منال مغربي مخرجة توظف السينما لرفع مستوى الوعي الاجتماعي

"جرسون" يثير ظاهرة التحرش وآثارها على النساء.
الأربعاء 2024/01/31
فيلم قصير يسعى للتأثير في المجتمع

تمتلك المخرجة المصرية الشابة منال مغربي توجها خاصا، حيث تؤمن أن السينما سلاح مهم لتغيير المجتمعات وإصلاحها. وهي من خلال فيلمها "جرسون" تسلط الضوء على مشكلة كبيرة يعاني منها المجتمع المصري، وهي ظاهرة التحرش بالنساء وآثارها السلبية على حياتهن.

تعتبر السينما إحدى أهم وسائل الترفيه والتواصل الجماهيري، ولكنها تتجاوز أحيانا كثيرة دورها الترفيهي لتلعب دورا حيويا في نقل رسائل اجتماعية وتسليط الضوء على قضايا حيوية تعاني منها المجتمعات. وفي ظل التحديات التي يواجهها العالم، تبرز قضايا التحرش بالنساء كواحدة من أكثر القضايا إلحاحا وأهمية، إذ تتسارع الحاجة إلى توعية المجتمعات حول هذه الظاهرة. ويمكن للسينما أن تلعب دورا حيويا في ذلك، خاصة في العالم العربي الذي يعاني من تحديات فريدة تتعلق بتفاعلات ثقافية واجتماعية.

وعبر تقديم أفلام ترفع الوعي حول قضايا التحرش، يمكن للسينما أن تفتح نوافذ للحوار وتحدث التغيير في السلوكيات والتفكير الاجتماعي، من خلال إبراز التحديات التي تواجهها النساء وتسليط الضوء على تأثير التحرش على حياتهن اليومية.

كان لصحيفة "العرب" لقاء مع المخرجة والسيناريست المصرية منال مغربي التي طرحت في فيلمها "جرسون" مسألة التحرش بالنساء. وقدمت المخرجة والسيناريست المصرية هذا الفيلم بهدف نقل رسالة قوية حول خطورة التحرش ضد المرأة وتأثيراته العميقة على المجتمع المصري. وتتمحور قصته حول الآثار النفسية والاجتماعية والفسيولوجية لتصرفات التحرش، مبرزة الأخطار الكبيرة التي تنجم عن هذه التصرفات الضارة.

◙ الجمهور أبدى إعجابه بكيفية تناول الفيلم لظاهرة حساسة والصدق في التعامل مع هذا الموضوع بطريقة مغايرة للتناول السائد
◙ الجمهور أبدى إعجابه بكيفية تناول فيلم "جرسون" لظاهرة حساسة والصدق في التعامل مع هذا الموضوع بطريقة مغايرة السائد والمعتاد  

وفي حوارها مع صحيفة "العرب" أوضحت المخرجة فكرة العمل فقالت "يسلط الفيلم الضوء على كيفية تأثير التحرش على المرأة على مستوى نفسي عميق، حيث يظهر كيف ينعكس هذا التأثير في تفاعلاتها مع المجتمع. ويعكس العمل أيضا صعوبة قبول النساء لأجسادهن بعد تعرضهن للتحرش، حيث يتحولن ضد أنفسهن ويعتبرن أن جسدهن هو السبب في تلك التجارب السلبية".

وأضافت "الرسالة الرئيسية للفيلم هي تسليط الضوء على هذه الظاهرة وتعزيز الوعي المجتمعي حول خطورة التحرش، بغية تحقيق فهم أعمق لهذه المشكلة وتعزيز التحسين في التفكير الجماعي حيالها. يشجع الفيلم أيضا على التغلب على اللوم الذي يفرضه التحرش على الضحية، ويؤكد على أهمية استعادة الاتصال الإيجابي مع الجسد والعمل نحو تحسين الحالة النفسية والاجتماعية للنساء اللواتي تعرضن لتلك التجارب".

قالت المخرجة "أردت من خلال تصوير الفتاة وهي تركض وتختبئ في منزلها، إيصال رسالة حول التحديات التي تواجه النساء في المجتمع، إذ يظهر المشهد الشعور بالخوف وعدم الأمان، حيث تجد الفتاة نفسها في موقف يستلزم الهروب. يمكن تفسير هذا الهروب كرمز للحاجة إلى الحماية والأمان، ويعكس الضعف الذي قد يشعر به الأفراد في وجه التحديات الكبيرة. بالنهاية، أريد تسليط الضوء على قضايا مهمة في المجتمع مثل التحرش والعنف ضد النساء، وتشجيع المجتمع على التفكير في تحقيق المساواة وحماية حقوق النساء”.

وفي حديثها عن كيفية استخدام لغة السينما لنقل مشاعر الندم والحزن عبر نظرة الفتاة في المرآة، أوضحت منال مغربي أن "الاستخدام المتقن للغة السينما يساعد في نقل المشاعر والرسائل بشكل فعال، وهذه العناصر التي تم استخدامها (التصوير، الإضاءة، والصوت) جميعها تسهم في تعزيز تجربة المشاهد وفهم أعماق المشاعر التي تختبرها الشخصية. أما فيما يتعلق بمواجهة الفتاة لأنوثتها، فيمثل ذلك تحولا هاما في قصتها، من خلال البداية الحائرة، حيث تحاول الهروب من أنوثتها، وصولا إلى مرحلة المواجهة وقبولها لنفسها، حيث تتغير نظرتها إلى الذات والمجتمع أيضا. وهذا التحول يمكن أن يفهم على أنه تحول نفسي واجتماعي".

وأضافت أن "المواجهة تظهر أيضا رغبة البطلة في التحدي وتغيير المفاهيم الاجتماعية المفروضة على النساء. وقد يرى الجمهور كيف يمكن لهذا التحول أن يكون محفزا لتغيير المجتمع وفتح الأفق للمرأة لتكون حرة وقوية دون قيود".

وقالت مغربي في رسالتها للجمهور "يستعرض الفيلم بشكل مؤلم وقاس موضوع العنف ضد المرأة والآثار المدمرة التي يمكن أن يتركها هذا العنف على الضحية، حيث تتعرض البطلة في الأحداث للعنف الجسدي والنفسي من جانب المجتمع. وتترك هذه التجارب القاسية أثرا عميقا عليها، ومن خلال رؤيتي، أتمنى أن تحث الحكاية الجمهور على التفكير في أهمية التصدي للعنف الممارس ضد المرأة".

المخرجة قدمت فيلم "جرسون" بهدف نقل رسالة حول خطورة التحرش ضد المرأة وتأثيراته العميقة على المجتمع المصري
◙ المخرجة قدمت فيلم "جرسون" بهدف نقل رسالة حول خطورة التحرش ضد المرأة وتأثيراته العميقة على المجتمع المصري

ونوهت المخرجة بمشاركتها في المهرجانات السينمائية والعقبات التي واجهتها أثناء مسيرتها الفنية، قائلة: “تمكن الفيلم من استغلال المشاركة في المهرجانات الدولية بعدة طرق تعكس نجاحا كبيرا. أولا، ساهمت المشاركة في المهرجانات في الوصول إلى جمهور جديد خارج حدود مصر، مما أدى إلى زيادة الاهتمام وتوسيع قاعدة المشاهدين. وثانيا، استفاد العمل من ردود الفعل الإيجابية من قبل النقاد والمشاهدين في المهرجانات، وساعدت هذه الردود في تعزيز قيمة الفيلم وتحسينه، وساهمت في زيادة الوعي بالموضوع الذي يتناوله. وثالثا، بنيت علاقات قوية مع صناع الأفلام الآخرين من مختلف أنحاء العالم، وقد أتاحت هذه العلاقات الفرص للتعاون المستقبلي وتبادل الخبرات".

ومع ذلك، قالت المخرجة إن "الفيلم واجه بعض التحديات خلال هذه التجارب، منها التكلفة المالية العالية للمشاركة في المهرجانات، مما استدعى البحث عن تمويل من مصادر مختلفة. كما استلزمت المشاركة جهدا ووقتا كبيرين، مع الحاجة إلى السفر والمشاركة في فعاليات متعددة".

ونوهت مغربي بإشادة الجمهور بفيلمها بقولها "أبدى الجمهور إعجابه بكيفية تصوير الفيلم للواقعية والصدق في التعامل مع هذا الموضوع الحساس، كما أشاد بأداء الممثلين بشكل عام. وتم تسليط الضوء بشكل خاص على أداء الممثلة نور هاشم التي لعبت دور الفتاة. وقد شهدنا استجابة قوية من الجمهور العربي، خاصة النساء، حيث أبدوا التعاطف مع شخصية الفتاة وشعروا بألمها ومعاناتها. كما كان هناك تفاعل قوي من الأطفال، حيث رحب الأطفال بالفيلم بشكل إيجابي وأعجبوا بشخصية الفتاة وشجاعتها، كما قدموا إعجابهم بأداء البطلة".

وكشفت المخرجة المصرية في حوارها مع "العرب" عن تطلعاتها الفنية فقالت "نحن نتطلع بشغف إلى المشاركة في مهرجان الإمارات للأفلام بدبي، والذي يعد واحدا من أبرز المهرجانات السينمائية في منطقة الخليج العربي. نتمنى أن تتيح لنا هذه الفرصة التواصل مع جمهور جديد في الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، وأن نستخدمها لتسليط الضوء على قضية العنف ضد المرأة بطريقة واقعية وصادقة". وتابعت "نعتقد أن التعاون بين صناع الأفلام من مختلف البلدان يمكن أن يسهم في تعزيز السينما العربية، ورفع مستوى الوعي حول القضايا الاجتماعية المهمة. يمكن لهذا التبادل الثقافي أن يحمل قصصا قوية ورسائل مهمة للمشاهدين في جميع أنحاء العالم".

14