جدل في موريتانيا بعد طرد النائب مريم منت الشيخ من قاعة جلسات البرلمان

نواكشوط - تعيش الساحة السياسية الموريتانية على وقع جدل حاد بخصوص حادثة طرد النائب مريم منت الشيخ بأسلوب مهين ومنعها من حضور أربع جلسات برلمانية، بسبب تهجمها على الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود ونعته بـ”كلب الحراسة”.
وفيما يرى مراقبون، أن الحادثة تدخل في سياق الحالة الديمقراطية التي تعرفها البلاد، يشير آخرون إلى أنها تمثّل تهديدا لحرية التعبير وتضييقا على أصوات المعارضة التي تصدح بمواقفها تحت قبة البرلمان.
وكان مكتب الجمعية الوطنية (البرلمان)، قرر الأربعاء معاقبة البرلمانية عن حزب “الصواب” والناشطة في حركة “إيرا” مريم منت الشيخ بالمنع من حضور أربع جلسات برلمانية، بسبب وصفها الوزير الأول بأنه “كلب حراسة للأنظمة الفاسدة”، وأحال القرار لجلسة علنية للبرلمان لإقراره.
وأثارت المداخلة جدلا داخل القاعة ما تسبب في رفع الجلسة، قبل أن يتم استئنافها، حيث أعلنت منت الشيخ سحب كلمة “كلب حراسة”، وذلك استجابة لطلب من النائب بيرام الداه أعبيدي.
ورأت منت الشيخ أن ما تعرضت له من طرد تحت قبة البرلمان يعبر عن سرقة أصوات الشعب التي قام بها النظام خلال الانتخابات الأخيرة، حسب تعبيرها. واعتبرت أن الدولة زوّرت إرادة الناخب، ومنعت وصول 60 إلى 70 نائبا من تحالف الصواب وإيرا. وتابعت أنها نذرت صوتها لخدمة الآخرين وللتعبير عن هموم ومشاغل أولئك الذين غُيّبوا بالتزوير، حسب وصفها.
بيان حركة "إيرا" وصف طرد النائب في الجمعية الوطنية مريم منت الشيخ، بالخطر الذي يهدد الديمقراطية
وعرفت منت الشيخ بتصريحاتها الاستفزازية التي عادة ما تحدث سجالا واسعا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ففي منتصف يناير الجاري، شبهت الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين ناتنياهو، وذلك من خلال تسجيل مصور للبرلمانية بنت الشيخ انتقدت فيه سياسة الحكومة تجاه الأحياء العشوائية في العاصمة.
وسبق لمنت الشيخ أن تعرضت للاحتجاز من قبل السلطات الأمنية والقضائية في مناسبات، بسبب مواقفها السياسية والاجتماعية والحقوقية التي يصفها معارضون بالحادة. فيما يرى فيه الطرف المقابل نضالا ضد العبودية ودفاعا عن الديمقراطية والمساواة بين مختلف فئات المجتمع.
وقالت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية “إيرا”، إن “تدخلات النائب مريم منت الشيخ المتكررة تزعج بشكل واضح الجنرال الذي يحكم مجلس الشعب”، في إشارة صريحة إلى رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد مكت، وهو جنرال سابق تقاعد نهاية عام 2021، من الجيش بعد عدة عقود من التدرج في وظائف المؤسسة العسكرية، وكان من بين الضباط الذين قادوا انقلابي 2005 و2008، وعمل مفتشًا للقوات المسلحة عام 2008، ثم مديرا لمكتب الدراسات والتوثيق أو ما يعرف بالاستخبارات الخارجية عام 2012، قبل أن يشغل منصب المدير العام للأمن الوطني عام 2014.
ووصف بيان “إيرا” طرد النائب في الجمعية الوطنية مريم منت الشيخ، بالخطر الذي يهدد الديمقراطية، وتابع: “إن الإشارات المتعددة لماضي الجنرال كضالع في الإبادة الجماعية وتعذيب رفاقه في السلاح خلال سنوات الجمر، تشكل حرجا كبيرا وإزعاجا لا يطاق يحول دون طي هذه الصفحة المظلمة من ماضي الرجل وتاريخنا إلى النسيان”، وفق نص البيان.
وتابع البيان إن “الأسوأ من ذلك العنف الواضح الذي يتسم بالاعتداء على السلامة الجسدية للمرأة على أيدي الرجال، أمر تأباه تعاليم الإسلام الصحيح وترفضه القيم الأساسية للديمقراطية والمجتمعات. وفي مواجهة هذا الانحراف الجلي والخطير للمؤسسات، فإن الحركة الانعتاقية بجميع هياكلها تعبر عن دعمها ومساندتها الثابتة للنائب الموقرة مريم منت الشيخ، وتندد بكل قوة بأساليب العنف والوحشية التي أصبحت شائعة ومسكوت عنها في حق المنتخبين وولاة التشريع الذين أصبحت ممارسة مهامهم شبه مستحيلة ومحفوفة بالمخاطر”.
ومنت الشيخ، عرفت بأنها ناشطة موريتانية مناهضة للعبودية. ولدت عام 1983 بمدينة الزويرات لأسرة مناضلة، وقد تعرضت للملاحقة القضائية في مناسبات عدة، وتعرضت للسجن لمدة خمسة أشهر عام 2015، بتهمة “التجمهر غير المرخص والتحريض على التجمهر”، كما واجهت الاعتقال في 2017 و2019 و2020.