عبدالقادر لقطع لـ"العرب": على السينمائيين والأدباء التعاون لتعزيز السينما المغربية

المخرج ينقل تلقائيا تفاعله مع الأعمال السردية والأدبية إلى أعماله السينمائية.
الاثنين 2023/11/06
أفلام لقطع مثيرة للتساؤلات

حقق المخرج المغربي عبدالقادر لقطع مسيرة مهمة في السينما المغربية، فهو أحد رواد الفن السابع الذين لم يهابوا طوال خمسة عقود الابتكار والتجديد والتجريب، والاستناد إلى قراءاتهم وثقافتهم الخاصة لإنجاز أعمال تلبي توقعاتهم وتهتم بالمجتمع المغربي وهويته ومشكلاته.

في ندوة نُظمت ضمن فعاليات الدورة الـثالثة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة حول موضوع “الاقتباس السينمائي للأعمال الأدبية”، التقت صحيفة “العرب” مع المخرج السينمائي عبدالقادر لقطع، الذي يعد أحد رواد السينما المغربية، وشارك في الندوة مؤكدا أهمية التعاون بين السينمائيين والأدباء والروائيين المغاربة في تعزيز الإنتاج السينمائي الوطني. كما أشار إلى غنى الأعمال الأدبية المغربية التي تستحق أن تكون مادة للأفلام على الشاشة الكبيرة.

تحدث لقطع أيضا عن التحديات والفرص المتعلقة بالاقتباس السينمائي للأعمال الأدبية المغربية، موضحا أن كل عملية اقتباس تكون فريدة من نوعها وتتطلب تفكيرا عميقا لنقل جوهر القصص بكفاءة وجعلها قابلة للفهم من قبل الجمهور، وفي سياق تجربته الشخصية في اقتباس رواية “يوم صعب” للأديب المغربي محمد الأشعري، أكد لقطع ضرورة الحفاظ على جوهر العمل الأدبي مع منح مجال للإبداع السينمائي.

في حوارنا معه حول تأثير الأدب على عمله السينمائي يقول المخرج المغربي “الرواية يمكن أن تكون لها تأثير أكبر أو أقل على النهج السردي والجمالي للمخرج، فيما إذا قدمت هذه الرواية رؤية متسقة وربما مبتكرة قادرة على إثراء خيال المخرج. ونادرا ما أجد رواية مغربية تلبي تماما توقعاتي واحتياجاتي، ولكن عندما يحدث ذلك، يجب أن يوافق الروائي أيضا على أن المخرج يمكنه أن يتخذ هذا العمل الأدبي ملكا له حتى تكون لديه الفرصة، وفي الوقت نفسه يظل مخلصا لرسالته، لمنحه الهيكل والشكل الذي يمكنه من خلاله تحقيق إمكانيته ورؤيته بحرية تامة، كما أن ليست هناك وصفة محددة في هذا المجال، عندما أفكر في تكييف رواية”.

◙ أحاول البحث عن الكتابة السينمائية التي يمكنني التعبير عنها بشكل قوي ومؤثر، استنادا إلى قراءتي وتفسيري الخاص
أحاول البحث عن الكتابة السينمائية التي يمكنني التعبير عنها بشكل قوي ومؤثر، استنادا إلى قراءتي وتفسيري الخاص

ويوضح “أحاول البحث عن الكتابة السينمائية التي يمكنها التعبير عنها بشكل قوي ومؤثر، استنادا إلى قراءتي وتفسيري الخاص، واعتمادا على حدسي”.

ويضيف أن تأثير الأدب “يمكن أن يكون غير واضح ويعمل على خيال المخرج بشكل غامض، حيث يندرج بين الأسطر والصور على نحو معين، والروايات التي أثرت في خيالي تشمل تقريبا أعمالا لنجيب محفوظ، ألبرت كامي، سارتر، جون ستاينبك، وويليام فوكنر. لقد فتحوا أمامي آفاقا جديدة وأفقا دون أن يكون التأثير ملموسا”.

كما يعتقد المخرج أن الاقتباس السينمائي يمكن أن يساهم في إثراء تجارب المشاهدين وفهمهم للأعمال السينمائية، ويقول “أنا مقتنع بأن تكييف الروايات يمكن أن يسهم بطريقة ما في إثراء تجربة المخرج، إذا ما قدمت له رؤية وعالمًا يجهلهما، ويمكن في بعض الأحيان أن تدفعه إلى التساؤل حول ممارسته، ومن الضروري في هذا المجال أن يوافق الروائي على أن تتعرض أعماله الأدبية للتكييفات الضرورية للامتثال للقوانين التي تحكم الجانب السمعي البصري للسينما، فكل وسيلة تعبير لها قواعد يجب أن توافق على احترامها مع جرأة على كسرها وتحديها من أجل التقدم”.

ويقول حول مشاركة أمثلة على كيفية ترجمة عناصر أدبية إلى صور سينمائية في أعماله “من الصعب بالنسبة لي أن أقدم إجابة مرضية لأنني لم أتمكن من تكييف سوى رواية واحدة وهي ‘رحيق الصبار’ لجوسيلين لعبي التي طرحت أسئلة أخرى متعلقة بالعلاقة بالواقع التاريخي، نظرًا لأنها تعتبر رواية سيرة ذاتية”.

ويتحدث المخرج عبدالقادر لقطع عن استلهام رموز أدبية أو مواضيع من الأدب في إخراجه لأفلامه، فيقول “بشكل غير مدرك، يخزن كل منا في ذاكرته العديد من العناصر التي تأتي من تفاعله مع الأعمال السردية والأعمال الأخرى التي تثري خياله، ومع ذلك، ليس من الضروري أن يكون إدراكيا ومقصودا لإدراجها في منتجاتنا”.

ويرى لقطع في حواره مع “العرب” أن “في السينما المغربية مثل أي مكان آخر هناك تكييفات للأعمال الروائية والأدبية نجحت وأخرى فشلت، في بعض الأحيان يمنح الفيلم للرواية بعدًا آخر من خلال نهج مبتكر، وفي بعض الأحيان يقلل الفيلم من قيمة الرواية ويضعفها عندما لا يجد المخرج الكتابة القادرة على إبراز عمق عالم الرواية”.

كما ينصح المخرج الرائد الروائيين الشباب بالكتابة الصورية، بالقول “على الشبان أن يكونوا مجهزين بما فيه الكفاية، من خلال مشاهدة العديد من الأفلام والقراءة المستمرة، للعثور على الروايات التي يمكن أن تتناسب مع تطلعاتهم، وليعبّر كل شخص بحرية وفقا لإمكانياته وتطلعاته واحتياجاته”.

أما عن جديد أعماله السينمائية القادمة فيشير المخرج إلى أنه يعمل حاليًا على سيناريو “تدور فكرته في عقلي منذ نحو عشر سنوات. صعوبة هذا المشروع تأتي من حقيقة أن القصة تقع في القرن التاسع عشر، مما يفترض معرفة عميقة بالسياق والجو الذي تعيش فيه الشخصيات”.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تكريم المخرج وكاتب السيناريو المغربي عبدالقادر لقطع (1948) في حفل افتتاح المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، نظرا لتجربته السينمائية الفريدة التي كرّسها لعقود طويلة في خدمة المهمشين ومعالجة قضايا المجتمع المغربي من زوايا غير تقليدية.

أصبح عبدالقادر لقطع مشهورًا في السينما المغربية بفضل فيلمه بعنوان “حب في الدار البيضاء”، الذي حقق نجاحًا كبيرًا ونال إعجاب الجماهير. كان هذا الفيلم جريئا في تناول حقائق المجتمع المغربي وتصويرها بشكل صريح. بالإضافة إلى ذلك، قدم أعمالًا سينمائية أخرى مثل “الباب المسدود” و”بيضاوة” و”نصف سماء”. تتميز أعماله السينمائية عادة بقدرتها على إثارة تساؤلات حول مواضيع متنوعة مثل السلطة والقيم الدينية والسياسية.

15