المخرجة المصرية مروة الشرقاوي لـ"العرب": الأفلام عالم استكشاف للمخرج نفسه وللجمهور معا

فيلم "حواديت إيكنجي" حكايات بدو مصر ترويها الوشوم والأغاني.
الثلاثاء 2024/01/09
قصص من عالم ساحر ببساطته

من قدرات السينما ووظائفها الهامة سرد حياة الشعوب في خصوصياتها، من خلال الأفلام الروائية التاريخية أو الوثائقية، تعرفنا على قصص شعوب كثيرة بكل ثقافاتها والبيئة التي تعيش فيها والحكايات التي تتوارثها. لذا فالسينما تساهم اليوم بشكل كبير في الحفاظ على التنوع الثقافي المهدد بالزوال. “العرب” كان لها هذا الحوار مع المخرجة المصرية مروة الشرقاوي المولعة بحكايات الشعوب حول فيلمها “حواديت إيكنجي” ومشاريعها المستقبلية.

فيلم "حواديت إيكنجي"، وهو فيلم تسجيلي قصير إنتاج 2023 للمخرجة المصرية مروة الشرقاوي، تدور أحداثه حول أغان قديمة ذات معان مبهجة ووشوم لطبيعة ساكنة، ترمز لآخر جيل من البدو ويرصد شكل الحياة البسيطة الخالية من مظاهر التكنولوجيا والبعيدة عن العالم ذي الإيقاع السريع.

يتابع الفيلم سيدتان جريئتان هما بطلتا الحكاية بقصصهن المثيرة التي ساهمت في تغيير كل أفكار المخرجة عن قيود المرأة في تلك البيئة وإيقاعها، وهي منطقة كينج مريوط التي تعتبر واحدة من أقدم مناطق البدو بالعالم العربي، ويحاول الفيلم أن يسرد ما تبقى من حكاياتهم وذكرياتهم.

حكايات البدو

الفيلم يدخل إلى بيوت البدو ويكتشف عوالمهم الخاصة ويمنحهم مساحة لسرد حكاياتهم مقدما رحلة مليئة بالمتعة والمفاجآت
الفيلم يدخل إلى بيوت البدو ويكتشف عوالمهم الخاصة ويمنحهم مساحة لسرد حكاياتهم مقدما رحلة مليئة بالمتعة والمفاجآت

عرض الفيلم في عدة مهرجانات دولية منها مهرجان ديربان السينمائي في دورته الـ44 بجنوب أفريقيا، وفاز بجائزة لجنة التحكيم بمهرجان الباطنة للأفلام بعمان، وجائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان الكاميرون الدولي بدورته الخامسة.

في حوارها مع “العرب” توضح المخرجة مروة الشرقاوي فكرة فيلمها الناجح “حواديت إيكنجي” تقول “كنت في ورشة عمل عن الكتابة الأدبية، وكانت عن منطقة إيكنجي مريوط، خلال وجودنا بالمنطقة اكتشفت الكثير من القصص عن المكان والناس فأحببت أن أرويها في الفيلم”.

وتضيف عن الرسالة التي أرادت توصيلها من خلال فيلمها هذا منوهة “ليست رسالة، وإنما فقط أحببت قصص السيدات الموجودات في الفيلم، وقصصهن البسيطة التي تحكي عن عالم وزمان لم أكن موجودة فيه، لقد فاجأنني بتفاصيل مخالفة عما كنت أتخيله دائما عن البدو، وعن شكل حياتهم”.

وتشاركنا الشرقاوي حول تجربتها في تصوير وتوثيق حياة البدو في منطقة كينج مريوط مبينة “كانت تجربة مدهشة، الاستماع إلى قصص البدو، الدخول إلى بيوتهم واكتشاف عالمهم الخاص، كانت رحلة مليئة بالمتعة والمفاجآت، استمتعت خلال شهور التصوير بتوثيق تلك الحكايات”.

وفي حديثها عن الصعوبات التي واجهتها خلال عملية التصوير في هذه المنطقة تعلق “أولا مرحلة البحث كانت طويلة، لم أكن وحدي كنا فريق عمل الورشة نتعاون، ونساعد بعضنا بعضا في اكتشاف شخصيات في المنطقة تود أن تحكي عن نفسها، في مجتمع منغلق مثل كينج مريوط لم يكن هذا سهلا أبدا، خاصة السيدات، كثير منهن كن يردن قص حكاياتهن  لكن ليس أمام كاميرا”.

توضح الشرقاوي عن سبب اختيارها الأغاني والعناصر البصرية لنقل جمال وحياة البدو “الحقيقة إن غناء واحدة من السيدات كان هو العنصر الرئيسي والأهم بالنسبة إلي في شريط صوت الفيلم، لأنه كان مبهجا ومعبرا عن روح المكان وتراثه”.

قصص الشعوب

أحببت قصص سيدات البدو الموجودة في الفيلم التي تحكي عن عالم وزمان لم أكن فيه فحاولت نقلها
أحببت قصص سيدات البدو الموجودة في الفيلم التي تحكي عن عالم وزمان لم أكن فيه فحاولت نقلها

نجح الفيلم في مختلف المهرجانات الدولية ونوهت به لجانها والمتابعون من الجماهير، تعلق المخرجة المصرية “سعدت جدا بعرض فيلمي في العديد من المهرجانات الدولية الهامة مثل مهرجان ديربان بدورته الـ44 بجنوب أفريقيا وفوزه بعدة جوائز”.

وتضيف عن إعجاب الجمهور بفيلمها “كان استقبالا جيدا، لا أنسى عندما كنت في الكاميرون وسألني العديد من الجماهير عن شكل حياة تلك السيدات وانبهارهم بجرأتهن في الحديث عن حياتهن الشخصية، وأن أفكارهم عن البدو اختلفت بعد ذلك”.

وتلفت الشرقاوي إلى أن القصص الأكثر إثارة أو تأثيرا بالنسبة إليها في هذا العمل، تقول “في البداية ظننت أنه لم يعد في المنطقة سوى الجيل الجديد ممن نسوا الكثير من ملامح المكان وتاريخه، لكن المفاجأة هي التعرف إلى نساء في عمر الثمانين ما زلن يحتفين بتلك القصص، والجرأة التي حكين بها تلك الحكايات بداية من شكل الوشوم التي كانت التفصيلة اللافتة لي منذ اللحظات الأول التي وصلت فيها إلى المدينة”.

وترى أن السينما تلعب دورا في نقل تراث وثقافة المنطقة إلى الجمهور العالمي، وهذا ما ترجوه لأن الأفلام دائما هي عالم استكشافي للمخرج نفسه وللجمهور فيما بعد، فكلاهما يستكشف عالما آخر بعينيه.

وتختم مروة الشرقاوي حوارها مع “العرب” متحدثة عن مشاريعها المستقبلية التي تتناول قضايا مماثلة أو تستكشف ثقافات أخرى، قائلة “أحاول العمل على ذلك جاهدة، أنا كثيرا ما أقابل قصصا بسيطة وملهمة عن أماكن وعوالم لا يعرف عنها الكثيرون، ليس فقط في مصر وإنما حول العالم، كل بلد سافرت إليه تمنيت أن أحكي القصص التي استوقفتني فيه ولامست قلبي، فأنا أحكي عمن أحبهم، وأشعر أني أود الاقتراب إلى عالمهم برؤيتي”.

13