وزير العدل المغربي يغضب القضاة

عبداللطيف وهبي كثيرا ما يثير الجدل بشأن تصريحاته التي توصف بغير المسؤولة حيث سبق أن أثار غضب المؤسسات السجنية.
الأربعاء 2023/11/01
القضاء خط أحمر

الرباط - خلفت تصريحات وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب وصف فيها الأحكام القضائية في المغرب بالقاسية غضبا واسعا في صفوف القضاة. وقال وهبي “إن الأحكام القضائية في المغرب قاسية، ومن يستحق سنة حبسا يُحكم عليه بخمس سنوات، ومن يستحق عشر سنوات يُحكم عليه بعشرين سنة”.

واستغرب “نادي قضاة المغرب” صدور مثل هذا التصريح “غير المسؤول عن وزير العدل الذي يُفتَرض فيه الالتزام بالتحفظ، فالقضاء مستقلٌّ عن السلطة التنفيذية وليس من اختصاص وزير العدل، باعتباره مسؤولا حكوميا، مراقبة وتقييم الأحكام القضائية الصادرة باسم الملك وطبقا لما يقضي به القانون، ولا حق له في ذلك، طالما أن القانون قد حدد طرق الطعن فيها على سبيل الحصر".

وقال "نادي قضاة المغرب" في بيان إنه "تدارس تصريحات وزير العدل المدلى بها تحت قبة البرلمان"، مستغربا “صدور مثل هذا التصريح غير المسؤول عن وزير العدل الذي يُفتَرض فيه الالتزام بأقصى قواعد المسؤولية المُطَوقةِ بواجب التحفظ واحترام باقي مؤسسات الدولة وسلطاتها، وفي مقدمتها السلطة القضائية".

وأكد البيان على أن "القضاء مستقلٌّ عن السلطة التنفيذية وفقا للفصل 107 من الدستور، وليس من اختصاص وزير العدل، بصفته مسؤولا حكوميا، مراقبة وتقييم الأحكام القضائية الصادرة باسم الملك وطبقا لما يقضي به القانون، ولا حق له في ذلك، طالما أن القانون قد حدد طرق الطعن فيها على سبيل الحصر". واعتبر النادي التصريحات مساسا صريحا وخطيرا بهيبة القضاء وسمعته وسلطته واستقلاله، كما أنها تشكل تطاولا على أحكامه ومقرراته.

رشيد لزرق: المطلوب حاليا المحاسبة لكل من ثبت تورطه بالإخلال بالمسؤولية وارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون
رشيد لزرق: المطلوب حاليا المحاسبة لكل من ثبت تورطه بالإخلال بالمسؤولية وارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون

واعتبر مصدر من نادي القضاة في تصريح لـ"العرب" أن “تصريحات الوزير لا تتماشى مع الجدية التي دعا لها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والتي يجب أن يتحلى بها من يتحمل منصب وزارة العدل التي  لها رمزيتها داخل مؤسسات الدولة”. وأضاف المصدر أن وزير العدل تطغى عليه مسؤوليته الحزبية كرئيس للأصالة والمعاصرة، فيما تقتضي مهمته الحكومية واجب التحفظ  في تصريحات يفهم منها أنها تدخل في استقلالية القضاء.

وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في تصريح لـ"العرب" أن اتجاه وزير العدل باعتباره عضوا ضمن السلطة التنفيذية، إلى نهج سلوك يرمي إلى التأثير على سلطة القضاء، عبر تصريحات تسيء لدولة المؤسسات، يحمل استخفافا بمثل الديمقراطية وسيادة القانون، ويتناقض مع الاحترام الواجب للأحكام الصادرة عنها. وكثيرا ما يثير وهبي الجدل بشأن تصريحاته التي توصف أحيانا بغير المسؤولة، حيث سبق أن أثارت تصريحات له غضب المؤسسات السجنية التي وجه لها انتقادات قاسية وقال إنها تفتقر إلى مناهج إدماج السجناء وإعادة التأهيل.

واعتبر نادي القضاة أن التصريحات من شأنها نسف كل المجهودات المبذولة لإرجاع الثقة في القضاء وأحكامه، لما تَنطوي عليه من اتهامات بإصدار أحكام قاسية، يَدحَضُها الواقع والإحصائيات المتوفرة لدى وزارة العدل نفسها، كما تُكذبها الأسباب الكامنة وراء الرغبة في سن قانون العقوبات البديلة، وهي كثرة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، أي الأحكام غير القاسية.

ودافع وهبي عن رأيه أثناء لقاء نظم بمبادرة من مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة حول موضوع “العقوبات البديلة في عمق ورش إصلاح العدالة”. وقال إن النص التشريعي يسعى لوضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة.

من جهتها أكدت  المنظمة المغربية لحماية المال العام على أن “القضاء مستقلٌّ عن السلطة التنفيذية وفقا للفصل 107 من الدستور، وليس من اختصاص وزير العدل، باعتباره مسؤولا حكوميا وعضوا بالسلطة التنفيذية، مراقبة وتقييم الأحكام القضائية الصادرة باسم الملك وطبقا لما يقضي به القانون، ولا حق له في ذلك، طالما أن القانون قد حدد طرق الطعن فيها وفق المقتضيات القانونية والدستورية”.

ويرى لزرق أن المطلوب حاليا المحاسبة لكل من ثبت تورطه بالإخلال بالمسؤولية وارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون، والذهاب بعيدا في تعزيز استقلالية القضاء وفصل السلطات، واحترام قرينة البراءة والامتناع عن التشهير بالناس، كما يجب أن نترك القانون يأخذ مجراه العادي في ظل قضاء مستقل ومحاكمات عادلة.

وشددت منظمة حماية المال العام على خطورة “التصريحات حيث ظهر الوزير متحمسا ومندفعا ومنفعلا يحاول التأثير والضغط على البرلمانيين لإقناعهم أن الأحكام الصادرة من طرف القضاء قاسية”. واستنكرت المنظمة في بيان تصريحات وزير العدل التي وصفتها بـ"اللامسؤولة وغير المبنية على معطيات وقرائن قانونية ودستورية أو إحصاءات مضبوطة، والتي تفوح منها رائحة الخصومة السياسية باعتباره وزيرا للعدل ورئيس حزب ثم رئيس بلدية".

4