تماسك الحكومة المغربية على المحك بسبب نواب متهمين بالفساد

مجموعة من البرلمانيين من المجموعة النيابية لأحزاب الأغلبية والمعارضة تؤكد بأن مدونة السلوك والأخلاقيات الموجودة تفي بالغرض.
الثلاثاء 2024/01/16
المشاورات مستمرة

الرباط- تجري فرق الأغلبية في المغرب مشاورات مكثفة من أجل إقناع تكتل الأصالة والمعاصرة بالعدول عن تعديلاته بشأن النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي بسببها تأجلت جلسة المصادقة عليه الأسبوع الماضي.

وتسعى فرق الأغلبية إلى تفادي أي احتكاك محتمل بين مكوناتها بشأن التعديلات التي تخص تجريد كل نائب متهم في قضايا فساد أو لديه دعوى في المحكمة، من تناول الكلمة في الجلسات، وتقديم مقترحات القوانين وغيرها من الأدوار التي يقوم بها النواب.

ويرى تكتل الأغلبية البرلمانية أن تعديلات الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة لا تتماشى من الناحية الشكلية مع فصول الدستور والقانون التنظيمي لمجلس النواب، وهو ما سيعجل بإسقاطها من طرف المحكمة الدستورية للنظام الداخلي لمجلس النواب مرة أخرى.

رشيد لزرق: الجوانب السياسية يجب ألا تطغى على التعديلات
رشيد لزرق: الجوانب السياسية يجب ألا تطغى على التعديلات

وكان مجلس النواب قد صحح مجموعة من التعديلات التي أدخلها على قانونه الداخلي بعدما رفضتها المحكمة الدستورية معتبرة أنها غير مطابقة إما للدستور أو للقانون، وكان من المقرر أن يعرضها الأسبوع الماضي للمصادقة من جديد خلال جلسة تشريعية، قبل أن يتقرر تأجيلها إلى موعد لاحق.

وأكدت مصادر برلمانية لـ”العرب” أن “أعضاء الأغلبية يباشرون محادثات لأجل تجاوز هذا المطب الذي وضعه الأصالة والمعاصرة والذي لم يكن الغرض منه سوى تأكيد الحزب أنه متشبث بأخلقة العمل السياسي، خصوصا بعد اتهامات موجهة لبرلمانيين من الحزب على خلفية ملف إسكوبار الصحراء، والموجودين رهن الاعتقال بسبب تورطهم في قضايا فساد وتهريب مخدرات”.

واعتبر نواب من الأغلبية أن الجهة الوحيدة التي تملك حق منع ممثلي الأمة من مزاولة مهام داخل البرلمان، هي المحكمة الدستورية وفق مقتضيات القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، والذي منح هذه الصلاحية للمحكمة بعد توصلها برسالة رئيس مجلس النواب أو وزير العدل بهذا الشأن.

وتعتقد الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير، في تصريح لـ”العرب”، أن “الأصالة والمعاصرة سيعمل على التخفيف من أهمية هذا الخلاف بالتوافق مع أحزاب الأغلبية الحكومية، ومن المحتمل تبديد الخلافات التي تطفو على السطح كل مرة مع كل ملف أصبح ظاهرا في تصريحات مختلفة لعدد من القيادات”.

وتفاديا لتعطيل إجراءات المصادقة على النظام الداخلي لمجلس النواب منح مكتب المجلس الذي يرأسه رشيد الطالبي العلمي من التجمع الوطني للأحرار مهلة لتكتل الأصالة والمعاصرة حتى يعيد النظر في مقترحات التعديلات التي قدمها.

وأفاد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، في تصريح لـ”العرب”، بأن “الأغلبية الحكومية الحالية يجب عليها التضامن والتوافق على مثل هذه التعديلات لأجل بقاء التحالف متماسكا”، مشيرا في تصريح لـ”العرب” إلى أن “أي تعديلات في القانون الداخلي يجب ألا تطغى عليها الجوانب السياسية والتركيز على أقصى درجات من التماسك لتنفيذ برنامجها الحكومي قبل انتهاء ولايتها”.

شريفة لموير: الأصالة والمعاصرة سيعمل على التخفيف من أهمية هذا الخلاف بالتوافق مع أحزاب الأغلبية الحكومية
شريفة لموير: الأصالة والمعاصرة سيعمل على التخفيف من أهمية هذا الخلاف بالتوافق مع أحزاب الأغلبية الحكومية

ودخلت أحزاب المعارضة بمجلس النواب على خط تعديلات النظام الداخلي، مؤكدة أن “الأحكام ضد النواب المتهمين مادامت لم تصدر بشكل نهائي، فلا يمكن منعهم من طرح الأسئلة بالمجلس، دون أن يتعارض ذلك مع ضرورة أخلقة الحياة العامة، ومع قرينة البراءة حتى لا نتدخل في قرارات القضاء”.

وما يشكل ضغطا على حزب الأصالة والمعاصرة، اتفاق مجموعة من البرلمانيين من المجموعة النيابية لأحزاب الأغلبية والمعارضة معا، على وجود مدونة للسلوك والأخلاقيات تحتوي على مبادئ تفي بالغرض، ويمكن للرئيس والمكتب القيام بما يلزم وتحديد بعض الآثار، وإذا تم تضمينها بالنظام الداخلي فقد يفهم منه ضرب لمصداقية الأحزاب السياسية.

ويرى خبراء القانون أن النظام الداخلي يخضع لمراقبة قبلية من طرف القضاء الدستوري والذي أثبتت التجارب صرامته في التعامل مع تعديلات تمس بقرينة البراءة في حق أي برلماني يقع تحت طائلة المساءلة القضائية، وبالتالي سيتم رفض تعديلات بمنع النواب من تولي المسؤولية في مجلس النواب سواء في المكتب أو اللجان أو رئاسة الفرق والمجموعات البرلمانية.

وأكد عبدالله بوانو رئيس مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن أخلقة العمل البرلماني مرتبط أساسا بالأحزاب التي يتوجب عليها التدقيق في اختيار المرشحين وشروط الترشيح، دون اعتماد المال كمعيار أساسي ووحيد للاختيار دون معرفة مصدره.

وقرر مجلس النواب بمناسبة ترتيب الأثر في ضوء قرار المحكمة الدستورية بشأن مراجعة نظامه الداخلي، العودة إلى اعتماد الصيغة الأصلية المتعلقة بتدبير جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول السياسة العامة، وذلك بعد عدم اقتناع قضاة المحكمة الدستورية بوجاهة المقترح الذي تقدم به نواب من المعارضة، لإلزام رئيس الحكومة بالحضور إلى مجلسي البرلمان مرتين في الشهر بدل مرة واحدة.

وأكد تكتل الاتحاد الاشتراكي، المعارض، على أهمية إقرار نظام داخلي متوافق بشأنه، باعتباره الوثيقة التي تحدد قواعد سير وعمل المجلس، وتؤطر علاقاته بباقي المؤسسات الدستورية والمجالس والهيئات.

وبخصوص التعديل المتعلق بلجان تقصي الحقائق، قرر مجلس النواب اعتماد صيغة جديدة، تنص على أنه “طبقا للمادة الخامسة من القانون التنظيمي المتعلق بتسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، يعين أعضاء لجان تقصي الحقائق من قبل مكتب المجلس مع مراعاة مبدأ التمثيلية النسبية للفرق والمجموعات البرلمانية وذلك باقتراح من هذه الأخيرة، على أن يقتصر حضور اجتماعات هذه اللجان على أعضائها ولا يمكن لغيرهم من أعضاء المجلس حضور هذه الاجتماعات”.

4