سلطات شرق ليبيا تقتحم مواطن نفوذ الدبيبة بسبب أزمة مياه زليتن

في الوقت الذي تؤكد فيه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا، على ضرورة متابعة أوضاع المواطنين المتضررين في مدينة زليتن، واعتماد الخطة المقدمة من فريق الخبراء المحليين، سارعت الحكومة الموازية إلى إعلان حالة الطوارئ في المدينة، في خطوة تغذي الشرخ السياسي القائم بين شرق ليبيا وغربها.
بنغازي - قررت الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب إعلان حالة الطوارئ في مدينة زليتن الواقعة في حيز نفوذ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وهو ما يزيد من تعميق الفجوة بين سلطات طرابلس ونظيرتها في بنغازي.
وشدد الدبيبة على ضرورة متابعة أوضاع المواطنين المتضررين، واعتماد الخطة المقدمة من فريق الخبراء المحليين، ومتابعة جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان لعمل فريق المكتب الاستشاري البريطاني، فيما طالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، رئيس الحكومة المكلفة من المجلس أسامة حماد بضرورة إيجاد الحلول اللازمة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، واتخاذ الإجراءات العاجلة لحماية المواطنين من أخطار المياه الجوفية وتوفير جميع الاحتياجات، وفق المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب.
وقدمت اللجنة المركزية المكلفة من حكومة الدبيبة بمتابعة أوضاع مدينة زليتن جراء ارتفاع منسوب المياه الجوفية تقريرا حول الإجراءات التي اتخذتها الجهات الحكومية البيئية والفنية والخدمية لمجابهة أزمة ارتفاع منسوب المياه بالمدينة. وقال مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض حيدر السائح إن الفرق التابعة للمركز، أخذت العينات اللازمة من المياه، وأثبتت أنها ملوثة، مؤكدا أنه لا توجد أي أمراض أخرى أو انتقال لها، معتبرا ذلك نقطة إيجابية.
وأشار مدير الإدارة العامة للإصحاح البيئي، إلى أن أعمال الرش الضبابي والراداري للمناطق المتضررة وصلت إلى حوالي 300 ألف لتر من الأدوية والمبيدات، باعتبارها خطوات وقائية لازمة لحماية المواطنين من أي انتقال للأمراض عن طريق الحشرات. كما أكد مدير شركة الخدمات العامة مصراتة، أن الشركة عالجت أكثر من 64 موقعا، ومنحت الأولوية للأماكن الأكثر تضررا، منفذة ما يزيد عن 14580 رحلة شفط للمياه وعمليات ردم.
وبيّن مدير جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق محمود عجاج أن المكتب الاستشاري الدولي سيكون في بلدية زليتن الجمعة المقبل، ليباشر عمله مع فريق الخبراء بالتعاون مع المجلس البلدي. وقدم عميد بلدية زليتن مفتاح حمادي موقفا بشأن حصر الأضرار التي طالت المواطنين في المحلات المتضررة وتقييمها، مقترحا أن تتولى وزارة الإسكان والتعمير القيام بهذه الأعمال بالتنسيق مع البلدية لضمان نتائجها واعتماد توصياتها.
كما أكد رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك دعمه لكافة الجهود المبذولة لحل الأزمة وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحها، بينما كشف الناطق باسم الشركة العامة للمياه والصرف الصحي محمد كريم استمرار أعمال الشركة في المناطق المتضررة من أزمة المياه الجوفية في مدينة زليتن وخاصة داخل المنازل والمزارع وغيرها، لافتا إلى أن الشركة قامت بـ500 رحلة لأعمال الردم وتمكنت حتى الآن من شفط قرابة 70 ألف متر مكعب من المياه، بعدد 25 صهريجا.
وتعتبر مدينة زليتن من أبرز مدن غرب ليبيا الخاضعة لنفوذ حكومة الدبيبة، وتقع على الساحل الغربي لليبيا، على مسافة 150 كم تقريبا شرق العاصمة طرابلس، حيث تحدها من الغرب مدينة الخمس، ومصراتة شرقا، وبني وليد جنوبا، والبحر المتوسط شمالا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة.
وفي شرق البلاد، التقى رئيس مجلس النواب في مكتبه بمقر المجلس في بنغازي مع رئيس حكومة “الاستقرار” أسامة حماد للاطلاع على آخر الإجراءات المتخذة والتدابير المتبعة من قبل الحكومة حيال أزمة ارتفاع منسوب المياه في بلدية زليتن. وأكد حماد لرئيس مجلس النواب أن حكومته اتخذت عددا من الإجراءات الفورية التي ستسهم في حل الأزمة بالمدينة، ومنها إعلان حالة الطوارئ القصوى ببلدية زليتن، واتخاذ الإجراءات العاجلة لحماية المواطنين من أخطار ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وتوفير كل الاحتياجات للبلدية من أجل مواجهة الأزمة.
وقالت الحكومة التي تبسط نفوذها على شرق وجنوب وبعض مناطق وسط البلاد، إن هذه الخطوة جاءت بتوجيهات من القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، الذي طالب بضرورة الاستجابة السريعة لما يحدث في مدينة زليتن من طفح المياه الجوفية، وما يصاحبها من خطر على حياة المواطنين بالمدينة.
والتقى حماد، بمكتبه في ديوان مجلس الوزراء في مدينة بنغازي، أعضاء مجلس النواب عن بلدية زليتن محمد الهادي عزالدين وعبدالسلام قويرب ونعيمة رمضان دلف، وبحضور وكيل وزارة الحكم المحلي أبوبكر مصادف، وبحث معهم الأزمة التي حدثت في مدينة زليتن التي تعاني من طفح المياه الجوفية وما يصاحبها من خطر على حياة المواطنين بالمدينة. وطالبت لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب، الحكومة المكلفة من مجلس النواب وجميع جهات الاختصاص بالتدخل العاجل، لمعالجة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في مدينة زليتن.
◙ الخطوة جاءت بتوجيهات من المشير خليفة حفتر الذي طالب بضرورة الاستجابة لما يحدث في مدينة زليتن من طفح المياه الجوفية
وعبرت لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب، في بيان، عن تضامنها مع جميع سكان مدينة زليتن، وتمنياتها لهم بالسلامة، وبالشفاء العاجل للطفل غسان سيف الإسلام زغيليل، الذي سقط في مستنقع للمياه الناتج من ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمدينة. وشددت اللجنة على ضرورة التدخل الفوري لحل مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن، تفاديا لحدوث كارثة إنسانية أو بيئية.
وكان عدد من سكان مدينة زليتن قالوا، الاثنين، في بيان للرأي العام، إنهم لم يلحظوا أي خطوات عملية على أرض الواقع أو استجابة فعلية للجان الحكومية المشكلة للتعامل مع كارثة المياه الجوفية التي تزداد سوءا يوما بعد الآخر. وطالبوا بحلول عاجلة لمدينة زليتن “المنكوبة”، لافتين إلى أن “الكارثة تزداد بشاعة بشكل سريع كل يوم”، محملين الجهات الحكومية مسؤولية سلامة سكان المدينة البالغ عددهم 350 ألف نسمة، معتبرين أن “ما حصل للطفل غسان الذي تعرض للغرق أمام منزله في إحدى البرك، وهو حاليا في العناية المركزة، خير دليل على حجم الكارثة”.
وتابع الموقعون على البيان “لم نلحظ أي خطوات عملية على أرض الواقع أو استجابة فعلية من اللجان المكلفة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية منذ تشكيلها يوم السابع عشر من يناير 2024 حتى الآن”، مشددين على أن ما يقولونه “ليس تضخيما أو تهويلا، ولكن هذه هي الحقيقة على أرض الواقع”، محملين “الجميع مسؤولية سلامة سكان المدينة”، مردفين أن أزمة المياه الجوفية تزداد كل يوم، دون وجود حلول جذرية للتعامل معها، باستثناء تدخلات مؤقتة عبر عمليات شفط المياه أو ردم المستنقعات.
وبحسب مراقبين، فإن سلطات المنطقة الشرقية سعت إلى المزايدة على حكومة الدبيبة وإحراجها أمام سكان المنطقة الغربية، وإظهارها في صورة السلطة العاجزة عن خدمة المواطن الليبي وخاصة عندما يتعلق الأمر بكارثة بيئية كالتي تعرفها زليتن، وهي مستعدة فعلا لتقديم مساعدات للسكان المحليين في المناطق المتضررة، لكنّ موقفا كهذا يمكن أن يصطدم برفض تام من سلطات طرابلس التي ستعتبر ذلك تعديا على مواطن نفوذها، ومن الميليشيات المحلية المعروفة التي تنظر نظرة عداء إلى الجنرال حفتر والتي ساهمت في كل المواجهات مع قواته منذ فجر ليبيا في العام 2014.