مبالاة لمصلحة الوطن أو مراعاة لمعاناة الوطن أو المواطن”.
واعتبر أن “هذا المسار قد أُعطِي من الفرص أكثر مما ينبغي دون أن تظهر في الأفق أيّ ملامح تبشر بحلول توافقية تنتهي بتسوية سلمية عادلة وتدفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي الذي يتطلع إليه الليبيون”، محذرا من وصفهم بالمعرقلين ومن تبع خطاهم من المفسدين “بأنهم لن يفلحوا وأن مجال منح الفرص قد أصبح ضيقا وأن الصبر صار على حافة النفاد وأن عليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم قبل أن تفاجئهم الأحداث بما لا يشتهون أو يتوقعون”.
رسائل المشير حفتر كانت موجهة أساسا إلى الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وإلى معسكر أمراء الحرب
وشدد حفتر في كلمته على أن “ليبيا عاشت حرة أبية صامدة في وجه كل المؤامرات التي تستهدف وحدة ترابها وتماسك مجتمعها، تشق طريقها نحو مستقبل مزدهر وسيسقط كل من خان العهد والأمانة وعبث بمقدرات الشعب وسخر من قدرته على التغيير وسيدفع الثمن باهظا عاجلا وليس آجلا، وسيحيا الليبيون أسيادا فوق أرضهم يقررون مصيرهم بإرادتهم لا بإرادة سواهم ولن ينالهم عدوّ بسوء وفي ضباطنا وجنودنا عرق ينبض”.
وشغلت تصريحات حفتر الرأي العام الليبي، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الرسائل تمهيدا لتحرك جديد من قبله في ظل حالة الاستعصاء السياسي التي تشهدها البلاد.
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية خانقة جراء عدم الاتفاق على أسس لإجراء انتخابات عامة تنهي المرحلة الانتقالية الراهنة وسط تذمر القوى الدولية.
وفي رسالة إلى المجتمع الدولي، جدد حفتر التأكيد على أن “السلاح في ليبيا يظل بعيد المنال ما لم تغادر جميع القوات الأجنبية وذيولها من المرتزقة أراضينا دون مماطلة أو شروط”، وفق تعبيره.
وقال “إذا كان العالم حريصا على السلام في ليبيا فإن من واجباته في صون الأمن والسلم العالميين أن يضع هذه المطالب المشروعة في مقدمة أولوياته والعمل على فرضها بكل الوسائل قبل أن تتطور الأحداث والتداعيات إلى ما قد يزعزع الثقة بالمنطقة بأسرها، لأننا أبدا لن نقبل المساومة على سيادة الليبيين فوق أرضهم ولن نسمح بأن يدنس تراب ليبيا مستعمر طامع في خيراتها تلك هي مبادئنا التي دونها الموت”.
وبحسب أوساط ليبية، فإن رسائل الجنرال حفتر كانت موجهة أساسا إلى الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وإلى معسكر أمراء الحرب المتشددين الدائرين في فلك الإسلام السياسي أو المرتبطين بشبكات الفساد، وكذلك من تيار رئيس دار الإفتاء في طرابلس الصادق الغرياني، بالإضافة إلى بعض الأطراف الدولية والإقليمية التي تحاول عرقلة الحل السياسي طالما أنه لا يخدم مصالحها.
تحذيرات حفتر تحمل أكثر من دلالة خاصة وأنها جرت خلال مناورات عسكرية
وتحمل تحذيرات حفتر أكثر من دلالة خاصة وأنها جرت خلال مناورات عسكرية، لكن من الصعب الجزم ما إذا كان لدى المشير خطط للقطع مع الوضع الراهن في ظل إكراهات تحول دون ذلك.
ونفذ الجيش الليبي المشروع التعبوي (درع الكرامة 2024) الخميس، وقالت القيادة العامة للجيش إن المناورة العسكرية تأتي ضمن خطة لرفع كفاءة الجنود والضباط، وتعزيز قدراتهم القتالية، وتأكيد جاهزيتهم للتصدي لأيّ تحديات قد تواجه البلاد، وهي ليست المرة الأولى التي يقيم فيها الجيش الليبي مناورة عسكرية بالذخائر الحية للرفع من الكفاءات القتالية لوحداتها.
ويقصد بالمشروع التعبوي تنسيق أعمال التشكيلات التعبوية، في العملية والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، والعاملة في الاتجاهات الإستراتيجية المشتركة. ويعد في السّلْم تدريبات عسكرية تنفذها وحدات القوات المسلحة بين أفرعها المختلفة؛ لتطوير أدائها وتعزيز مهاراتها الميدانية.
وحذر حفتر كل من “توسوس له نفسه بأن يمس ليبيا بسوء فإن لم يطله بأسنا اليوم فإن غدا لناظره قريب”، واستطرد “نؤكد لكل الليبيين حقيقة ليست غائبة عنه ولا يستطيع مفتٍ أن يشوهها مهما بلغت درجة الإبداع في التضليل وتزوير الحقائق بأن الجيش الوطني هو جيش الشعب الليبي بكامله لا يفرّق بين مدينة وأخرى أو قبيلة وأخرى”.
وأضاف هو “جيش واحد يحمل على عاتقه مسؤولية حماية كل الليبيين دون استثناء أو تمييز وليس في مفردات قاموسه شرق وغرب وشمال وجنوب بل ليبيا الواحدة المتماسكة وسيبقى دائما منحازا للإرادة الشعب رافضا الوصاية عليه، وهو رهن إشارته ومستعد في كل الأوقات لاتخاذ ما يلزم من تدابير دون إذن من أحد لضمان سلامة الوطن وحفظ استقرار البلاد » وفق تعبيره .
وخاطب حفتر الليبيين قائلا إن “قواتكم المسلحة تبعث إلى الشعب الليبي رسالة طمأنينة بأننا جاهزون ولن نتردد في إصدار القرارات الجريئة والأوامر الصارمة للتصدي بكل ما آتانا الله من قوة لكل ما من شأنه أن يعبث بمصير البلاد أو يعرض سلامة الوطن للخطر”، موضحا أن “الشعب الوطني والدول المتحضرة لا تبني جيوشها للغزو والاحتلال لقهر الشعوب الأخرى وتدمير مقدراتها ونهب خيراتها ولا لينقلب عليها جيشها ليمارس القمع والاستبداد والظلم، بل لتحصن نفسها وتحمي حدودها وتعزز سيادتها وتفرض إرادتها فوق أراضيها ليشعر الشعب بوجود قواته المسلحة وهي بكامل الجاهزية المعنوية والمادية كما نراه اليوم بأنه في أمن وأمان”.