نقابة الأطباء المصرية تختار التقارب مع الحكومة على حساب المعارضة

انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في مصر تنتهي بفوز تيار "المستقبل" القريب من الحكومة.
الثلاثاء 2023/10/17
الأطباء يريدون سلك طريق الحوار مع الحكومة

القاهرة - كشفت نتائج انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في مصر عن فوز تيار “المستقبل” القريب من الحكومة على حساب قائمة “الاستقلال” المحسوبة على المعارضة.

ويعكس فوز تيار المستقبل انتصارا لرؤية تقضي بأهمية وضرورة فتح حوار مع الحكومة لتحسين الوضعين الاجتماعي والمهني للأطباء.

وأعلنت اللجنة العامة للانتخابات، الأحد، عن فوز رئيس قائمة المستقبل أسامة عبدالحي بمنصب نقيب الأطباء بعد أن فشل في انتخابات سابقة جرت منذ عامين، وخاض وقتها منافسة قوية أمام النقيب السابق خيري حسين المحسوب على تيار الاستقلال.

واستمر مرشح تيار الاستقلال في منصبه لمدة أربع سنوات شهدت بعض المناوشات بين النقابة ووزارة الصحة بشأن مشكلات مرتبطة بالأطباء، أبرزها ملف الأجور ووضع حد لهجرة الأطباء وتوفير الحماية من الاعتداءات التي يتعرضون لها.

ناجي الشهابي: الاختيارات السابقة كانت عقابية في بعض الأحيان
ناجي الشهابي: الاختيارات السابقة كانت عقابية في بعض الأحيان

وجاءت الانتخابات في أجواء سادها الترقب بشأن ما يمكن أن تُسفر عنه تطورات الأوضاع السياسية في مصر، وتزامنا مع حالة اقتصادية صعبة تعاني منها البلاد، والحاجة ليكون التفاهم حول المكاسب الشخصية للأطباء البالغ عددهم نحو 300 ألف طبيب، وهو الاتجاه الذي يسود تعاملات المجلس الجديد مع الحكومة.

وبدت هناك رغبة عامة في التغيير بعد أن ظلت النقابة أكثر من عقد تحت هيمنة جهات معارضة مدنية وأخرى محسوبة على الإخوان قبل رحيلهم عن السلطة عام 2013.

ولم ينجح المجلس السابق في تمرير قانون المسؤولية الطبية وكان يعول عليه الأطباء لحمايتهم حال حدوث أخطاء يرون أنها ترجع إلى خلل في المنظومة الطبية برمتها.

كما أن دخول المجلس في صدام مع الحكومة في أثناء انتشار فايروس كورونا لم يحقق نتائج إيجابية ملموسة لجموع الأطباء، الذين يعتقدون أن تبني أحزاب الموالاة قوانين وتشريعات جديدة سوف يساعدهم على تحسين بيئة العمل.

وقال مصدر بقائمة تيار الاستقلال، رفض ذكر اسمه، إن النقابة عانت في العامين الماضيين من حالة ترهل جراء الانقسامات التي تعرض لها تيار الاستقلال وأدى إلى انسحاب عدة قيادات فاعلة نسجت علاقات جيدة مع الحكومة، منهم النقيب الحالي أسامة عبدالحي، ما تسبب في غياب العمل الجماعي وتراكم مشكلات الأعضاء وعدم وجود أنشطة تسهم في ربط الأعضاء بنقابتهم.

وأوضح المصدر في تصريحات لـ”العرب” أن نتائج انتخابات النقابة لا تعبر عن الموقف العام لأعضائها بتأييد الحكومة أو معارضتها، ومن شاركوا في الانتخابات الحالية لا يمثلون سوى 9 في المئة من أعضاء النقابة المسجلين في الكشوف ممن لديهم حق التصويت، والحضور الأكبر ظهر في النقابات الفرعية التي تعتمد على مجاملات شخصية وليس برامج انتخابية.

وأشار المصدر ذاته، وهو أحد المرشحين الذين لم يحصلوا على الأصوات اللازمة للفوز بعضوية مجلس النقابة، إلى أن الحكومة لم تقدم التعاون المطلوب لتحسين أوضاع الأطباء في ظل وجود المجلس السابق مع نشوب أكثر من صدام أثر على العلاقة معها، ووجد الأطباء من الأفضل الاعتماد على فلسفة التواصل مع الحكومة، ولم يكن ذلك يحظى بإجماع كامل، وهو ما كشفت عنه النتائج المتقاربة بين المرشحين.

وفاز النقيب أسامة عبدالحي بعدد أصوات بلغ 8992 من إجمالي 22 ألف طبيب شاركوا في الانتخابات، وتوزعت الأصوات الأخرى على ثمانية مرشحين كانوا يتنافسون معه، على رأسهم إيهاب الطاهر المحسوب على تيار الاستقلال.

ولدى قطاع واسع من الأطباء قناعة بأن نقابتهم لم تجد التعامل مع أزمات نقص الأطباء وافتقرت الدور الفاعل في القرارات التي اتخذتها الحكومة بزيادة أعداد خريجي كليات الطب، وفشلت في التفاوض معها في هذه الملفات وأخفقت في عقد أي جمعية عمومية للنقاش حول القضايا المثارة التي ترتبط بمهنة الطب.

وانتظر مراقبون ما تسفر عنه انتخابات نقابة الأطباء بعد أن شهدت نقابة الصحافيين فوزا لنقيب محسوب على المعارضة، وما شهدته نقابة المهندسين من أحداث انتهت بتجديد الثقة في النقيب المنتمي إلى تيار الاستقلال المعارض طارق النبراوي.

عدم قدرة النقابات المهنية على تمرير رؤيتها في الكثير من الملفات التي اصطدمت بموقف حكومي رافض قاد إلى انتخاب شخصيات قريبة منها

ويرى المراقبون أن عدم قدرة النقابات المهنية على تمرير رؤيتها في الكثير من الملفات التي اصطدمت بموقف حكومي رافض مثل أزمة الفاتورة الإلكترونية قاد إلى انتخاب شخصيات قريبة منها، ما يسهل عملية الحصول على المكاسب المادية.

ومضت توجهات نقيبي الصحافيين والمهندسين باتجاه مهادنة الحكومة وليس التصادم معها، بما أسهم في أن يكون اختيار نقيب معارض لا يتصدر أولويات الأطباء.

وأكد رئيس حزب الجيل الديمقراطي القريب من الحكومة ناجي الشهابي أن إتاحة هامش من الانفتاح في المجال العام وترك مساحات حركة أمام الأحزاب ساعدا في أن تصبح اتجاهات الأطباء هادئة وبلا تشنج لدعم المعارضة، وأن الاختيارات السابقة كانت عقابية في بعض الأحيان، لكن الوضع اختلف مع تصاعد أهمية القيام بالأدوار النقابية الخدمية وليست السياسية، والتي طغت على مهام النقابات خلال الفترة التي تمكنت فيها جماعة الإخوان من السيطرة على غالبية النقابات.

وأضاف الشهابي في تصريح لـ”العرب” أن الأطباء لديهم رغبة في تعديل قانون نقابتهم بما يساعد على زيادة مواردها، ويتطلب ذلك علاقة قوية مع أحزاب الموالاة لتمريرها، كما أن الفترة المقبلة قد تتجه فيها الحكومة نحو تحسين أوضاع الأطباء وتكون الأجور قريبة من أقرانهم في دول أخرى.

وكانت نقابة الأطباء على رأس الأذرع التي وظفها تنظيم الإخوان لتحقيق أهداف سياسية في الداخل والخارج من خلال قوافل اتحاد الأطباء العرب الذي يسيطر عليه أعضاء من مجلس النقابة في مصر، ما يجعل انتخاباتها تحظى بأهمية سياسية مع استمرار بقاء التنظيم محظورا وفي ظل حالة القلق التي تنتاب أجهزة حكومية كلما كانت هناك ثغرة يمكن أن ينفذ من خلالها التنظيم للعودة إلى العمل العام.

2