هل يكشف التحقيق مع بوسدرة عن أسرار تجنيد مقاتلي داعش في ليبيا

تهم بالتورط في أعمال إرهابية وارتكاب جرائم تمس أمن الدولة.
الأحد 2024/01/07
ليبيا استقطبت الآلاف من الإرهابيين بعد 2011

أعلنت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عن القبض على هاشم بوسدرة الذي يعتبر أحد عناصر تنظيم داعش الإرهابي نفوذا في ليبيا، في خطوة طرحت عدة تساؤلات بشأن كشف حقائق حول تخطيط العديد من الهجمات الإرهابية وتنفيذها في البلاد.

طرابلس - حققت أجهزة الأمن الليبية نصرا مهما بالقبض على أبرز قيادات تنظيم داعش الإرهابي، وآخرهم هاشم بوسدرة الذي كان أميرا على ما يعرف بـ”ولاية طرابلس”، والذي يمتلك رصيدا كبيرا من المعلومات الخطيرة عن مرحلة انتشار الإرهاب في ليبيا واستقطاب الآلاف من الإرهابيين ممن كانوا يشكلون أول وأهم بؤرة للإرهاب على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط .

ووجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تحية إلى ما وصفها بـ”شجاعة جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، إلى جانب كل الأجهزة الأمنية في عملية القبض على بوسدرة المتورط في جلب الإرهابيين إلى بلدنا”. وأضاف أن “محاسبة المتغولين في دماء أبنائنا وملاحقة ناشري الإرهاب في أرضنا واجب وطني لن نحيد عنه”.

وقال جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب، إن والي تنظيم داعش في ليبيا هاشم بوسدرة جرى ضبطه في وقت سابق، ثم تأجل الإعلان عن تاريخ اعتقاله، لتسهيل الإحاطة بعناصر التنظيم كافة ومكافحة منابعه في ليبيا، وسط ظروف معقدة لاصطياد الذئاب المنفردة بحذر وهدوء.

وأضاف الجهاز أن بوسدرة المكنى باسم “خبيب” سبق وأن تم تعيينه أميرا للحدود، وتولى بشكل مباشر تسهيل دخول الإرهابيين إلى ليبيا وتنقلهم بين المدن، قبل أن يكلف أميرا للتنظيم على ما يعرف بـ”ولاية طرابلس”.

وعن ظروف القبض على الإرهابي أوضح الجهاز أنه اكتشف نية بوسدرة التوجه من الجنوب نحو العاصمة طرابلس، حيث بدأت عملية استجلاء الأماكن التي قد يشتبه بتواجده بها، ليتم لاحقا تحديد مكانه بالضبط، والقبض عليه في عملية دقيقة ودون أيّ خسائر .

هاشم بوسدرة تمكن من الفرار مع فلول تنظيم داعش الإرهابي خارج مدينة سرت بعد هزيمتهم أواخر العام 2016

وتابع الجهاز أن كل عناصر تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا قد سقطوا بين قتيل وسجين لينطق القضاء بحكمه العادل في حقه، مردفا أنه سينشر اعترافات المتهم خلال الفترة القريبة المقبلة.

وكان الدبيبة أعلن في أغسطس الماضي القبض على قيادي في تنظيم داعش، لم يسمّه، قال إنه متورط في التخطيط وقيادة العمليات الإرهابية الانتحارية التي استهدفت مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مايو 2018، والمؤسسة الوطنية للنفط في سبتمبر، ومقر وزارة الخارجية في ديسمبر من العام نفسه.

وأشار الدبيبة آنذاك إلى أن العملية تمت ضمن خطة استخباراتية محكمة وتتبع دام فترة طويلة، مؤكدا عزم حكومته على مواصلة التصدي للإرهاب بكافة أشكاله، وملاحقة كل من ثبت تورطه في جرائم ضد الليبيين.

واعتبر مراقبون حينها أن الدبيبة كان يقصد القيادي في تنظيم داعش طارق أنور عبدالله الملّقب بـ”أبوعيسى”، هو المتهم بالضلوع في تخطيط وتنفيذ هذه العمليات الإرهابية التي استهدفت مؤسسات سيادية بالدولة عام 2018.

وبوسدرة إرهابي ليبي الجنسية ينحدر من مدينة درنة، شرقي البلاد، وهو مطلوب للعدالة منذ سنوات بتهمة التورط في أعمال إرهابية وارتكاب جرائم تمس أمن الدولة، وهو أحد أخطر قادة داعش، ويعرف عنه أنه المسؤول الأول عن مذبحة الأقباط المصريين في سرت في فبراير 2015.

وتمكن بوسدرة من الفرار مع فلول التنظيم الإرهابي خارج سرت بعد هزيمتهم أواخر 2016، على يد قوات عملية البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق السابقة بدعم أميركي مباشر، ليختبئ منذ ذلك الوقت ويرتكب المزيد من الجرائم البشعة في حق الأبرياء.

بوسدرة يعتبر كنزا من المعلومات وخاصة في ما يتعلق بالشبكات الداخلية والإقليمية التي كانت تعمل على تجنيد واستقطاب وتمويل وتسليح العناصر الإرهابية وخاصة في دول الجوار

وكان الطيران الفرنسي حاول في صيف 2017 استهداف بوسدرة، لكنه فشل في ذلك، ‏وقبل نهاية فترته الرئاسية بأشهر وقّع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أمرا باغتيال أبوسدرة لتورطه في أعمال إرهابية تهدد المصالح الأميركية، حيث كان المسؤول عن إدخال الآلاف من الإرهابيين للتدريب في ليبيا وإرسالهم للقتال في سوريا.

ويعتبر بوسدرة كنزا من المعلومات وخاصة في ما يتعلق بالشبكات الداخلية والإقليمية التي كانت تعمل على تجنيد واستقطاب وتمويل وتسليح العناصر الإرهابية وخاصة في دول الجوار كتونس ومصر والسودان والنيجر ومالي وتشاد ومن الدول الأوروبية وغيرها.

ويتساءل مراقبون عما إذا كان اعتقال بوسدرة سيساعد الجهات الأمنية والقضائية في ليبيا ودول المنطقة على التوصل إلى الكشف عن خفايا تأسيس داعش في ليبيا وعن الجماعات المتورطة في ذلك من داخل البلاد وخارجها، وكذلك عن الممولين الأساسيين وعن الدول التي كانت تقف وراء دعم الدواعش وخاصة في مدينة سرت أيام سيطرة التنظيم عليها، وكذلك عن عشرات الخلايا التي كانت تتحرك على امتداد البلاد وتنشط في عدد من المدن الأخرى كالعاصمة طرابلس وبنغازي ودرنة وأجدابيا وصبراتة ومصراتة وسبها وغيرها.

إلى ذلك، أعلن جهاز الأمن الداخلي في ليبيا أنه ضبط أحد عناصر تنظيم داعش والتحقيق معه وإحالته لجهات الاختصاص. وأضاف أنه بعد عمليات الرصد والتحريات وجمع المعلومات وتحليلها تم التأكد من دخول أحد عناصر تنظيم داعش إلى ليبيا وهو سوري الجنسية كنيته “أبووائل”، مردفا أن العنصر الإرهابي دخل البلاد عبر تغيير مظهره واندمج بين المواطنين إلا أن عناصر جهاز الأمن الداخلي تمكنوا من ضبطه وإحالته إلى جهات الاختصاص.

وأشار جهاز الأمن الداخلي في ليبيا إلى أن تنظيم داعش من التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي تسعى إلى إيجاد موطئ قدم في المناطق المتوترة وغير المستقرة سياسيا وأمنيا حيث انتشرت كمجاميع تحمل عقيدة متطرفة استباحت الدماء والأعراض والأموال، وقامت بالعديد من الجرائم بداعي إنشاء دولتها المزعومة.

والأربعاء الماضي، أعلن النائب العام المستشار الصديق الصور أن جهاز الردع أحال 1231 قضية خلال العام 2023، وإحالة 38 قضية بالانتماء إلى تنظيم محظور للقضاء، أهمها قضية متهم بالانتماء إلى تنظيم داعش في ليبيا. ويرى مراقبون أن السلطات الأمنية الليبية نجحت خلال العام الماضي في قطع دابر الإرهاب في أغلب مناطق البلاد، فيما بدأت المحاكم في إصدار أحكامها بحق العشرات من مسلحي تنظيمي داعش والقاعدة المتورطين في عمليات إرهابية خلال السنوات الماضية، وذلك بالتعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية.

2