مهرجان أدبي للتعرف على اتجاهات الشعراء في مصر اليوم

أجيال جديدة من الأدباء تنتظر تسليط الضوء عليها.
الأربعاء 2023/11/15
المهرجان يحاول استعادة مكانة الشعر

يسعى مهرجان الأقصر للشعر العربي إلى استعادة بريق التظاهرات الشعرية التي ما انفكت تفقد جمهورها، وذلك من خلال انفتاحه على فضاءات جديدة ومحاولة تقديم مشهد شعري متنوع رغم الانتقادات التي توجه إلى منظميه بسبب ميلهم إلى مدارس شعرية بعينها على حساب أخرى.

القاهرة - ينطلق مهرجان الأقصر للشعر العربي في دورته الثامنة الأربعاء بمشاركة 46 شاعراً يعبرون عن ألوان شعرية مختلفة مع التركيز بشكل أكبر على دواوين الشعر العمودي أو شعر الفصحى، ما يشكل فرصة للتعرف على اتجاهات الشعراء المصريين في مرحلة بدت فيها الأوضاع السياسية والاجتماعية مؤثرة على ما يتم تقديمه من إبداعات أدبية مختلفة.

ويستمر المهرجان الذي تستضيفه مدينة الأقصر (جنوب مصر) مدة أربعة أيام بمشاركة شعراء يمثلون 21 محافظة مصرية، وعدد من الفنانين التشكيليين العرب.

مهرجان وانتقادات

حسين القباحي: المهرجان يدعم شعر الفصحى ولا يغفل شعر العامية أو النثر
حسين القباحي: المهرجان يدعم شعر الفصحى ولا يغفل شعر العامية أو النثر

يعد المهرجان تتويجا لأنشطة “بيت الشعر العربي” ويركز على تقديم أمسيات شعرية وأنشطة فنية، من بينها معرض للفنون التشكيلية ومسابقات لحفظ وإلقاء الشعر للطلاب.

ويتم تنظيم المهرجان للعام الثامن على التوالي منذ إنشاء بيت الشعر العربي في مدينة الأقصر عام 2015، ضمن مبادرة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بإنشاء بيوت للشعر في دول عدة لرعاية الشعر العربي والكشف عن المواهب، بمشاركة وزارة الثقافة المصرية.

وتمثل الأنشطة الشعرية في مصر مناسبة مهمة لتقديم أجيال جديدة وتقييم تجارب منشورة على مدار العام والغوص في التعرف على تجارب قد تكون منزوية أو غير معروفة للعامة، وهو ما ينظر إليه الشعراء كجزء من أدوات التسويق المهمة لما يقدمونه من إبداع في ظل ما يعانيه نشر الشعر في مصر من مشكلات، حيث لا يأخذ هذا الإبداع الأدبي حظه من الترويج والانتشار.

وأكد مدير بيت الشعر بالأقصر حسين القباحي أن المهرجان يقام سنوياً في هذا التوقيت تزامناً مع ذكرى تأسيس بيت الشعر العربي، ويستضيف هذا العام 66 شاعرا وناقدا وإعلاميا، إلى جانب الأنشطة الموازية التي يحتضنها وتتمثل في استضافة فرق الفنون التشكيلية من خلال معرض مشترك بالتعاون مع كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر، واستضافة أربعة فنانين تشكيليين من الكويت والإمارات والسعودية وعمان.

ويوضح في تصريح لـ”العرب” أن المهرجان يتضمن ست أمسيات شعرية يشارك فيها أكثر من ستة شعراء، وأربع ندوات نقدية يحاضر فيها عدد من النقاد، تتناول قضايا متعددة بعنوان “الساحة البينية للخطاب الشعري في القصيدة العربية الحديثة”، وتوقيع سبعة كتب نقدية من إصدارات بيت الشعر وستة دواوين لشعراء فازوا في مسابقة ملتقى الأقصر لنقد الشعر.

حح

ويتولى بيت الشعر تنظيم مختلف الفعاليات الشعرية والفنية داخل مقره أو خارجه، ويرعى بعض الفعاليات خارج محافظة الأقصر، ما يجعله بؤرة مهمة للتعرف على إبداعات أبناء الجنوب والمناطق القريبة الذين يجدون في المؤسسة الثقافية فرصة للتعبير عن أنفسهم مع الشكاوى المستمرة من مركزية النشاطات الثقافية بوجه عام.

وتخلى المهرجان هذا العام عن أنشطته الفنية الغنائية التي تأتي مصاحبة لفعالياته، واكتفى بإلقاء الأبيات الشعرية والندوات الثقافية ومعارض الفنون التشكيلية، بسبب الظروف التي يمر بها قطاع غزة والحرب التي تشنها إسرائيل على سكانه، وسبق انطلاقه جدل بين المثقفين حول انعقاده أو تأجيله أسوة بمهرجانات أخرى.

الأنشطة الشعرية في مصر تمثل مناسبة مهمة لتقديم أجيال جديدة وتقييم تجارب منشورة على مدار العام والتعريف بها

ويواجه المهرجان انتقادات لعدم التعبير عن كافة الألوان الشعرية والاكتفاء بالشعر العمودي، وهو مصطلح يطلق على الشعر العربي القديم الموزون مع تجاهل شعر النثر، ويعبر عن قطع غير موزونه الذي يعد الأكثر انتشاراً في مصر، ويواجه انتقادات لتراجع تمثيل المرأة في برنامج المهرجان، إذ تشارك هذا العام خمس شاعرات من إجمالي 46 شاعراً يشاركون في فعالياته.

ويرد حسين القباحي مدير المهرجان على هذه الاتهامات قائلاً “المهرجان يدعم شعر الفصحى ولا يغفل شعر العامية أو النثر، فشعراء النثر يتواجدون ويعبرون عن أنفسهم من خلاله، كما أن الشعراء المشاركين يمثلون مناطق جغرافية مختلفة ولا يقتصر الأمر على شعراء جنوب مصر، إذ أنهم ينحدرون في هذه الدورة من 21 محافظة”.

ويضيف في حديثه لـ”العرب” أن “المهرجان يستضيف شعراء من أجيال مختلفة، من بينهم من له تجارب طويلة، وهناك عدد من الشباب، والمرأة ممثلة بعدد معقول في هذه الدورة، وما يجعل عدد النساء قليلاً هو صعوبات تواجد بعضهن رغم أن إدارة المهرجان وجهت الدعوة إلى عدد كبير، لكنهن اعتذرن بسبب مسؤوليات وارتباطات أسرية”.

تراجع الشعر

محمد عبدالباسط: المهرجان هذا العام يعكس حضورا متوازنا لكافة التيارات والاتجاهات
محمد عبدالباسط: المهرجان هذا العام يعكس حضورا متوازنا لكافة التيارات والاتجاهات

أشارت دراسة، أصدرتها أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف السعودية قبل ثلاث سنوات، إلى وجود تراجع حاد في نسب نشر الشعر إلى جانب اكتساح شعراء قصيدة النثر بالتوازي مع تنامي أعداد الشاعرات، وهي تطورات يرى مثقفون أنها لا بد أن تؤخذ في الحسبان ضمن المهرجانات الشعرية.

ويؤكد الشاعر والناقد الأدبي محمد عبدالباسط عيد أن تنظيم أي أنشطة ثقافية في الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تمر بها مصر والمنطقة هو عمل يستحق التشجيع، مع تراجع الحضور الثقافي والأنشطة الثقافية بوجه عام في مصر، ومثل هذه المناسبات فرصة لمعرفة الشعراء والتعرف على الاتجاهات المختلفة واختبار قدراتهم ورؤية المواهب الجديدة، وإتاحة الفرصة أمام مبدعين لا يجدون فرصة للتعبير عن أنفسهم.

ويوضح في تصريح لـ”العرب” أن “مهرجان الأقصر هذا العام يعكس حضورا متوازنا لكافة التيارات والاتجاهات، ويمثل حدا أدنى من التنوع في الوقت الذي يشهد ظهور أجيال صاعدة تملك ألوانا مختلفة من خلال تقديم القصيدة الموزونة أو النثرية وتتسم بالتميز الإبداعي، وهناك حالة من حالات التخلي عن الذاتية الضيقة التي كانت عليها القصيدة في تسعينات القرن الماضي أو ما بعدها لصالح التركيز على الهم العام السياسي والاجتماعي، وهو ما أثر على شكل القصيدة”.

ويلفت إلى وُجوب التفرقة بين تراجع معدلات نشر الشعر وبين الرواج الذي تحققه الدواوين، لأن البعد التجاري حاضر في اتجاهات دور النشر التي تستهدف البحث عن السلعة الرائجة، ممثلة في الرواية، في حين أن الشعر بطبْعه فن نخبوي، والعلاقة بين الشعر والجماهيرية لا تتحقق إلا نادراً، كذلك الوضع بالنسبة إلى الدراسات النقدية التي تتراجع على مستوى النشر أيضا.

ويعيش الشعر العربي فترة تراجع كبيرة في مصر، وهذا ما تثبته مختلف الدراسات والبحوث، وآخرها ما أصدرته أكاديمية الشعر العربي عام 2019 عن حالة نشر الشعر في مصر، حيث وضح التقرير أن هناك تراجعا حادا في نسب نشر الشعر، ولاحظ أن نسبة نشر دواوين شعر الفصحى خلال عام 2018 بلغت حوالي 1 في المئة من جملة الكتب المنشورة، و3.7  في المئة من جملة المنشور في الأدب عموما، و25  في المئة من جملة المنشور في الشعر فقط.

13